مراجعة علمية لمقال عن كيفية التخلص من آثار التجارب العنيفة في سوريا

امرأة وطفل في مخيم الهول شرقي الحسكة (AFP)

camera iconامرأة وطفل في مخيم الهول شرقي الحسكة (AFP)

tag icon ع ع ع

السادة الأعزاء فريق التحرير في جريدة عنب بلدي:

نحن العاملين على تحضير هذا الملف، مجموعة من الاختصاصيين النفسيين واختصاصيي الطب النفسي، طالعنا المقال المنشور على موقع جريدتكم الموقرة، في 21 آب 2019، بعنوان: كيف يمكن تخليص “ضحايا الإرهاب” من آثاره النفسية طويلة الأمد؟ 

وانطلاقًا من دورنا كمتخصصين بعلم النفس والطب النفسي، ومهتمين بالشأن السوري وقضاياه العامة، ومنها الصحة النفسية وعلم النفس، نود التنويه إلى بعض النقاط التي وردت في المقال المذكور وتصحيحها بشكل علمي.

مع كامل الشكر والتقدير لجريدتكم لاهتمامها بهذه القضايا الحساسة.

استخدام مصطلح “الإرهاب” في العنوان:

“الإرهاب” مصطلح سياسي وليس مصطلحًا نفسيًا أو اجتماعيًا، وبالتالي طالما أن المقال يتناول آثارًا نفسية اجتماعية يمكن استخدام مصطلح العنف أو التجارب العنيفة أو الخطف أو الاغتصاب أو الاضطهاد بدل استخدام مصطلح “الإرهاب”. 

وأشار المقال إلى ممارسات تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، وبالمقابل لم يشِر إلى ممارسات كثير من الأطراف والأنظمة التي مارست انتهاكات لحقوق الإنسان بشتى أنواعها ومنها تنظيمات أو كيانات محسوبة على دول بشكل رسمي أو غير رسمي في كل من العراق وسوريا وغيرها من دول المنطقة، إذ إن المقال يبدو من هذه الناحية غير متوازن ومنحازًا.

فقرة تخطي الأذى بشكل تدريجي:

الاغتصاب أو التعذيب فعل عنيف لدرجة أنه يصعب على العقل تصديقه، وبنفس الوقت هذه الحوادث ليست بسيطة وغير شائعة بالحياة اليومية، وإخبار الناجين منه بأن ما مروا به مر به كثيرون غيرهم لا يساعد على التعافي، لأن فيه معلومات غير صحيحة وبنفس الوقت يشعر الناجون بأن معاناتهم تافهة.

بالإضافة إلى ذلك، لم يرد في أي مرجع اطلع عليه الاختصاصيون الذي أعدوا هذا الرد توصية بإمكانية القيام بهذا الأمر، وعلى العكس فالتوصيات للتعامل مع الناجين من التعذيب والاغتصاب تؤكد عدم تبسيط المعاناة، وضرورة عدم إبلاغ الناجين بأن مشكلتهم عادية أو شائعة أو بسيطة.

بالنسبة للعلاقة الإيمانية بعد التعرض للأحداث الصادمة: نحتاج للانطلاق مما يؤمن به الفرد وعدم تعميم هذا الأمر على جميع الناجين، والحذر في طرح هذا الأمر، خاصة في المراحل الأولى للعلاج، نظرًا لما مر به الناجون من حدث غير قابل للفهم أو التصديق ويعتبر خارج أي عدالة أو منطق. 

النسيان والقفز على الحدث: ليس هدفًا علاجيًا في العمل مع الناجين من الصدمات، وإنما الهدف هو تجاوز الحدث والتعافي، لأن هذا حدث شديد صادم يترك أثره في الفرد حتى بعد التعافي منه.

الابتعاد عن تذكير الضحايا بما حدث أو لومهم عليه:

من المهم بداية تسمية المتعرضين لهذا النوع من الأحداث بـ”الناجين”، وليس “الضحايا”، لمساعدتهم على التعافي. 

في هذه الفقرة، القضايا التي ذكرت صحيحة ولكن التفسير غير صحيح، مثال: “عدم لوم المحيطين للناجين من الاغتصاب، وعلى الأشخاص المحيطين ألا يكرروا القصة على مسامع الضحية بكثرة، وألا يعملوا على تسليط الضوء عليها بشكل كبير، حتى لا تبقى آثارها حية لدى الضحية”.

ليس هدف ذلك ألا تبقى آثار الحدث، إنما لكي لا يبقى الناجون يعيشون الحدث، ولا يظلوا عالقين بحالة الضحية للحدث الذي تعرضو له.

عبارة “التعاطف معهم كونهم ضحايا لما مروا به”: هذا الأمر لا يساعد الناجين، على العكس يثبت ويرسخ عندهم حالة الضحية والضعف، بدل أن يمكنهم من تجاوز الحدث والتعافي.

تجنب التفكير بالحدث بأي شكل: أمر غير ممكن فعليًا، لأن كل ما حول الناجين من حوارات وأخبار وربما أشياء بسيطة لا علاقة لها بالحادث قد تجعلهم يفكرون بالحدث.

عدم الاستماع للأخبار والبرامج التي تعيد الذكريات: ربما يحتاج المعالجون لمعرفة كيف يحدث عيش الخبرات السابقة من خلال الأخبار والبرامج.

وكجزء من مراحل العلاج المتقدمة تكون العودة لممارسة أنشطة الحياة والاستماع للأخبار والبرامج المتعلقة بهذه الأحداث جزءًا من التعافي من خلال الاندماج في دعم ومساندة الناجين الجدد من نفس الأحداث التي مر بها الناجون الذين قد بدؤوا العلاج ووصلوا إلى مراحل متقدمة  .

العلاج بالتنويم المغناطيسي:

الكثير من الدراسات توصي بأن التنويم المغناطيسي غير صالح للخبرات والأحداث الصادمة ومنها الاغتصاب والتعذيب.

والسبب أن المتعالج خلال تطبيق التنويم المغناطيسي يكون غير فاعل، والفاعلية تكون للمعالج بشكل كبير، وإحدى القضايا التي مر بها الناجون من الاغتصاب هي فقدان السيطرة والتحكم خلال التعرض للاغتصاب، وعليه فإن أي علاج ليس فيه فاعلية وحضور كامل للناجين هو علاج غير ملائم لهم.

راجع المقال وشارك بصياغة الرد العلمي:

د. جلال نوفل: استشاري الطب النفسي

د. عمار بيطار: استشاري الطب النفسي

صلاح الدين لكه: اختصاصي نفسي

بيان حقي:  اختصاصية نفسية

ربى درويش : اختصاصية نفسية 


المراجع والمصادر:

  • تدريب التدبير السريري لضحايا الاغتصاب- منظمة الصحة العالمية (حضره أغلب المشاركين في إعداد الرد)
  • دليل التدبير السريري لضحايا الاغتصاب- منشورات منظمة الصحة العالمية سنة 2004




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة