تنظيم أم تعطيل.. التعليم الخاص في مدينة الباب مهدد بالزوال
عنب بلدي – رهام الأسعد
إجراءات مفاجئة اتخذها المجلس المحلي لمدينة الباب، في ريف حلب الشرقي، قد تنذر بإلغاء جميع أشكال التعليم الخاص في المدينة، بموجب قرار يقضي بإغلاق المؤسسات التعليمية الخاصة والإبقاء على التعليم العام فقط.
وجه المكتب التعليمي التابع للمجلس المحلي في الباب بلاغًا إلى المعاهد والمدارس الخاصة العاملة في المدينة وريفها، بتاريخ 18 من تموز الحالي، طالبها بموجبه بإغلاق الصفوف التعليمية بشكل نهائي تحت طائلة المسؤولية.
فما أسباب القرار؟ وما تبعاته على المنظومة التعليمية في مدينة الباب وريفها؟
معضلة المناهج تعود إلى الواجهة
ينص قرار المجلس المحلي لمدينة الباب على “عدم تجديد ترخيص المدارس الخاصة التي عملت سابقًا وفق ترخيص مؤقت مدته عام، وإغلاقها بشكل كامل”، كما ينص على “إغلاق المعاهد التعليمية الخاصة غير المرخصة، ومراكز الدورات التعليمية غير المرخصة أيضًا”، حسبما قال الأستاذ فوزي السايح، مدير المكتب التعليمي في المجلس المحلي.
يبلغ عدد المراكز التعليمية الخاصة التي ستُغلق بموجب قرار المجلس المحلي لمدينة الباب، 20 مركزًا تضم قرابة 850 طالبًا في جميع المراحل الدارسية، بحسب المكتب التعلمي للمجلس. |
ويضيف السايح، في حديث إلى عنب بلدي، أن القرار يستهدف جميع مؤسسات التعليم الخاص، باستثناء المؤسسات المرخصة بشكل نظامي.
وعن دوافع القرار، قال مدير المكتب التعليمي إن الأسباب تتعلق بعدم وجود ترخيص نظامي لدى تلك المنظمات وعدم التزامها بتعليمات مديرية التربية في مدينة الباب، بالإضافة إلى عدم توفر بيئة تعليمية تتوفر فيها أدنى درجات القبول، فضلًا عن الأجور المرتفعة التي تتقاضاها بعض المراكز التعليمية والتي تثقل كاهل أولياء الأمور، على حد تعبيره.
لكن الأسباب الجوهرية للقرار مرتبطة بشكل أو بآخر بالمناهج التي تدرّسها المعاهد والمدارس الخاصة في الباب، والتي شكلت شرخًا تعليميًا بين المؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة.
إذ وجه المجلس المحلي لمدينة الباب وريفها اتهامات لبعض المؤسسات الخاصة بتدريس مناهج تعليمية “غير معتمدة” في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، معتبرًا أن هذه المناهج تروج لفكر النظام السوري.
لكن الأستاذ محمد مشيمش، مدير معهد “السلطان محمد الفاتح” في الباب، قال لعنب بلدي إن المناهج المعتمدة لدى معظم المؤسسات التعليمية الخاصة في الباب هي ذاتها المناهج المعدلة من قبل الائتلاف السوري المعارض.
وأضاف، “نحن نعتمد مناهج النظام السوري لعام 2010 مع إجراء بعض التعديلات المتعلقة بتغيير غلاف الكتب لاحتوائها على رموز تروج للنظام، بالإضافة إلى شطب المعلومات والمفردات التي تمجد النظام ورموزه”.
واعتبر مشيمش، الحائز على دكتوراه في اللغة العربية، أنه في حال ثبت وجود بعض المدارس التي تُدرّس مناهج النظام، فإن تبعات ذلك يجب ألا تطال جميع مؤسسات التعليم الخاص في الباب وريفها.
التعليم الخاص “حق عام”
عقب قرار المجلس المحلي بإغلاق جميع المدراس الخاصة في مدينة الباب وريفها، أصدرت بعض المؤسسات التعليمية الخاصة بيانًا مشتركًا، في 20 من تموز الحالي، رفضت فيه القرار وطالبت المجلس بالتراجع عنه، وذلك عقب اجتماع جمع ممثلين عن تلك المؤسسات ووجهاء من مدينة الباب ومدرّسين ومخاتير وخطباء مساجد.
وطرح المجتمعون حلولًا لحماية التعليم الخاص باعتباره “ضرورة” و”حقًا عامًا”، وأكدوا أنهم لن يغلقوا مدارسهم وسيستمروا في العمل ضمن المدارس والمعاهد الخاصة.
يرى الأستاذ محمد مشيمش، الذي يعمل مدرّسًا منذ 19 عامًا، أن قرار المجلس المحلي “مجحف” بحق المؤسسات التعليمية الخاصة، مشيرًا إلى أن بعض المؤسسات كانت مرخصة وسُحب منها الترخيص تطبيقًا للقرار، وأصبحت مهددة بالإغلاق.
وأضاف لعنب بلدي أن وجود التعليم الخاص “ضرورة” في وقت تشهد فيه المدارس العامة في مدينة الباب اكتظاظًا طلابيًا بوجود ما يتراوح بين 50 إلى 70 طالبًا في كل صف، وهو أمر لا يقبله بعض الأهالي ما يدفعهم إلى اللجوء للمدارس الخاصة.
وتابع، “من حق الأهالي إرسال أولادهم إلى مدارس خاصة في حال كانوا مقتدرين، هذا شأنهم الخاص ولا يمكن لأحد التدخل فيه”.
كما أن مشكلة كفاءة المدرّسين أحدثت شرخًا بين المدارس الخاصة والعامة، إذ يتهم المجلس المحلي المدراس الخاصة بدفع أجور مرتفعة للمدرّسين واستقطابهم نحوها، في حين يرى المدرسون من ذوي الخبرة أنهم لا يأخذون حقهم في المدارس العامة، بحسب مشيمش.
وضع الطلاب على المحك
بعد صدور قرار إغلاق المدارس الخاصة في مدينة الباب، سعى المكتب التعليمي في المدينة إلى رأب الفجوة وتفادي الآثار السلبية التي قد تضر بطلاب التعليم الخاص وتؤثر على تحصيلهم العلمي.
وبهذا الصدد، قال مدير المكتب التعليمي، فوزي السايح، لعنب بلدي، إنه سيتم إلحاق طلاب التعليم الخاص بالمدارس العامة بناء على النتائج العلمية التي حصلوا عليها سابقًا.
وأضاف أن المجلس المحلي سيعمل على افتتاح مراكز دورات تعليمية ضمن مدارس مديرية تربية حلب بأسعار رمزية، كما أنه سيمنح فرصة للمعاهد الخاصة بإقامة الدورات التعليمية في مدارس مديرية التربية، ما قد يخفف عنهم الأعباء المالية وبالتالي تنخفض النفقات على الطلاب وأولياء الأمور.
ويسعى المجلس المحلي، المدعوم من تركيا، إلى افتتاح مدارس التعليم الشعبي وشعب لمحو الأمية، وتنظيم برامج التعليم التعويضي مجانًا للطلاب ضعيفي التحصيل والذين انقطعوا عن الدراسة تحت ظروف القصف والتهجير، بحسب السايح.
وكان المكتب التعليمي في المجلس المحلي لمدينة الباب أصدر، في منتصف آب 2018، بيانًا قضى بضرورة ترخيص المعاهد الخاصة في المدينة وفق شروط محددة.
ومن بين الشروط تحديد مساحة 2000 متر مربع للمعهد الخاص، إضافة إلى وجود تنوع في المدرّسين المختصين بين إناث وذكور، الأمر الذي اعتبره بعض أصحاب المعاهد شروطًا “تعجيزية”، خاصة فيما يتعلق بالمساحة.
ويأتي الإجراء السابق ضمن خطوات تعمل عليها المجالس المحلية في ريف حلب الشمالي والشرقي، بدعم من الولايات التركية، لتنظيم المنطقة بشكل كامل في مختلف المجالات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :