أربعة مفاصل للحياة مهددة بانقطاع المحروقات في إدلب
إدلب – يوسف غريبي
ارتفعت أسعار المحروقات في إدلب بسبب ندرتها التي تهدد بعض أكثر القطاعات ضرورة وأهمية في شمال غربي سوريا، ليبدأ دق نواقيس الخطر وتصاعد نداءات الدعم.
شدّ بيان مديرية صحة إدلب، في 28 من تشرين الثاني الماضي، الانتباه إلى حجم أزمة المحروقات التي تواجهها المنطقة، مع ذكره أن عشرات المشافي والمنشآت الصحية مهددة بالإغلاق والتوقف عن تقديم خدماتها نتيجة غياب الوقود المطلوب لتشغيل المولدات الكهربائية.
المنسق العام لمنظومة الإسعاف التابعة لمنظمة “شام الإنسانية”، والذي يعرف باسم “أبو الوليد سلمو”، قال لعنب بلدي، إن انقطاع الوقود سبب تراجع الخدمات الإسعافية التي تقدمها المنظمة بالتعاون مع مديرية الصحة، لتهتم بالأكثر خطورة وتترك ما دون ذلك، مشيرًا إلى أن المسعفين يحاولون تدبير ما أمكن من الوقود من معارفهم وبتكلفة عالية.
وبينما لم تقطع منظمة “الدفاع المدني” خدماتها الإسعافية واستجابتها الطارئة في الأماكن المتعرضة للقصف، حدت من الاستجابات الخدمية وما تصفه بـ”الإسعافات الباردة” في المناطق الهادئة، حسبما قال مدير مديرية الدفاع المدني في إدلب، مصطفى حاج يوسف.
وأضاف حاج يوسف، في حديثه إلى عنب بلدي، أن المنظمة تتبع خطة للطورائ لتحديد الأولويات وضمان عدم انقطاع الخدمات الأساسية عن أهالي المنطقة، من عمليات البحث والإنقاذ والإسعاف، مع تجهزها لاحتمال انقطاع المازوت أو قلته من الأسواق.
الأفران.. ارتفاع “معقد” لأسعار الخبز
تسبب ارتفاع تكلفة برميل المازوت الواحد من 70 ألف ليرة سورية إلى 150 ألفًا، برفع سعر ربطة الخبز من 200 ليرة إلى 250 بوزن 750 غرامًا من تسعة أرغفة، حسبما قال مدير فرن “شمس المدينة” في إدلب محمود شقيفة، لعنب بلدي، مضيفًا أن ذلك السعر لم يكن مرهونًا بغياب مادة الوقود وحدها، ولكنه تزامن مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية وارتفاع سعر الطحين.
وقال محمود إن الأفران تحصل على حصتها من الوقود عن طريق مديرية الأفران، ولكن الكميات التي تقدم لها لمدة أسبوع لا تكفي لسد حاجتها سوى ليومين أو ثلاثة أيام عمل، إذ يحتاج الفرن لـ800 لتر يوميًا، لذا يضطر العاملون بالأفران لشراء حاجاتهم من السوق الحرة بـ”السعر الذي يحدده التاجر”.
آخر الحلول للتدفئة
تحولت المحروقات إلى آخر وسائل التدفئة المطروحة بالنسبة لسكان إدلب المنهكين من أعوام الحرب التسعة الطوال، ومن القصف المستمر وارتفاع الأسعار.
ويعد استخدام مدفأة المازوت في البيوت أمرًا “مستحيلًا”، بحسب تعبير النازح قصي خطيب، مشيرًا إلى سعر المحروقات المرتفع، الذي ترافق مع غلاء عام بالأسعار وانخفاض قيمة العملة السورية.
يبحث قصي في خياراته، منتظرًا قدوم طفله الجديد خلال شهور الشتاء الباردة، ليجد مادة “البيرين” الحل الأنسب للحصول على الدفء، وهي المستخلصة من بقايا الزيتون المعصور، أشهر المحاصيل في إدلب وأكثرها توفرًا، قائلًا لعنب بلدي، إن سعر المادة مقبول، مقارنة بالوقود، وليست لها رائحة سيئة ولا انبعاثات مضرة، مقارنة بالحطب.
الإنترنت.. أسعار وتحديات جديدة
يصل أثر ارتفاع ثمن المحروقات إلى رفع أسعار باقات الإنترنت واشتراكاتها، حسبما قال مدير شبكة للإنترنت في إدلب عبد الكريم القادري، لعنب بلدي، إذ تعتمد أغلب أبراج الإنترنت على الطاقة الشمسية في شحنها للبطاريات، وهو ما يعني اتجاهها لمصادر الوقود لتأمين الطاقة في الشتاء.
وكانت شبكات الإنترنت المحلية قد عممت أسعارًا جديدة لباقاتها، تبدأ مع بداية كانون الأول الحالي، محددة إياها بالدولار، “كونها العملة التي يستخدمها أصحاب الخطوط الرئيسة لاستجرار الإنترنت ودفع فواتيرها”، بعدما كانت تتعامل مع الزبائن بالعملة السورية، وهو ما زاد على ارتفاع الأسعار نتيجة انخفاض قيمة الليرة “الحاد” مؤخرًا.
أسباب وبدائل موعودة
عزت “وزارة الاقتصاد” التابعة لـ”حكومة الإنقاذ”، في مؤتمر صحفي أقامته، في 3 من كانون الأول الحالي، سبب أزمة المحروقات إلى العملية العسكرية التي شنها الجيش التركي مع فصائل “الجيش الوطني” السوري التابع لـ”الحكومة المؤقتة” على مناطق شمال شرقي سوريا، في 9 من تشرين الأول الماضي، والتي سببت إغلاق الطرقات بين مدينتي منبج واعزاز التي كان يمر عبرها الوقود إلى إدلب.
ونقلت وكالة “إباء” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” عن وزير الاقتصاد، المهندس محمد طه الأحمد، قوله إن “الحكومة” سعت لتأمين الوقود البديل من دول الجوار.
وبدوره قال مسؤول المكتب الإعلامي في “حكومة الإنقاذ”، صفوان الأحمد، لعنب بلدي، إن شركة “وتد”، التي تعتبر المورد الحصري للمحروقات في إدلب، تعمل على تأمين كميات المازوت والبنزين من طرق استيراد جديدة، مع التفاتها إلى الاستيراد من العراق في حال لم تؤمّن الكميات اللازمة.
وكان أهالي إدلب قد خرجوا بمظاهرات منددة بارتفاع الأسعار الذي ازداد منذ بداية تشرين الثاني الماضي، بحجة فقد الوقود، وانتقدوا سلطة “الأمر الواقع” التي تمثلها “الإنقاذ” والتي وصفوها بـ”الضعف والعجز” عن تأمين الخدمات اللازمة للمحافظة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :