"خطر الإطارات أرحم من البرد"

أهالي الريف الحمصي يجمعون إطارات السيارات لمواجهة الشتاء

camera iconأجواء الحياة في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي - 23 حزيران 2018 (سانا)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

يطرق شتاء آخر أبواب الأهالي في ريف حمص الشمالي، في ظل غياب القدرة على تأمين مستلزمات التدفئة من محروقات (المازوت)، بسبب عدم توفرها بشكل دائم، وارتفاع أسعارها حين تغذى المحطات بها.

وإلى جانب العجز في تأمين المازوت، صار الحصول على الحطب صعبًا بسبب ارتفاع أسعاره أيضًا، ما دفع الأهالي إلى البحث عن بدائل أخرى لمواجهة الشتاء المقبل، ومن هذه الحلول اللجوء إلى إطارات عجلات السيارات (الكاوتشوك) المهترئة، رغم آثارها الصحية السيئة.

ويلاحظ الداخل إلى مدن وبلدات في الريف الشمالي لحمص كثرة السيارات المحملة بالإطارات المهترئة، وخاصة في مدن الرستن وتلبيسة التي توجد فيها مراكز بيع رئيسية، وعلى أطراف الطرقات يشاهد رجلًا هنا وآخر هناك، يقطعون الإطارات لقطع صغيرة بواسطة المناشير، لتكون جاهزة للشتاء.

المازوت والحطب يرتفعان

شهدت مدن وبلدات ريف حمص خلال الأشهر التي أعقبت توقيع اتفاق “المصالحة” بين فصائل المعارضة والنظام، برعاية روسية، في أيار 2018، وضعًا اقتصاديًا مترديًا في ظل عدم رقابة من قبل مؤسسات الدولة، التي انتهجت سياسية الرشاوى وابتزاز الأهالي من الأفرع الأمنية من المنطقة.

وغابت الرقابة من قبل حكومة النظام السوري في مدن وبلدات ريف حمص، ما فتح الباب أمام تجار السوق الحرة لرفع أسعار المحروقات، إذ ارتفع سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 300 ليرة  سورية، في حين يبلغ سعره الرسمي 180 ليرة، الأمر الذي دفع شريحة كبيرة من أهالي المنطقة إلى التوجه للاعتماد على الحطب، قبل ارتفاع سعره إلى أكثر من 90 ألف ليرة للطن الواحد، وعجز الأهالي عن شرائه.

ويقابل الدولار حاليًا (12 من تشرين الأول الحالي) 653 ليرة سورية، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

ولم يبقَ أمام الأهالي سوى اللجوء إلى الإطارات المهترئة في فصل الشتاء، بحسب ما نقله محمد أبو يحيى، أحد مواطني قرية الزعفرانة بريف حمص، الذي قال لعنب بلدي إنه مضطر لاستخدام الإطارات في التدفئة رغم المخاطر الصحية، لكن باعتقاده “ذلك أرحم من البرد”.

وتحدث أبو يحيى عن توجه الأهالي إلى شراء الإطارات، مشيرًا إلى بدء ارتفاع أسعارها بسبب الإقبال الكبير عليها حاليًا، فسيارة الدواليب الصغيرة التي تحتوي 30 إطارًا تقريبًا، يصل ثمنها إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية.

وعن طريقة تأمينها، أوضح أبو يحيى أن هناك أشخاصًا يجمعون هذه الإطارات من ورشات تصليح السيارات (الكومجية) ويبيعونها للأهالي.

أضرار صحية

تشكل الغازات الناجمة عن حرق الإطارات أضرارًا على الإنسان وتعرضه لأمراض عديدة، منها سرطان الرئة والأمراض التنفسية وانطباق الصدر وضيق القصبات إلى جانب التلوث البيئي.

الطبيب حسن، من مدينة تلبيسة، يعتبر التدفئة بالإطارات “ظاهرة كارثية”، تؤثر على المنطقة بشكل عام، في ظل عدم وعي الأهالي لحجم الضرر الناتج عنها.

ويقول الطبيب لعنب بلدي إن “الإطارات مشبعة بغاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز فتاك، فأي خطأ مثل ترك قطع مشتعلة في المدفأة قبل النوم، وانسداد في بواري المدفأة، هو خطأ قاتل لكل من هو نائم في المنزل”.

وأكد الطبيب وجوب القيام بحملات توعية تكشف للعوام مخاطر التدفئة بالإطارات، لكن يجب أولًا العمل على توفير مواد تدفئة أخرى خفيفة الضرر ومقبولة السعر، مشيرًا إلى البدء بهذه الحملات، لكن دون استجابة من أي جهة رسمية أو شبه رسمية حتى الآن.

وتعاني محطات الوقود في ريف حمص الشمالي من ازدحام شديد، إذ تنتظر السيارات في طوابير طويلة للحصول على مخصصاتها من الوقود، نتيجة وصول المحروقات إلى المحطات عبر دفعات غير منتظمة، مترافقة مع حاجة كبيرة لسكان المنطقة وارتفاع الأسعار في السوق السوداء.

وتحدد وزارة النفط سعر المازوت بـ 180 ليرة سورية والبنزين بـ 225 ليرة والغاز بـ 2500 ليرة للجرة، لكن الأسعار في السوق السوداء قد تصل إلى 425 ليرة للبنزين والمازوت، بينما لا يتوفر الغاز.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة