فيلم “الارتجاج”.. العلم في مواجهة منظومة العنصرية والرياضة

tag icon ع ع ع

جسّد فيلم “Concussion” (الارتجاج) عام 2015، قصة الطبيب الأمريكي ذي الأصول النيجيرية، اومالو بينيت، الذي اكتشف أن مرض التهاب الدماغ (CTE)، الناتج عن ارتجاج المخ، كان السبب وراء وفاة عدد من لاعبي كرة القدم الأمريكية، الذين يتعرضون لصدمات رأس بشكل متكرر ومستمر في المباريات.

ولعب دور الطبيب بينيت، في الفيلم، الممثل الأمريكي ويل سميث، الذي هو أصلًا من عشاق كرة القدم الأمريكية ومشجع لها، كما أن ابنه مارسها فعليًا لمدة أربعة أعوام.

مرض التهاب الدماغ المزمن ((CTE

يكشف الفيلم في تصاعد أحداثه الدرامية، عن حالات لاعبين ترددوا على الطبيب بينيت لمعاناتهم من اضطراب اكتئابي ونفسي ومن فقدان الذاكرة، ولكن الفحوصات الطبية لم تظهر أي ضرر في أدمغتهم.

أبحاث بينيت، التي أجراها على أدمغة جثث اللاعبين، كشفت أنها كانت تتسم بنسبة عالية من البروتينات، التي تتسرب من شرايين الدم بسبب صدمات الرأس المتكررة، ما يؤدي إلى شلل المخ.

وهذه هي أعراض المرض، الذي عادة ما يصاب به رياضيون يمارسون الملاكمة والمصارعة وهوكي الجليد، والذي لا يمكن تشخيصه إلا بعد وفاة المريض واستئصال عينة من مخه لدراستها.

الاكتشاف العلمي أم الدوري الوطني (NFL)

شهد الفيلم حالة من الصراع المستمر بين منظمي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، التي تعتبر اللعبة الأكثر جماهيرية في أمريكا، والطبيب بينيت، الذي حارب من أجل إيصال نتائج بحثه للسلطات المعنية، وحثهم على القيام بالخطوات اللازمة لإيقاف اللعبة، مبررًا ذلك بقوله “الناس تستمر بالموت”.

موّل الطبيب البحث على نفقته الخاصة، إلا أن اصحاب القرار كان لهم رأي مغاير، فتم اتهامه بتزوير الحقائق والتشكيك بمهنيته، والوصول إلى تهديده بالقتل.

لم يقف الأمر عند ذلك الحد من العدائية، وتعداه إلى أصدقاء الطبيب بينيت المقربين، من محبي اللعبة، وفي مشهد يصف حالة الإدمان على كرة القدم الأمريكية، يعبر مدير المستشفى لبينيت عن أهمية اللعبة في أمريكا بقوله إن “يوم الأحد كانت تملكه الكنيسة، أما الآن فهو ملك الدوري الوطني لكرة القدم”.

تناقضات نفسية وعنصرية لونية

من المفارقات أن ويل سميث هو متابع ومغرم بكرة القدم الأمريكية، بالإضافة إلى لعب ابنه ” تراي” لهذه اللعبة لأربع سنوات، وهذا ما شكل حالة من التناقض والصراع النفسي لدى الممثل، لكن جودة النص وتأثره بقصة الطبيب، أجبرته على احترام العمل والقبول به.

وقال سميث، “عندما كان ابني يمارس اللعبة كنت قلقًا عليه من إصابة في عموده الفقري أو كسر عظامه، ولم تكن لدي أي فكرة أن صدمات الرأس التكرارية في كرة القدم الأمريكية قد تؤدي إلى ضرر دماغ”.

واعتبر سميث شخصية الطبيب ذي البشرة السمراء نادرة من نوعها، لأنه كان قد هاجر من النرويج إلى أمريكا التي يراها بعد “الجنة مباشرة”، وعانى، برغم إنجازاته العميقة واكتشافات أبحاثه في الطب، من كل أنواع العنصرية في أمريكا، فقط بسبب لون بشرته، متهمين إياه بالتبجح والتطاول على لعبة أمريكا الشعبية.

ضوء على الحقيقة

وزعت شركة “سوني” المنتجة للفيلم تذاكر السينما بالمجان للاعبي كرة القدم الأمريكية وأفراد عائلاتهم، كنوع من التشجيع لحضور الفيلم، وبرر منتج الفيلم، ريدلي سكوت، تسهيل حضور اللاعبين بأنه عمل يستهدفهم، ومن أجل ذلك لا بد أن يروه.

وقال المنتج في بيان صحفي، إن ويل سميث قدم في الفيلم واحدًا من أجمل أدواره مجسدًا شخصية الطبيب بينيت، الذي ألقى الضوء على الحقيقة، وكان كل شيء ضده، لكنه وقف إلى جانب الحق، والآن يتحدث الجميع عن إنجازاته.

حصل فيلم “الارتجاج” لمخرجه، بيتر لانديسمان، ونجمه ويل سميث، على تقييم 7.1 بحسب “IMDb”، ولم يرشح سميث لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل، بسنة عرض الفيلم، بالرغم من نجاحه بشكل مبهر في تقديم الشخصية.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة