لاجئ مرة ثانية و"مهدد بالترحيل"

فلسطينيو سوريا أمام أزمة “الكيملك” في تركيا

camera iconعنصر من الأمن التركي يصور لاجئًا سوريًا مع وثيقته في مدينة اسطنبول التركية (IHA)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد حمص

يقيم غيث في مدينة اسطنبول منذ أيار من عام 2016، ويعمل بها في تنظيف المنازل بالشراكة مع أصدقائه، بعد أن فقد الأمل من العمل بمهنته القديمة، لكنه اليوم مهدد بخسارة مصدر رزقه مرة أخرى، في حال تعرض لـ “الترحيل”.

دخل الشاب الفلسطيني (35 عامًا) بطريقة غير شرعية، مع زوجته الحامل وأولاده الثلاثة، من سوريا إلى مدينة الريحانية التابعة لولاية هاتاي جنوبي تركيا، حيث وضعت زوجته طفلهما الرابع، وحصلوا على وثائق الحماية المؤقتة الخاصة باللاجئين السوريين، قبل عام من انتقاله إلى اسطنبول للاستقرار.

لكنه بعد أربعة أعوام من العمل في كبرى مدن تركيا، بات اليوم يخشى الخروج من المنزل، بحسب ما أكده لعنب بلدي، إذ يغادره في أحيان قليلة لشراء بعض الحاجيات، بسبب القرارات التركية الأخيرة التي تنص على عودة حملة بطاقات الحماية المؤقتة إلى الولايات التي منحتهم إياها.

فلسطيني في سوريا.. سوري في تركيا

غيث، الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل خوفًا من الملاحقة القانونية، لم يحمل يومًا وثيقة مواطنة، إذ قضى حياته في سوريا كلاجئ فلسطيني، بوثيقة “إقامة مؤقتة”، وحين غادرها إلى تركيا، تحول إلى لاجئ سوري، بوثيقة “حماية مؤقتة”.

تقدر “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” (منظمة حقوقية معنية بشؤون الفلسطينيين) عدد عائلات اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية في تركيا بـ 1915، بحسب تقريرها الإحصائي السابع عشر، المنشور في حزيران الماضي.

وتتمثل مشكلة الفلسطينيين السوريين في تركيا، بحسب غيث، بأنهم لا يعاملون كفلسطينيين، بل على أساس أنهم سوريون كونهم يحملون أوراقًا ثبوتية سورية، ومن جهة أخرى لم تقدم السلطة الفلسطينية أي مبادرات لتحسين أحوالهم في مناطق “الغربة واللجوء”.

ووفق السياسات التركية التي تحدث عنها وزير الداخلية، سليمان صويلو، في 13 من تموز الماضي، فإن أغلب الفلسطينيين في اسطنبول مهددون بالترحيل إلى سوريا، أو إلى الولايات التي استخرجوا منها إقاماتهم، في حال تم توقيفهم من قبل دوريات الشرطة التركية التي تنتشر في المحطات والساحات الرئيسية في المدينة.

“السلطة غير مسؤولة”

لدى زوجة غيث قضية مختلفة، تتمثل في كونها من أهالي الضفة الغربية وتحمل جواز “السلطة الفلسطينية”، إلا أن عودتها إلى فلسطين تعني تفرق العائلة، بحسب ما أكده غيث، وذلك لكونه من حملة “وثيقة السفر” الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا، والتي لا تتيح له الدخول إلى أراضي الضفة الغربية.

ورغم أن السفارة الفلسطينية في العاصمة التركية، أنقرة، تمنح الفلسطينيين السوريين جوازًا صادرًا عن “السلطة الفلسطينية”، لكنه لا يحمل رقمًا وطنيًا، وبالتالي لا يخوّل صاحبه السفر إلى فلسطين.

كما يعرّض هذا الجواز حملته لـ “مشكلة” أمام السلطات التركية، في حال كانوا مسجلين كلاجئين سوريين في سجلات الدولة، وهو ما قد يضعهم في مواجهة تهم بتزوير الأوراق الرسمية،  وبالتالي قد يكون مصيرهم السجن أو الترحيل.

لم تتحرك السلطات الفلسطينية لأجل قضية الفلسطينيين في سوريا بشكل عاجل، وتمثل التحرك الوحيد، بلقاء السفير الفلسطيني في أنقرة، فايد مصطفى، مع رئيس بلدية اسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، 7 من آب الحالي، ناقشا فيه أوضاع الفلسطينيين في تركيا.

وقال إمام أوغلو في مؤتمر صحفي عقده عقب اللقاء، “نحن مع إخوتنا الفلسطينيين، تحدثنا مع السفير الفلسطيني حول وضعهم، لجؤوا إلى سوريا سابقًا ثم جاؤوا مجددًا إلى تركيا”، مضيفًا “نحن على استعداد للاهتمام بمشاكل أسر جميع اللاجئين، أخبرتهم أنه إذا قدموا لنا معلومات، وشاركوا ما بأيديهم من بيانات، سنقوم بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين كما نساعد بقية اللاجئين”.

لا يملك غيث اليوم الكثير من الحلول، مع انعدام الوسائل التي تساعده لنقل وثيقة الحماية المؤقتة الخاصة به إلى ولاية اسطنبول، بينما يصرّ على تأجيل قضية العودة “طواعية” إلى مدينة الريحانية، على أمل صدور قوانين جديدة، ولكن في صالحه هذه المرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة