تشرنوبل.. تكلفة الحقيقة وتكلفة الأكاذيب

camera iconمسلسل تشرنوبل (HBO)

tag icon ع ع ع

انتشر اسم مسلسل “تشرنوبل” (Chernobyl) عالميًا بسرعة أكبر من انتشار الإشعاع النووي للكارثة التي ينقل أحداثها عبر حلقاته الخمس، وبشكل أكثر إيجابية.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية شهر أيار 2019 إعجاب المشاهدين وتقييماتهم، التي جعلته يتربع على عرش أفضل المسلسلات تقييمًا بحسب “قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت” (IMDB)، منذ صدوره في السادس من أيار وحتى انتهائه في الثالث من حزيران.

ويصور المسلسل حادثة انفجار المصنع النووي في تشرنوبل عام 1986، وهي الكارثة النووية الأخطر في التاريخ، إذ هددت الحياة في القارة الأوروبية بأكملها، وحتى الآن لا تزال منطقة الإخلاء الواسعة حول المصنع، والتي زادت عن محيط 30 كيلومترًا، هي الأكثر تلوثًا بالإشعاع حول العالم.

لا يقع المسلسل في هفوة نقل أحداث جافة ولا صدمات مروعة، بل يتميز بقدرته على نقل وقائع كارثية بإتقان وحرفية تضع المشاهد في قلب الحدث وتجذب انتباهه لأدق التفاصيل.

اعتمد كاتب المسلسل، الأمريكي كريغ مايزن، الالتزام بالحقيقة ما أمكن، حسبما قال في لقاءاته الإذاعية التي تلت عرض حلقات العمل، فقد التقى بعلماء نوويين وبسكان سابقين للاتحاد السوفيتي وقرأ شهادات من أهل المنطقة، خاصة التي نقلتها الكاتبة البلاروسية الحائزة على جائزة نوبل للأدب سفيتلانا أليكسيفيتش، في كتابها “أصوات من تشرنوبل”.

كما زار الكاتب، الذي يعرف بأعمال خيالية وأخرى كوميدية سابقة مثل The Hangover الجزء الثاني والثالث، منطقة الإخلاء المحيطة بمصنع الطاقة النووية المنفجر.

لا تزال مدينة “بريبت” التي تبعد كيلومترين عن مصنع الطاقة خالية إلى يومنا هذا، وما زالت مقتنيات ساكنيها السابقين على حالها، إذ تم إخلاؤهم مع وعد العودة بعد عدة أسابيع قبل 33 عامًا.

طاقم العمل، الذي استثنى أي ممثل أمريكي لتفادي الحساسية الروسية الأمريكية الباقية من الحرب الباردة حسبما قال الكاتب، أدى أداءًا مميزًا، إذ لا يصعب على المشاهد استشعار أحاسيس الرعب والصدمة والخوف واكتسابها عن طريقه.

يتجاوز العمل نقل الوقائع التاريخية إلى مناقشة دور السلطة الحاكمة والطبيعة البشرية في الاستجابة لها، فهو غير محدود ببلاد وزمن. يقول أحد أبطال القصة حول مسؤولية الحادثة، “أسرارنا وأكاذيبنا هي ما يعرّفنا، حينما تكون الحقيقة مسيئة نكذب ونكذب حتى ننسى أنها موجودة، لكنها موجودة، كل كذبة نقولها تشكل دينًا للحقيقة وعاجلًا أم آجلًا سيُدفع ذلك الدين”.

أدى الممثل البريطاني جاريد هاريس والسويدي ستيلان سكارسغارد والبريطانية إيملي واتسن أدوار البطولة، وكانت شخصية واتسن هي الشخصية الخيالية الوحيدة بين أبطال العمل، إذ كانت تمثيلًا لدور العديد من العلماء الذين انخرطوا في قضية تشرنوبل.

العمل من إنتاج شركتي “HBO” الأمريكية و”Sky” البريطانية وإخراج السويدي جوهان رينك، تم تصويره في ليتوانيا، شرق السويد والدنمارك، والتزم العمل بإنتاجه الضخم بنقل أدق تفاصيل الحياة في ظل الاتحاد السوفيتي السابق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة