جرائم حماة تعود إلى الواجهة.. المحضر “ضد مجهول”

مواطنون يمشون في شارع بمدينة حماة السورية - 15 تشرين الأول 2018 (سبوتنيك)

camera iconمواطنون يمشون في شارع بمدينة حماة السورية - 15 تشرين الأول 2018 (سبوتنيك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حماة

على وسائل التواصل الاجتماعي، يبدي أهالي حماة يوميًا قلقهم من الوضع الأمني الذي تشهده المدينة، يشيرون إلى محاسبة المسؤولين وتقصير الجهات المعنية دون تحديد أسماء بعينها، ويسردون حوادث لسرقات وقتل وخطف يعيدون تذكرها عند كل حادثة جديدة، خاصة أن جناتها ما زالوا يعيشون حياتهم الاعتيادية في المدينة، فـ”الضبوط أقفلت، والجاني مجهول”.

أحدث تلك الحوادث كانت جريمة قتل الشقيقتين هند ونعمت حمد، اللتين وجدتا “مذبوحتين” في شقتهما، صباح الاثنين 27 من تشرين الأول الماضي.

فرع شرطة الحميدية وفرع الأمن الجنائي بحماة قالا إن القاتل تربطه علاقة قرابة بالضحيتين، إذ قدم إلى منزلهما الكائن في منطقة الحاضر (شرقي المدينة)، بالقرب من المجمع الطبي، بحجة شراء جهاز كهربائي، وأحضر معه علب عصير ممزوجة بمادة منومة أعطاها لهما.

وبعد تأكده من نومهما اتصل بشريكه وطلب منه الحضور لتنفيذ الجريمة، وقاما مشتركين بطعنهما عدة طعنات قاتلة ثم سرقا مصاغهما الذهبي، ومبلغًا يزيد على ثلاثة ملايين ليرة سورية.

الشرطة استطاعت استرداد 200 ألف ليرة فقط من المبلغ الذي تمت سرقته، من أحد الجناة الذي ألقت القبض عليه، واعترف أن قتل الضحيتين وقع لخوفه من أن يفتضح أمره.

أثارت الحادثة مخاوف أهالي المدينة الذين دعا بعضهم إلى القصاص من الجناة بإعدامهم في ساحة العاصي بمركز المدينة “ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم”، بحسب ما نقلته صفحات محلية على موقع “فيس بوك”.

المخاوف تحيط بأهالي المدينة

في الشهر ذاته شهدت المدينة حادثتي قتل، حصلت إحداهما في حي الأندلس بالقرب من دار المسنين، على خلفية مشادة كلامية بين شبان في إحدى مركبات النقل الداخلي للمدينة، لكن الأمر تطور إلى شجار عقب نزولهما من المركبة، وانتهى بطعن شاب فارق الحياة على الفور.

عنب بلدي تواصلت مع عدد من المصادر في مدينة حماة، وأفادوا أن حوادث القتل أثارت مخاوف الأهالي، الذين باتوا يتحسبون من تكرارها.

وقالت طالبة في كلية الهندسة المعمارية (طلبت عدم الكشف عن اسمها لأسباب أمنية) إنها باتت تخشى الخروج من المنزل بمفردها خوفًا من السرقات وعمليات القتل، وأضافت، “يجب علي الخروج باكرًا كل يوم إلى الجامعة، لكن بعد عودة حوادث القتل في حماة بت أخرج برفقة والدي وأحيانًا أخي الأصغر، تجنبًا لأي محاولة اعتداء قد تنهي حياتي”.

في حين لفتت موظفة تعمل في المتحف الوطني بحماة (طلبت عدم نشر اسمها لأسباب أمنية)، إلى أنها باتت تخرج من عملها قبل الفترة المحددة لانتهاء الدوام الرسمي الخاص بمتحف المدينة، الواقع في الجزء القديم من حماة، حيث الأزقة الضيقة التي لا أحد يأتيها سوى من يقصد المكان.

وأضافت، “واجهت مشاكل في عملي خاصة مع بدء العمل بالتوقيت الشتوي، فأغلبنا نخرج قبل بزوغ الشمس إلى أعمالنا ونعود مساءً، ما قد يتيح المجال لمن يريد ارتكاب فعلته، فما لنا سوى صون أنفسنا طالما أن الجهات الأمنية في المدنية غير آبهة بسلامة المدنيين”.

تراجع أمني “موثّق”

على الرغم من أن العمليات العسكرية في مدينة حماة كانت الأقل بين المدن السورية الرئيسة خلال الأعوام الثمانية الماضية، لكن المدينة شهدت تراجعًا كبيرًا على المستوى الأمني، وثقت ملامحه وسائل الإعلام الرسمية.

صحيفة “تشرين” الحكومية قالت في تقرير نشرته في نيسان 2018، إن مشاهد القتل أو الخطف أو سرقة الأموال والسيارات باتت مألوفة في حماة بعد بدء الحرب في سوريا.

وحسب الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة فإن عام 2013 هو الأكثر من حيث عدد عمليات القتل والخطف، بوقوع 53 حالة خطف و43 جريمة قتل، في حين ظهرت جرائم من نوع آخر تحت مسمى تزوير الوثائق وسرقة الأختام الرسمية والتهريب باستخدام النساء لـ”التمويه” حسب قول الصحيفة.

لكن الأمر لم يقتصر على المدينة، إذ شهدت الطرقات الواصلة إلى ريف حماة الغربي كبيت ياشوط ومصياف وغيرها تعرض بعض عابريها إلى السرقات عبر قطاع طرق مسلحين، وقتلهم وإحراق جثثهم، لتسجل تلك الجرائم “ضد مجهول”.

ووفقًا لما تتناقله وسائل الإعلام المحلية، فإن الأسلحة المستخدمة في جرائم القتل هي حربية، كالبندقية الروسية أو القنابل اليدوية، وغالبًا ما تستخدم لإنهاء الخلافات أو المشاجرات الكلامية.

تجارة أعضاء

في عام 2017 عاشت حماة معاناة تمثلت في خطف رجال وسيدات وأطفال عبر سيارات شحن من نوع “فان”، تكشف بعدها أن الخاطفين عملوا على سرقة أعضاء ضحاياهم ورميهم في الطريق بعد الحصول على مطلبهم.

وقالت المسؤولة في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” نور الخطيب، في حديث لعنب بلدي إن الشبكة وثقت 138 حالات خطف في مدينة حماة، بينهم 14 طفلًا و23 سيدة، منذ عام 2013 حتى 30 من تشرين الأول الماضي.

وحول أسباب تكرار الجرائم في المدينة، أوضحت الخطيب أن “حالة الفلتان الأمني تعود إلى تدخل أكثر من فرع أمني، إلى جانب العاملين ضمن اللجنة الأمنية الرباعية لمحافظة حماة، بحكم خضوع المدينة بشكل كامل للنظام، فعملها بات مقتصرًا في التضييق على الحياة المعيشية للمواطنين في المدينة” حسب قولها.

وأضافت أن عوامل أخرى كالفقر وضعف الرادع الأخلاقي وزيادة “مظاهر التشبيح” في المدينة وانقياد الشبان وراءها، سببت ارتفاع وتيرة الحوادث بحق قاطني المدينة.

وترى الخطيب أن حدوث الجرائم بوتيرة متزايدة ناجم عن ثقة الجاني بقدرته على الهرب من جريمته والتفلت من العقاب، “خاصة إن كانت لديه علاقات مع الأجهزة الأمنية أو يتبع لها”، حسب تعبيرها.

الادعاء الشخصي يضمن القصاص

في ظل ضعف آليات ضبط الأمن، يبرز دور المواطنين في التبليغ عن حالات التعرض للخطف أو السرقة أو القتل، وتنظيم ادعاءات شخصية.

عنب بلدي تواصلت مع محامٍ في مدينة حماة (طلب عدم كشف اسمه)،  لتسليط الضوء على الإجراءات القانونية المتبعة في حال وقوع جريمة، وأشار إلى أن الادعاء الشخصي يسهم في رفع العقوبات الواقعة على الجناة.

وأضاف، ” ألغى البند العاشر من التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات، العمل بالمادة 533 التي تخص القتل القصد، ورفعت العقوبة من 15 إلى 20 سنة، ومن الأشغال الشاقة المؤقتة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة”.

وأوضح المحامي أنه في حال “كان القتل قد وقع عمدًا في نية القاتل فإن العقوبة الواقعة بحقه يتم تشديدها إلى حكم الإعدام”، وضرب مثالًا سرقة منزل ليلًا، فظرف السرقة وزمانه يعنيان أن الحادثة “جنحة مشددة تمهد إلى جناية، وغالبًا ما تكون عقوبتها الإعدام”.

وشدد المحامي على ضرورة وجود ادعاء شخصي، وغيابه يعني مقاضاة الجاني وفقًا لما ينص عليه قانون الحق العام، ويخفف من العقوبة الواجب فرضها على الجاني إلى الثلث.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة