استنساخ أم محاولات تطوير

مذيعون لبنانيون على شاشات سورية

camera iconمذيعون لبنانيون "طوني بارود - رابعة الزيات - تمام بليق" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – يامن مغربي

حضرت الوجوه الإعلامية اللبنانية في وسائل الإعلام الموالية للنظام منذ بداية الثورة السورية، واقتصر حضورها على التغطيات العسكرية والميدانية، كما كانت أغلبية تلك المشاركات في إطار الدعم الذي يقدمه “حزب الله” اللبناني للنظام السوري.

ومؤخرًا، خرج الإعلاميون اللبنانيون من ساحة المعركة، وانتقلوا بدعوة من مؤسسات إعلامية سورية إلى البرامج الترفيهية والاجتماعية، ولعل استعانة قناة “لنا” المملوكة لرجل الأعمال المقرب من النظام السوري، سامر الفوز، بالمذيعة اللبنانية الشهيرة، رابعة الزيات، كانت فاتحة تلك المشاركة.

المذيع تمام بليق، لحق بزميلته، في برنامج على القناة ذاتها، تحت اسم “لازم نحكي”، إلى جانب الممثلة السورية رنا شميس، فضلًا عن تعاقد القناة مع الفنانة اللبنانية رولا سعد، لإنتاج برنامج “أكلناها” الذي يقدمه الممثل السوري باسم ياخور.

ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، في 19 من أيلول الحالي، خبر انضمام المذيع اللبناني طوني بارود إلى قناة “لنا”، دون أن يعلق بدوره على الخبر، سواء بالنفي أو التأكيد.

لم تتضح ملامح برنامج طوني بارود الجديد، إلا أنه يكمل الصورة لخطة القناة باستيراد أكبر قدر من الوجوه اللبنانية، على أمل استقطاب جمهور جديد، يدفع بالقناة إلى صدارة المشهد الإعلامي السوري.

سقف حرية منخفض

تطرح مشاركة الإعلاميين اللبنانيين في الإعلام السوري تساؤلات حول مدى ملاءمة طبيعة العمل الإعلامي اللبناني في سوريا، سواء من ناحية المواضيع المطروحة، أو من ناحية سقف الحريات الممنوح.

المذيع اللبناني طوني خليفة أجاب عن هذا السؤال بشكل غير مباشر، عندما طرح عليه تمام بليق في برنامج “لازم نحكي” على قناة “لنا” سؤالًا مفاده “هل يمكن أن تعمل في الإعلام السوري؟”. وجاءت الإجابة، “إذا كنت سأعمل بطريقتي أنا فلمَ لا”.

كما اختبر تمام بليق نفسه الإجابة، حين أُلغيت الحلقة الثانية من برنامجه، ومنعت من العرض على الشاشة دون توضيح، رغم أن طبيعة البرنامج تقوم على “النقد ومواجهة الأخطاء في المجتمع السوري”.

الحلقة التي أُلغيت بعد أن تم تسجيلها والإعلان عنها، تناولت واقع الرياضة السورية، لكنها حُذفت مع إعلانها الترويجي من على معرفات القناة.

يرى المذيع السوري قصي عمامة أن “السياسة مرتبطة بشكل مباشر بالإعلام”، مشيرًا إلى عدم وجود نية في سوريا لصناعة إعلام حقيقي، كي لا يكون “سلاحًا خطرًا على السلطة” كما هو الحال في سوريا والعالم العربي عمومًا، وفق ما قاله في لقاء مع عنب بلدي.

ويضيف قصي، الذي عمل سابقًا في إذاعة “شام إف إم” المحلية، أنه من المستحيل أن يكون هناك في سوريا إعلام حقيقي، يكشف الحقائق كما هي مهمة الإعلام.

ويتفق الصحفي السوري سامر قطريب، مع قصي، مستبعدًا أن يكون الإعلاميون اللبنانيون قادرين على طرح نفس المواضيع المطروحة في لبنان على الشاشة السورية، الأمر الذي تتحكم فيه طبيعة النظام الحاكم.

محتوى أفضل؟

يبدي جزء من الجمهور السوري تفاؤلًا تجاه وجود المذيعين اللبنانيين في القنوات السورية، وقدرته على تطوير بعض عناصر المنتج النهائي المقدم للمشاهد، وهو رأي لا يتفق معه الصحفي سامر قطريب، وفق ما قاله لعنب بلدي.

ويتساءل قطريب، “كيف سيعمل هؤلاء الإعلاميون في البيئة الإعلامية السورية المختلفة كليًا عن بيئة العمل في لبنان؟”، معتبرًا أن البيئة السورية ستنعكس على الإعلاميين اللبنانيين وسيواجهون الفشل بالضرورة.

ويرى المذيع قصي عمامة، أنه من المستحيل أن يطور عمل اللبنانيين الإعلام السوري، ويتابع “تطوير العمل لا يتوقف على الجنسية ولا يمكن للمدرسة اللبنانية أن تطور العمل الإعلامي السوري”.

ويوضح ذلك بأن الإعلام اللبناني متقدم على صعيد المحتوى الترفيهي فقط، أما “باقي قطاعات الإعلام في لبنان فهي غير متطورة من ناحية المواضيع وأساليب الطرح”.

ويرى قصي أنه “في لبنان نفسه لا يوجد سقف حريات مرتفع كما يتم تصويره”، ويقول “برأيي الشخصي لا يوجد إعلام وطني هناك، لذا لن يستطيع الإعلاميون اللبنانيون تطوير الإعلام السوري”، وبناء على ذلك “لن يتغير شيء في الإعلام السوري”.

ماذا سيضيف اللبنانيون؟

من وجهة نظر الصحفي سامر قطريب، فإن الاستعانة بالكوادر اللبنانية تأتي نتيجة الضعف في البرامج السورية “ذات السوية والمنهج المحددين”، لافتًا إلى أن كل “البرامج التي ظهرت في الفترة الماضية، هي عبارة عن تقليد كامل لبرامج أخرى ظهرت في الإعلام اللبناني والعربي سابقًا”.

إذ يسعى الإعلام السوري الموالي إلى الحصول على بعض الخبرات من الإعلام اللبناني، ضمن سياسة النظام وقالبه الخاص، كون الإعلام اللبناني “بكل مشاكله” أكثر تفوقًا من  الإعلام السوري المسموع والمكتوب والمرئي.

بينما يرى المذيع قصي عمامة أن ضعف الخبرة لدى الإعلام السوري يتجلى في البرامج والمحتوى الترفيهي، وهو ما دفعه باتجاه اللبنانيين، “فعمليًا لم تكن هناك برامج منوعات في الإذاعة والتلفزيون، وحتى عندما ظهرت الإذاعات الخاصة في عام 2002، كانت تقليدًا مباشرًا للإذاعات اللبنانية التي يصل بثها إلى سوريا”.

لكن خطوة التلفزيونات السورية للاستفادة من الخبرات اللبنانية “تأخرت كثيرًا” من وجهة نظر قصي، و”سبق السوريين إليها الأردنيون والمصريون”.

وتبقى تجربة استيراد المذيعين اللبنانيين، عملية قيد التجريب، فعلى الرغم من الإضافة التي قدمتها قناة “لنا” من خلال برامجها الجديدة ومذيعيها اللبنانيين، تبدو “الصبغة السورية” لتلك البرامج حتى الآن غير كافية لاستعادة الجمهور السوري من القنوات التلفزيونية اللبنانية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة