“لف الورق”.. فن يكسر عزلة طالبات سوريات في تركيا

camera iconلوحة من الورق لآية الحاج محمد (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

 بتول محمد

وجدت فاطمة في الحجر المنزلي فرصة لن تعوض، ومتسعًا كافيًا من الوقت لممارسة هوايتها، عبر التغني بتفاصيل نسج الأشرطة الورقية الملونة، مشكلة منها لوحة من صنعها الخاص.

تقول فاطمة بيلوني، وهي طالبة سورية في تركيا، إنها لطالما شعرت بالفضول تجاه هذا الفن، ودائمًا ما كانت تشعر أن اللوحات المصنوعة من الورق تجسد إبداعًا يستحق التأمل، ولكن لم يخطر ببالها أنها يومًا ما ستمتلك وقتًا كافيًا لتعلمه، والبدء بتشكيل لوحاتها في منزلها الصغير في ولاية سامسون التركية.

روتين جديد في الحجر المنزلي

فرض الحجر المنزلي المتبع في دول كثيرة حول العالم، خوفًا من تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) على الناس روتينًا جديدًا، وذلك دفع بالبعض إلى ممارسة أنشطة مختلفة، كالعمل اليدوي بهدف تقوية تركيز الدماغ، أو التأمل، أو التمارين الرياضية المنزلية، وهذا ما فتح الطريق لاكتشاف مهارات ومواهب جديدة.

فاطمة تدرس في كلية الطب بجامعة “Ondokuz Mayıs Üniversitesi” في مدينة سامسون شمالي تركيا، ومع توقف دوام الجامعات منذ نحو شهر، بدأت بترتيب برنامجها اليومي وأولوياتها، وشرعت في خطوات جديدة في حياتها.

“أولى خطواتي في فن لف الورق هي الأصعب، فهو بحاجة للإرادة والعزيمة والرغبة القوية في الاستفادة من كم الوقت الذي نملكه هذه الفترة” تقول لعنب بلدي، مستعرضة بعضًا من لوحاتها المنجزة مؤخرًا.

آية الحاج محمد، طالبة بكلية الصحة في الجامعة ذاتها، تتحدث أيضًا لعنب بلدي عن تجربتها في تعلم فن لف الورق منذ بداية الحجر المنزلي بعد إغلاق الجامعات، وبدء نظام التعليم عن بعد.

“رغبتي بالاستفادة من ساعات الجلوس الطويلة في المنزل دفعتني للبدء بتعلم هذا الفن”، فبعد مغادرتها سكنها الجامعي والعودة إلى منزلها في ولاية مرسين التركية، شعرت بطول النهار، ما خلق رغبة داخلها للتعمق بالفن الذي جذبها سابقًا، وخصصت يوميًا ثلاث ساعات لتقضيها برفقة الورق الملون ومتابعة مقاطع الفيديو عبر “يوتيوب” للتعلم.

لوحة من الورق لآية الحاج محمد (عنب بلدي)

بلا زمان أو مكان

كما غزل الخيوط، يُشبَك الورق الملون، وفق مراحل يزيد إبداعها بزيادة خبرة الشخص، لينتج بذلك لوحات مختلفة، تجسد فن لف الورق.

من غير المعروف على وجه الدقة متى وكيف بدأ هذا الفن، لكن بعض المؤرخين والباحثين يقولون إنه بدأ في أوروبا، ويعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، والبعض يقول إنه نشأ في شرق قارة آسيا، وتحديدًا في الصين قبل 200 عام.

ولف الورق هو عبارة عن فن ترتيب شرائط ورقية ملونة وثنيها إلى شرائح صغيرة لإنشاء أعمال فنية تحمل رسالة معبرة، باستخدام أدوات بسيطة، من أوراق ملونة، وصمغ، وورق كرتون مقوى لصنع اللوحة عليه.

صنع الأفكار

تقول آية إن فن لف الورق والمعروف باسم “الكويلينغ” يشبه بأساسياته بقية الفنون المتنوعة كالرسم مثلًا، فهو بحاجة للتركيز وفهم تناسق الألوان وحس الذوق، إضافة للإبداع في خلق أفكار جديدة في كل لوحة، ولكنه في ذات الوقت ممتع وسهل بعد اتخاذ الخطوة الأولى.

ومع عدم خروجها من المنزل للاستمتاع بالطبيعة واستلهام الأفكار منها، باتت تعتمد على التغذية البصرية عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، لتلاحظ أن هذا الفن لا يزال محدود الانتشار وشعبيته قليلة جدًا، ومحصورة بعدد قليل من الهواة.

وتتابع، “بدأت بصنع لوحات بسيطة وسهلة وبمعظمها تقليد لما أراه، إلا أنني كنت دائمًا حريصة على إضافة تفاصيل خاصة تعبر عن ذوقي لأصنع بصمتي المميزة في كل لوحة، وأرى أنني مع التدريب والممارسة المستمرة سأحترف هذا الفن الرائع”.

لوحة من الورقة لآية الحاج محمد (عنب بلدي)

لوحة من الورق لآية الحاج محمد (عنب بلدي)

ما بعد الاحتراف

تفكر فاطمة بعد التمكن من هذا الفن بإنشاء صفحتها الخاصة على موقع “إنستغرام” لعرض أعمالها، وتتوقع أن تستقطب هذه الصفحة عددًا كبيرًا من الأشخاص المهتمين بالفن عمومًا، وفن لف الورق على وجه الخصوص، إضافة لرغبتها بجعل صفحتها مُلهمة لكثير من الناس.

بينما تكتفي آية بمشاركة أعمالها مع صديقاتها عبر حسابها الشخصي على “إنستغرام”، وأحيانًا عبر رسائل “واتساب” مع عائلتها وصديقاتها المقربات، رغبة في سماع آرائهم والحصول على دعمهم لها في طريقها لاحتراف هذا الفن كهواية تستمتع بها وتأمل احترافها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة