لقمان سليم: صحيح أننا في مركب يغرق ولكننا سوف نتابع التجذيف

جمعيات مدنية تحارب أشكال التمييز والعنصرية في لبنان

إطلاق "المبادرة اللبنانية لمناهضة التمييز والعنصرية"، آب 2019، المصدر: القائمون على المبادرة

camera iconإطلاق "المبادرة اللبنانية لمناهضة التمييز والعنصرية"، آب 2019، المصدر: القائمون على المبادرة

tag icon ع ع ع

ردًا على تنامي خطاب الكراهية في لبنان، بالآونة الأخيرة، وتزامنًا مع “اليوم العالمي الأول لإحياء ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين والمعتقد”، أطلقت جمعيات أهلية لبنانية مبادرة لمناهضة التمييز والعنصرية في البلاد.

المبادرة أُعلن عن انطلاقتها الرسمية يوم، الخميس 22 من آب، خلال مؤتمر صحفي عُقد في بيروت، لتكون بمثابة مظلة لجمعيات أهلية وناشطين حقوقيين، ولتأخذ على عاتقها “مواجهة خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية (بسبب لون أو جنس أو دين أو عرق أو جنسية أو حرمان من جنسية..)، والتنديد بأصحابه وصاحباته حد الملاحقة القانونية، كما المدافعة عن أي ضحية من ضحايا هذا الخطاب أو مايترتب عليه من أعمال”، وفق ما جاء في نص المبادرة الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه.

وأعلنت المبادرة في مؤتمرها عن إقامة دعوى لدى النيابة العامة التمييزية في بيروت، من قبل سبع جمعيات، ضد سبعة أشخاص مدعى عليهم بتهم “إثارة النعرات الطائفية والعنصرية، والحض على النزاع بين عناصر الأمة”.

وتشمل لائحة المدعى عليهم كلًا من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ورئيس بلدية الحدث جورج عون، والنائب والوزير السابق إيلي ماروني، والنائب زياد أسود، والناشطين رشيد جنبلاط وجورج حايك، والمنشد علي بركات.

ويشترك جميع المدعى عليهم بالتحريض على فئات من اللبنانيين، أو على لاجئين سوريين وفلسطينيين مقيمين في لبنان.

والجمعيات السبع التي تضمها المبادرة هي “جمعية أمم”، و”جمعية التوعية النسائية”، و”جمعية كفالات الخير”، و”جمعية مانشيت”، و”جمعية المحور اللبناني في سبيل مواطنة جامعة- هيا بنا”، و”جمعية معمل 961″، و”جمعية النخيل للخير والإنماء”.

ودعت المبادرة في بيان إطلاقها كل من لحق به ضرر من جراء خطابات المدعى عليهم، إلى الانضمام لقائمة المدعين.

وسيبلغ المدعي العام التمييزي بالوكالة، القاضي عماد قبلان، القائمين على المبادرة، يوم الاثنين المقبل، موقفه بشأن الشكوى.

رئيس “جمعية أمم للأبحاث والتوثيق”، ومنسق المبادرة، لقمان سليم، تحدث لعنب بلدي عن الدوافع الكامنة وراء إطلاق المبادرة، والنتائج المرجوة منها.

وأشار في معرض حديثه إلى أن المبادرة تأتي في إطار توقيتين اثنين، الرسمي منهما أو الشكلي هو  22 آب بوصفه “اليوم العالمي لإحياء ضحايا الجرائم القائمة على أساس التمييز بسبب المعتقد”، أما السبب الحقيقي والأهم برأيه، هو تراكم ما كان في لبنان خلال الأشهر أو السنوات الماضية من سلوكيات وأعمال عنصرية، تجاه اللاجئين ولا سيما السوريون منهم، وأيضًا تجاه اللبنانيين بعضهم البعض.

وذكّر سليم في سياق هذه الأفعال العنصرية، بإفتاء إحدى البلديات المسيحية اللبنانية بعدم بيع العقارات لمواطنين مسلمين لبنانيين.

ولفت إلى أن المبادرة انطلقت من مقدمة أنه “عندما يستولي التفكير العنصري التمييزي على جماعة ما فهو لا يفرق بين آخر وطني، وآخر من جنسية أخرى”، مبينًا أن الدافع لإطلاق هذه المبادرة يتجسد في مجموعة ممارسات تعدت على الحريات العامة، إذ كان كل من يقف في وجه هذا الخطاب العنصري يواجه بالقمع، وهو ما دفع القائمين على المبادرة للتساؤل حول “ماذا نملك من هذه الحياة الدنيا سوا رتبة المواطنة في بلد يزعم بأنه جمهورية ديمقراطية وبأن القضاء فيها سلطة مستقلة؟ لم يبقَ لنا إلا القضاء فلنذهب ولنحتكم ولنخاصم القضاء فيما نختلف فيه”.

وأوضح سليم أن المبادرة تزامنت مع تقديم المنسقة القانونية لها الأستاذة ديالا شحادة، شكوى أمام المدعي العام التمييزي بحق سبعة أشخاص “قد يختلفوا في السياسة، وقد لا يجمع بينهم جامع، سوا توسلهم كل بحسبه وعلى طريقته ووفق منطقه بخطاب تمييزي عنصري شعبوي لإثبات وجهة نظره”.

واعتبر أن المبادرة هي الأهم من الشكوى، رغم استئثار الأخيرة على الاهتمام الأكبر، لأنها تشكل إطارًا جامعًا لعدد من الشخصيات المادية و المعنوية أي الأفراد والجمعيات، ولأنها ستعمل وفق ما هو مخطط لها، على متابعة وتعقب كل أشكال الخطاب العنصري في لبنان، بما فيه الموجه إلى “الآخر” غير اللبناني، وستسعى إلى التنديد والتشهير به، وصولًا إلى الاختصام معه أمام القضاء اللبناني، أي أنه سيتم رفع دعاوى بوجه كل من يرتكب جريمة تعتبر مؤدية إلى فعل من أفعال التمييز والكراهية.

وأكد سليم أن القائمين على المبادرة سيعملون كمواطنين لبنانيين على تسخير كل الوسائل والأدوات بما فيها القانونية لمخاصمة الخصوم أمام القضاء، في مواجهة الخطاب الشعبوي والعنف اليديوي الذي يتبعه الخصم.

لكنه أبدى تشاؤمه فيما يتعلق بالنتائج المرجوة من المبادرة، مشبهًا حال اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين بركاب باخرة تغرق، فهم لا يملكون إلا أن يكتبوا رسائل ويودعونها قوارير ويرمونها في البحر، لكنه تابع، “حتى وإن بدا ما نفعله رميًا لرسائل في أوعية مغلقة في بحر عاصف فأنا أظن بأن هذا يكفي، صحيح أننا في مركب يغرق ولكننا سوف نتابع التجذيف”. 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة