“أستانة 13” يترك نهايات مفتوحة في ملفي إدلب واللجنة الدستورية

جولة محادثات أستانة 13 حول سوريا بمشاركة روسيا وتركيا وإيران في آب 2018 (وزارة الخارجية الكازخاستانية)

camera iconجولة محادثات أستانة 13 حول سوريا بمشاركة روسيا وتركيا وإيران في آب 2018 (وزارة الخارجية الكازخاستانية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

على عكس المتوقع من مسار “أستانة 13″، لم تعلن الدول الضامنة لهذا المسار (روسيا، تركيا، إيران) عن تشكيل اللجنة الدستورية رغم التمهيد المستمر لذلك خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة من المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون.

شهد الاجتماع، الذي عقد في 1 و2 من آب الحالي، ترحيل الأجندات، لا سيما ملف اللجنة الدستورية وملف إدلب، إلى القمة الثلاثية التي ستقام في أيلول المقبل، بين زعماء الدول الضامنة في اسطنبول.

أما المقررات التي توصل إليها الاجتماع فكانت إعلان “هدنة مشروطة” في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى اتفاق حول ما وصفها البيان الختامي بـ”الأجندات الانفصالية” في مناطق شمال شرقي سوريا، التي تتخوف منها تركيا وتسعى جاهدة لإنشاء منطقة فاصلة بين حدودها الجنوبية ومناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

هدنة “مشروطة” بمقررات “سوتشي”

اتفقت الأطراف الضامنة لمسار “أستانة” بموافقة النظام السوري والمعارضة على هدنة في المناطق الشمالية الغربية من سوريا، التي تشهد معارك منذ 29 من نيسان الماضي، أي منذ نهاية “أستانة 12″، إذ بدأت قوات الأسد وروسيا تصعيدًا عسكريًا على ريف حماة وريف إدلب الجنوبي ترافق بتصعيد جوي.

وبحسب أرقام فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، فإن عدد الضحايا في المنطقة، منذ 2 من شباط حتى 29 من تموز، بلغ 1151 مدنيًا، بينما نزح 715388 شخصًا.

الهدنة التي اتفقت عليها الأطراف كانت “مشروطة” بتطبيق صيغة اتفاق “سوتشي”، الموقع في أيلول من العام الماضي، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

وأعلن النظام السوري عن الهدنة على لسان المتحدث باسم وفده إلى “أستانة”، بشار الجعفري، الذي قال إن وقف إطلاق النار مشروط بتنفيذ اتفاق “سوتشي” وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة (على خطوط التماس بين الطرفين)، وطالب الأطراف بالضغط على الجانب التركي لتنفيذ تفاهمات أردوغان وبوتين، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، في 2 من آب، التي وجهت اتهامًا للفصائل المقاتلة في إدلب بخرق الاتفاق بقصف صاروخي طال قرية بريف اللاذقية.

وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية نقلت عن مدير قسم آسيا وإفريقيا في خارجية كازاخستان، موكاش سيريكولي، 2 من آب الحالي، قوله إن “القسم الرئيسي من المعارضة السورية المشاركة في محادثات أستانة وافق على وقف إطلاق النار في إدلب”، موضحًا في المؤتمر الصحفي أن المشاركين أعلنوا “وقف إطلاق النار، ودخل هذا القرار حيز التنفيذ لأن الاتفاق بين السلطة والمعارضة المسلحة المعترف بها هو أمر لوحده، وهناك منظمات إرهابية أخرى في المكان ذاته مثل تنظيم (داعش) والقاعدة لم تلتزم، لكن القسم الرئيسي من المعارضة الممثلة هنا وافق”.

تطبيق الهدنة وفق تفاهمات “سوتشي” يعني إعادة تطبيق مقررات تلك التفاهمات التي خرقتها العملية العسكرية للنظام السوري وروسيا على محافظة إدلب.

وتنص تلك المقررات على إقامة منطقة خالية من السلاح بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة، وتسيير دوريات مشتركة بالتنسيق بين تركيا وروسيا على حدود المنطقة المحددة التي يصل عرضها إلى 20 كيلومترًا.

كما يقضي الاتفاق بمنع “الاستفزازات” بين الأطراف المعنية ومنع “انتهاك الاتفاق المبرم”، بالإضافة إلى خروج “العناصر المتطرفة” من المنطقة الخالية من السلاح.

ترحيل اللجنة الدستورية إلى أنقرة

مصير الإعلان عن اللجنة الدستورية كان واضحًا منذ انطلاق الجولة الثالثة عشرة من المسار السياسي، على الرغم من الاتفاق المعلن على قائمة اللجنة بين الأطراف، إذ نقلت وكالة “انترفاكس” عن أحد أعضاء الوفود المشاركة في المحادثات، لم تسمه، في 1 من آب، قوله إن الاتفاق على قائمة اللجنة الدستورية تم بين الأطراف.

ورجح المصدر أن القائمة النهائية للجنة وتشكيلها، سيعلنها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا، غير بيدرسون، خلال قمة الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) التي ستعقد في أنقرة لاحقًا.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر دبلوماسية أن الدول الضامنة كانت تراهن على حسم الاتفاق على الأسماء الستة الأخيرة في القائمة الثالثة التي تضم ممثلي المجتمع المدني لرفعها إلى القمة الثلاثية المقبلة، التي تجمع الرئيس الإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في 11 من أيلول المقبل.

لكن الخلافات لا تزال قائمة على الأسماء الستة وجميع قواعد العمل في اللجنة، بحسب تلك المصادر، التي أشارت إلى استمرار الاتجاه الروسي في جعل مسار “أستانة” بديلًا من عملية جنيف وفقًا لمقررات “مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي”.

وأوضحت المصادر، بحسب “الشرق الأوسط”، أن الأمم المتحدة والمجموعة المصغرة، التي تضم أمريكا وبريطانيا وفرنسيا والسعودية والأردن وألمانيا، لا تزال متمسكة بمسار جنيف الدولي بموجب القرار 2254 وضرورة الالتزام بذلك عند تشكيل اللجنة الدستورية وانعقادها.

تركيا تسحب أقدام الضامنين نحو “أمنها القومي”

في سعيها لإقامة “منطقة آمنة” على حدودها الجنوبية مع سوريا، نجحت تركيا بسحب أقدام الأطراف الضامنة لمسار أستانة إليها لمواجهة ما تصفه بـ”النزعة الانفصالية” في الشمال الشرقي لسوريا، ورفض محاولات خلق واقع جديد بذرائع “مكافحة الإرهاب”، بما في ذلك مبادرات “الحكم الذاتي غير المشروعة”، بحسب ما نص عليه البيان الختامي لـ”أستانة 13″، الذي أعربت فيه الدول الضامنة عن عزمها التصدي لـ”الأجندات الانفصالية” التي تهدف إلى “تقويض” أركان السيادة السورية وسلامة أراضيها فضلًا عن “تهديد الأمن القومي للبلدان المجاورة”.

هذا البند يأتي في وقت تصعّد تركيا فيه خطابها تجاه إقامة “منطقة آمنة” على حدودها، وقبيل المحادثات الأمريكية- التركية، في 5 من آب، للاتفاق على هذا الملف وحل الخلافات القائمة بين الطرفين حول مصير المنطقة وشكلها والطرف المسيطر عليها والسلاح الثقيل فيها، ومصير الفصائل المدعومة من الولايات المتحدة (قسد وعمادها وحدات حماية الشعب) التي تعتبرها أنقرة “إرهابية” وتهدد أمنها القومي.

إنجازات مباشرة

بحث الضامنون لمسار “أستانة” عن إنجازات تنقذ المسار وتبقيه على خطاه فنتج عن الجولة هدنة إدلب، بالإضافة إلى صفقة التبادل التي تمت بين النظام السوري والمعارضة، إذ رحب البيان الختامي بالعملية الرابعة الناجحة المتعلقة بالإفراج المتبادل عن “المحتجزين”، التي تمت في 31 من تموز الماضي.

وبحسب ما رصدت عنب بلدي فإن عملية التبادل جرت في معبر أبو الزندين غرب مدينة الباب، شرقي حلب، بين “الجيش الوطني” وقوات الأسد، وتمت بإطلاق 15 معتقلًا من معتقلات النظام السوري، مقابل 14 محتجزًا، لم تتمكن عنب بلدي من تحديد هويتهم (عسكريين أو مدنيين)، كانوا في سجون “الجيش الوطني”.

الصفقة هي الرابعة بين المعارضة والنظام ضمن تفاهمات محادثات أستانة، منذ العام الماضي، والتي تجري بمفاوضات مباشرة برعاية الأمم المتحدة والجانب التركي.

بدأت العمليات، التي تعتبرها الدول الضامنة إنجازات مباشرة لـ”أستانة”، في تشرين الثاني من العام الماضي، وأفرج النظام حينها عن 20 معتقلًا من ذات المعبر، وتلتها عملية أخرى في شباط الماضي أطلق فيها 20 معتقلًا، وفي نيسان تبادلت المعارضة تسعة أشخاص مقابل تسعة معتقلين كانوا في سجون النظام بحضور وفد من الأمم المتحدة وتركيا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة