السكن الشبابي.. قضية عالقة في إدلب بين مهجرين و”حكومة الإنقاذ”

camera iconنازحون يقطنون أبنية السكن الشبابي في إدلب مهددون بالترحيل - 10 تشرين الأول 2019 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

نظم مهجرون من الغوطة الشرقية مظاهرتين خلال الأسبوع الماضي، للوقوف بوجه قرارات “حكومة الإنقاذ” في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تقضي بإخلاء أبنية السكن الشبابي في مدينة إدلب مركز المحافظة.

احتج المهاجرون على قرار الإخلاء دون وجود بديل لهم، في وقت يقترب فيه فصل الشتاء وتتزايد الأزمات المتلاحقة في مخيمات النزوح المنتشرة شمالي المحافظة.

تطالب المظاهرات بالوقوف في وجه إخراج نحو 180 عائلة من أهالي الغوطة من منازل سكنوها منذ نحو تسعة أشهر في السكن الشبابي، وسط إصرار من “حكومة الإنقاذ” على الإخلاء بدعوى وجود أصحاب لتلك المنازل.

ما السكن الشبابي؟

قبل نحو تسعة أشهر أنهت منظمة “سيريا ريليف” مشروع إكساء في مجمع السكن الشبابي بمدينة إدلب، لإيواء نحو 200 عائلة من المهجرين المقيمين في إدلب من الفئات الفقيرة والأشد فقرًا.

السكن الشبابي هو مشروع يضم مجموعة كتل من الأبنية، نفذته حكومة النظام حينما كانت تسيطر على المحافظة، لمكتتبين من أبناء مناطق إدلب، ويتم دفع أثمان البيوت على أقساط، وبعد سيطرة المعارضة على المنطقة سكن المهجرون من محافظة حمص القسم المكسي من هذه البيوت وبقيت الأبنية غير المكسية فارغة.

نقلت لجنة مهجري ريف دمشق نحو 180 عائلة من العائلات الفقيرة والأشد فقرًا وذوي القتلى والمعتقلين للسكن في هذا المشروع، بعدما أنهت منظمة “سيريا ريليف” عمليات الإكساء.

ماذا حدث؟

بعد تسعة أشهر من سكن العائلات المهجرة بدأت “حكومة الإنقاذ” بتبليغ العائلات بضرورة الإخلاء، لأن أصحاب الملكية في تلك الأبنية يطالبون بها.

شفيق الخولي، أحد سكان المجمع وينحدر من الغوطة الشرقية، قال لعنب بلدي إنه حين كتابة العقد كان الطرف الأول من العقد (صاحب القرار) غير معروف بالنسبة له.

وأضاف شفيق أنه في فترة سابقة أجرت “حكومة الإنقاذ” قرعة بين بعض المكتتبين على الأبنية وأخذت مقابل تسليمهم المنازل مبلغًا ماليًا يصل إلى 500 ألف ليرة سورية، وبعد هذه القرعة بدأ المكتتبون بالمطالبة بحقوقهم، ومطالبة السكان بالإخلاء والخروج من المنازل.

ووصل 40 إنذارًا للعائلات القاطنة في المجمع السكني، بحسب شفيق الخولي، وأشار إلى أن ثلاثة مكتتبين فقط قبلوا بإبقاء العائلات مقابل إيجار، بينما رفض الآخرون.

وقال إسماعيل أسامي، وهو عضو لجنة السكن الشبابي من الأهالي، إن التبليغ جاء على شكل لصاقات على المنازل، بأمر إخلاء خلال 24 ساعة، وهددت “الحكومة” بإخراج السكان بالقوة.

وبحسب إسماعيل، فإن “الإنقاذ” اعتقلت المواطن عباس سرحان بسبب القضية بتهمة التحريض و”ممانعة الدورية”، وبسبب دعوى رفعتها ضده مالكة أحد البيوت، وسط وعود بإخلاء سبيله، ولكنها لم تنفذ حتى الآن.

وقال شفيق الخولي إن “حكومة الإنقاذ” وقعت بعض العائلات على تعهدات لإخلاء البيوت التي يسكنونها.

وأشار إلى أن الخدمات بشكل عام سيئة بالمجمع، إذ لم تصل الكهرباء إليه حتى اليوم، بينما وصلت المياه في أيلول الماضي.

ووصلت دفعات من مواطني غوطة دمشق الشرقية والغربية إلى الشمال السوري، بين عامي 2015 و2018، مع عمليات التهجير التي تعرضوا لها بموجب اتفاقيات “تسوية” بين النظام السوري وفصائل المعارضة، بعد عمليات عسكرية استمرت لسنوات.

لجنة لسكان السكن الشبابي

وقال وسام أسامي، وهو من أهالي حي جوبر وعضو لجنة السكن الشبابي، إن لجنة من أهالي السكن مؤلفة من خمس أشخاص شُكلت لمناقشة القضية ولتكون صلة الوصل مع “حكومة الإنقاذ”.

وأشار وسام، في حديث إلى عنب بلدي، إلى شرط أساسي موجود في العقد، وهو السكن لمدة تسعة أشهر، وبعد انتهاء المدة يتم إخلاء المنازل، إلا أن هناك مهجرين انتقلوا إلى السكن ولم يعرفوا بالمدة إلا بعد انتهاء المرحلة الثانية.

وأضاف، “كنا نأمل من إدارة المهجرين ووزارة الإسكان في (الإنقاذ) مساعدة الأهالي لإيجاد بديل أو تمديد العقد، لكن إدارة المهجرين لم تعر أي اهتمام للموضوع.

وقال وسام إن الإنذار الأول كان في شهر حزيران الماضي، واجتمع وفد من لجنة السكن مع المكتتبين، إلا أن الاجتماع لم يأتِ بنتيجة.

ووعدت الوزارة بسكن في جمعيات إدلب (المهندسين والمحامين) أو إعطاء المقيمين في المجمع أرضًا خالية يتكفل الأهالي بإعمارها، إلا أنها لم تفِ بوعودها.

“الإنقاذ”: السكن حق للمكتتبين

بدوره رد وزير الإدارة المحلية والخدمات في “حكومة الإنقاذ”، المهندس مؤيد الحسن، على استفسارات عنب بلدي حول القضية، مؤكدًا أن السكن الشبابي ليس ملكًا للدولة وإنما هو ملك للمكتتبين، فقد بنت المؤسسة العامة للإسكان سابقًا (التابعة للنظام السوري) السكن الشبابي بأموال المكتتبين، ولدى المكتتبين ما يثبت ذلك من وثائق رسمية.

وأوضح أنه يوجد ما يقارب 1500 مكتتب على السكن الشبابي في محافظة إدلب، وهم من عموم المحافظة والريف، وكانوا يدفعون الأقساط المالية، آملين أن يحصلوا على مأوى خلال مدة خمس سنوات حسب وعود المؤسسة.

في أيار 2018 تقدم عدد كبير من المكتتبين على السكن الشبابي بطلبات إلى وزارة الإدارة المحلية والخدمات لإنصافهم والحصول على حقوقهم، بحسب الوزير، فشكلت الوزارة اللجان اللازمة من خلال مديرية الإسكان وإعادة الإعمار (من ضمنها وثائق السكن الشبابي)، وقامت بإفراز مشروع السكن الشبابي وتثبيت ملكية 192 مكتتبًا أصولًا لدى مديرية المصالح العقارية ومنحهم سندات تمليك (طابو أخضر).

وبرر الوزير الخطوة التي قامت بها حكومته بأن المكتتبين أصحاب الحقوق ويمتلكون الوثائق اللازمة التي تثبت ملكيتهم، ومنها سند التمليك الأخضر، وانتظروا “الإخوة” النازحين مدة تزيد على السنة، وهم الآن (المالكون) أغلبهم نازحون، فتقدموا بعدة شكاوى للحكومة للحصول على حقوقهم، وخاصة أن الملكية الفردية حافظت عليها معظم الشرائع السماوية، ونفذ المكتتبون أصحاب الشقق عدة اعتصامات ومظاهرات مطالبين بحقوقهم.

واعتبر الوزير أن التجمعات والمظاهرات التي يقوم بها القاطنون حاليًا في السكن الشبابي غير محقة، مبديًا استعداد “الإنقاذ” عبر وزارة التنمية والشؤون الإنسانية لتأمين مخيم للنازحين القاطنين في السكن الشبابي أو تسليمهم خيمًا ليسكنوا فيها،

وعن التهديد بالاعتقال والتحويل إلى أفرع الأمن، قال الوزير إنه “كان على الحكومة استدعاء المدعى عليهم إلى مخفر شرطة إدلب، وهو ليس فرعًا (أمنيًا) كما يدعي البعض للتهويل والتشبيه بأفرع النظام، ولم يعتقل أي شخص، إنما جرى تحقيق قانوني وشرعي في الموضوع ونظمت الضبوط أصولًا”.

معضلة النزوح في إدلب

ويصل عدد المخيمات في الشمال السوري إلى 600 مخيم، بحسب أرقام “حكومة الإنقاذ”، وتواجه المنظمات والجهات التي تدير المنطقة تحديًا في تأمين أمكنة للنازحين أو إنشاء مخيمات جديدة على أراضٍ عامة، بحسب بيان للأمم المتحدة في 23 من آب الماضي.

وبحسب تقديرات فريق “منسقو استجابة سوريا” الصادرة في آب 2018، فإن الشمال السوري يضم أكثر من 3.8 مليون نسمة، 21% مهجرون من مناطق أخرى في سوريا، و20% من مجموع السكان يقطنون في مخيمات.

وتعقدت قضية النزوح أكثر مع حملة عسكرية شنها النظام السوري مدعومًا بغطاء روسي، بين شباط وآب 2019، سببت أيضًا نزوح نحو مليون شخص من ريف حماة وأرياف إدلب الجنوبية إلى مناطق أكثر أمنًا في الشمال، بحسب أرقام “منسقو الاستجابة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة