المناطق الحرة..

استثمارات جديدة تثبت الوجود الإيراني في سوريا وتجني المكاسب

camera iconالمنطقة الحرة في عدرا.

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ميس شتيان

مع تزايد الوجود الإيراني في سوريا، مُنحت شركات إيرانية حق الاستثمار في مناطق حرة سورية، في وقت عبّرت طهران عن رغبتها في مثل هذه الاستثمارات، خاصة عند الدخول بمرحلة إعادة الإعمار.

لا تتوقف إيران عن سعيها إلى تثبيت وجودها في سوريا من خلال نشر الميليشيات التابعة لها لتكون رديفًا وداعمًا أساسيًا للنظام السوري في عملياته العسكرية، أو من خلال الدخول بمشاريع استثمارية حيوية طويلة الأجل في سوريا.

وشهدت العلاقات بين النظام السوري وحليفه الإيراني توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية واسعة خلال تسع سنوات.

نائب رئيس غرفة التجارة السورية- الإيرانية المشتركة، فهد درويش، أعلن بداية شباط الماضي، عن الانتهاء من تجهيز المركز الإيراني في المنطقة الحرة بدمشق، لاستقبال البضائع الإيرانية وتوزيعها في سوريا ودول الجوار، مرجحًا أن يبدأ عمله خلال ثلاثة أشهر.

وأعلن عن إنشاء منطقتين حرتين مشتركتين بين سوريا وإيران في حسياء بحمص واللاذقية، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية.

وبعد زيارة وفد إيراني إلى سوريا، أعلن رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وسوريا، كيوان كاشفي، في كانون الثاني 2019، عن إنشاء مرکز تجاري للإيرانيين في المنطقة الحرة بدمشق في المستقبل القريب، وفق ما نقلته وكالة “إسنا“.

وقال كاشفي إنه “بعد إرساء الأمن في سوريا توفرت أرضیة خصبة للناشطين في القطاع العام الإيراني، للمشارکة في إعادة إعمار وسد حاجات سوريا، ويجب علينا اغتنام هذه الفرصة”.

وأضاف أن “هناك رغبة کبيرة لدی الحکومة والقطاع الخاص في سوريا لتعزيز مستوی العلاقات الاقتصادية مع إيران”.

ويخضع النظام السوري السوري لسلسلة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية بسبب الانتهاكات المرتكبة بحق السوريين خال سنوات الحرب. كما تخضع إيران لسلة عقوبات أمريكية بسبب برنامجها النووري ودعم ميليشيات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني ودعم النظام السوري.

فكيف تستفيد إيران من الاستثمار في المناطق الحرة السورية، وهل تعود هذه الاستثمارات بالنفع على النظام السوري؟

امتيازات وسوق لتصريف المنتجات

وزير المالية والاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي إن الاستثمارات الإيرانية في المناطق الحرة تجعلها قريبة من سوق تصريف منتجاتها في سوريا، ما يخفض تكاليف النقل والإنتاج.

وتستفيد تلك الاستثمارات من انخفاض أجور اليد العاملة السورية، كما أنها تتمتع بامتيازات الاستثمار في المناطق الحرة مثل إلغاء الرسوم الجمركية على منتجاتها.

وستتركز معظم الاستثمارات على الصناعات المتعلقة بإعادة الإعمار، مثل مواد البناء، وفي حال بدأت إعادة الإعمار في سوريا، تكون المواد التي أنتجتها المصانع الإيرانية، متاحة وقريبة من سوق التصريف، وذات تكلفة منخفضة.

وبالتالي، سيغرق السوق السوري بالبضائع الإيرانية، بحسب المصري، لتنافس تلك البضائع مثيلاتها السورية، وخاصة أن البضائع المنتجة في المناطق الحرة السورية، أو المستوردة وفق اتفاقية التجارة الحرة مع إيران، تتمع بإعفاء جمركي يصل في بعض الأحيان إلى 100%.

كما ستنافس المنتجات الإيرانية مثيلاتها من المنتجات المستوردة مثل الصينية، وستكون فرص دخول الشركات الأجنبية الأخرى أو المحلية في المناطق الحرة محدودة بشكل كبير.

إيران تسعى لتثبيت بقائها وتعويض خسائرها

أشار المصري إلى أن إيران تسعى بطرق مختلفة وملتوية لتثبيت وجودها في سوريا حتى بعد سقوط بشار الأسد، من خلال الشركات والمصانع والاستثمارات الخاصة في المناطق الحرة أو غيرها من المشاريع في سوريا، لتعوض الخسائر التي تدفعها في الحرب السورية.

وأيد المصري تقارير إعلامية تفيد بأن عددًا كبيرًا من الشركات التجارية الإيرانية هي على ارتباط وثيق بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وتُستخدم كواجهة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها، في آذار 2019، فرض عقوبات على مجموعة من الأفراد والشركات، تقول إنهم شكلوا شبكة دولية للمساعدة في جمع ملايين الدولارات لتمويل عمليات مرتبطة بـ”الحرس الثوري” الإيراني.

وتستخدم هذه الشبكة كلًا من الإمارات وتركيا كواجهتين لتسهيل هذه العمليات، وفيما يلي نستعرض هذه الشركات بالتفاصيل، وفقًا لبيان الوزارة الذي وصل إلى موقع “CNN“.

ومن هذه الشركات “بنك الأنصار”، و”آية الله إبراهيمي”، و”أنصار للصرافة”، و”سكن للتجارة العامة، و”رضا سكن”، و”سليمان ساكان”، و”أطلس دوفيز للتجارة”.

وحول خسائر ومكاسب إيران في سوريا، ذكر تقرير لموقع “الحرة” الأمريكي أن إيران أنفقت خلال سنوات الحرب في سوريا حوالي 48 مليار دولار أمريكي.

في المقابل، تأثر الميزان التجاري الإيراني بشكل إيجابي بالعلاقات التجارية مع سوريا خلال فترة الحرب، وارتفعت قيمة التجارة الإيرانية من 361 مليون دولار في عام 2011 إلى حوالي 869 مليون دولار في 2017.

عقود إذعان.. النظام السوري هو الحلقة الأضعف

وزير المالية والاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال فيما يخص العقود التجارية الموقعة مع إيران، إن النظام السوري هو الحلقة الأضعف، ولا يملك خيار القبول والرفض، وهو يمنح إيران امتيازات ليضمن مساندتها لبقاء سلطته، وتمتاز العقود التي وقعها مع الشركات الإيرانية كما الروسية بأنها عقود إذعان.

ويعرف عقد الإذعان بأنه “عقد ينفرد بصياغة شروطه وبنوده أحد المتعاقدين ولا يملك الطرف الآخر إلا قبوله جملة أو رفضه جملة دون مناقشة أو مفاوضة، وهو في الغالب لا يستطيع عدم قبول هذه الشروط، نظرًا لحاجته الملحة والضرورية لهذه السلع والخدمات التي لا يمكنه الاستغناء عنها”.

وأضاف المصري أن كلًا من إيران وروسيا ستهيمنان على الاستثمارات في سوريا على المدى البعيد، من خلال الدخول في مشاريع بنى تحتية وعقود طويلة الأجل يصل بعضها إلى 50 عامًا، مثل عقود الفوسفات والكهرباء والموانئ والطرق والجسور.

استثمارات أخرى لإيران في سوريا

أبرمت سوريا وإيران اتفاقية تجارة حرة في شباط 2012، تضمن تخفيض الرسوم الجمركية إلى نسبة 4%، على السلع المتداولة بين البلدين، وإلغاء جميع القيود الكمية، وإجراءات الحظر على الواردات ذات الأثر المماثل.

في أيار 2015، وقّع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قانونًا يقضي بالتصديق على اتفاقية خط تسهيل ائتماني قيمته مليار دولار من إيران.

وفي كانون الثاني 2019، وقّع رئيس مجلس الوزراء، عماد خميس، مع النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية، إسحاق جهانغيري، 11 اتفاقية بمجالات مختلفة، شملت مجالات السكك الحديدية والإسكان والأشغال العامة والجيوماتيك والاستثمار ومكافحة غسيل الأموال والتعاون الثقافي والتعليمي، إضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون السينمائي بين المؤسسة العامة للسينما في سوريا والمنظمة السينمائية السمعية والبصرية في إيران، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأُسست “الغرفة التحارية السورية- الإيرانية المشتركة”، التي ترعى الاتفاقيات التجارية بين إيران وحكومة النظام، في كانون الثاني 2019.

وأبرمت الغرفة عقدًا مع شركة إيرانية لتصدير زيت الزيتون السوري إلى إيران، بكمية قد تصل إلى خمسة آلاف طن سنويًا.

وكشف نائب رئيس “الغرفة السورية- الإيرانية المشتركة”، فهد درويش، لصحيفة “الوطن”، عن مباحثات لتوقيع عقود مع شركات إيرانية لتصدير صابون الغار السوري، إضافة إلى دراسة توقيع عقود لتصدير خيوط من مؤسسة النسيج التابعة لوزارة الصناعة إلى إيران، بكميات سنوية قد تصل إلى عشرة آلاف طن.

وزير الطاقة الإيراني، رضا أردكانيان، أعلن في تشرين الأول 2019، أن إيران تبني حاليًا محطة لتوليد الكهرباء في محافظة اللاذقية بطاقة 540 ميغاواطًا، بحسب وكالة “فارس“.

محافظ المصرف المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، أعلن في الشهر ذاته، عن توقيع اتفاقية بين إيران و سوريا على إنشاء بنك مشترك بين البلدين يكون مقره بالعاصمة دمشق، وفق ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.

ما المناطق الحرة وما امتيازاتها

المنطقة الحرة هي أحد الأنماط الاستثمارية المتميزة، وتتيح تأسيس وإقامة وتشغيل مشاريع فيها، تحت أحكام قانون الاستثمار في البلد، وهي جزء من أراضي الدولة، يدخل ضمن حدودها السياسية ويخضع لسلطتها الإدارية، وتختلف أوجه التعامل الخاصة بحركة البضائع دخولًا إليها وخروجًا منها جمركيًا واستيراديًا ونقديًا إلى غيرها من أوجه التعامل عن الإجراءات المطبقة داخل البلاد على مثل هذه المعاملات.

وتتضمن المنطقة الحرة مجموعة الإعفاءات والامتيازات والضمانات، أهمها إعفاء الأصول الرأسمالية للمشروع ومستلزمات الإنتاج وإعفاء واردات وصادرات المشروع من الضرائب والرسوم الجمركية.

كما تتضمن إعفاء كامل المكونات المحلية من الرسوم الجمركية في حالة البيع للسوق المحلي، وإعفاء السلع الواردة ضمن تجارة الترانزيت محددة الوجهة من رسم المنطقة الحرة فور ورودها، وضمان عدم تأميم أو مصادرة المشروع، و عدم رفع الدعاوى العمومية على المشروع إلا بعد موافقة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

ويمنح المستثمرون الأجانب تسهيلات للإقامـة داخل البلاد، عن طريق منحهم تصاريح إقامة بناء على طلبهم.

المناطق الحرة في سوريا

تشرف “المؤسسة العامة للمناطق الحرة” على تسع مناطق حرة في سوريا هي: المنطقة الحرة في عدرا، المنطقة الحرة في طرطوس، المنطقة الحرة في دمشق، المنطقة الحرة في حلب، المنطقة الحرة في حسياء، المنطقة الحرة في اليعربية، المنطقة الحرة في المطار، المنطقة الحرة المرفئية في اللاذقية، المنطقة الحرة الداخلية في اللاذقية، وذلك وفق تصنيف “الهيئة السورية للاستثمار“.

وتتولى “المؤسسة العامة للمناطق الحرة” إدارة واستثمار المناطق الحرة وتنسيق فعالياتها ومعالجة مشكلاتها، وإحداث المستودعات والمخازن اللازمة وتطويرها، واقتراح مشاريع إنشاء المناطق الحرة أو إلغائها.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة