البدو السوريون.. حرية منذ القدم كبّلها الصراع السوري

camera iconراع بدوي مع أبنائه في البادية السورية (Charles Fred)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حباء شحادة

تخلى البدو السوريون عن الرعي وعن حياة التجوال الحرة، وعانوا في إيجاد مهن وأعمال جديدة تكفيهم لتأمين الرزق.

ضاقت حدود أهل البادية الفسيحة عليهم نتيجة اشتداد الصراع السوري وسقوط عشرات آلاف القذائف والصواريخ في سوريا، مع نصب مئات الحواجز العسكرية من عشرات الفصائل المتناحرة.

عاش البدو في أراضيهم الرحبة في سوريا منذ آلاف السنين، إذ تم ذكرهم في آثار الحضارات الأولى وفي النصوص التوراتية والإنجيلية، واعتمدوا منذ القدم على رعي الأغنام والخراف والجمال، واحتفظ العديد منهم بأسلوب الترحال والتجوال لإيجاد المراعي الوفيرة الكافية لقطعانهم.

تميزوا بنمط حياة بسيط، مستمدين اسمهم وطباعهم من وضوح البادية وقسوة ظروفها، فلا زوايا خفية في حياتهم ولا عوائق تحد بينهم وبين الطبيعة، يعيشون أحرارًا من أغلال الحضارة المعقدة وضجيج التطور التقني.

لا يوجد تقدير واضح لأعدادهم في سوريا، وشهدت المنطقة توافد قبائل جديدة من شبه الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر وترحال أخرى في القرن العشرين، يقودهم الجفاف وتقلب السلطات الحاكمة، حسبما كتبت الباحثة الأمريكية، داون تشاتي، في مجلة “عمران للعلوم الاجتماعية” الدورية في شتاء عام 2016.

وحسبما كتبت الباحثة المختصة في دراسة البدو في سوريا ولبنان، بقي البدو على هامش الدولة، ساعين دومًا للحفاظ على خصوصيتهم وأسلوبهم في الحياة، ولكن اعتمادهم على أسلوب الغزو وقطع الطرق عند ضيق الأحوال، دعا السلطات لمحاولة احتوائهم والتحكم بهم مرارًا.

تعامل معهم الحكام العثمانيون ولكن السلطات الفرنسية هي من حاولت تقديمهم ودمجهم في المجتمع، فسجلت أراضي واسعة من البادية باسم قادة العشائر الكبيرة ومنحتهم تسعة مقاعد في البرلمان السوري، ولكن تلك المقاعد قُلصت إلى ستة مع استلام حزب البعث للسلطة.

كما عمد البعث، حاملًا شعار نبذ القبلية، إلى استرجاع الكثير من أراضيهم وقدمها للفلاحين وخصص بعضها لتوطين الأسر البدوية، مع ضم البدو لصفوف الجيش ومنحهم مناصب وزارية مهمة في الدولة.

بدء الصراع وتحول المسار

فقد البدو قدرتهم على الترحال ورعاية قطعان الماشية بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في سوريا، حسبما قالت ثريا محمد الحسن، وهي من عرب بني زيد، لعنب بلدي.

وأوضحت ثريا محمد الحسن أن أسلوب الحياة القديم لم يعد ممكنًا، “لم يعد بإمكان المرء أن يتجول بنفسه، عدا عن اقتياد الأغنام، والاستمرار في العيش في الخيم”، بسبب القصف المنتشر في كل مكان، على حد تعبيرها.

اضطرت عشيرتها للاستقرار في منطقة الغاب، بعد أن كانت تتجول في مناطق البادية بين تدمر وشرقي السلمية في ريف حماة.

ورغم “سهولة” الحياة الزراعية مقارنة بحياة الرعي التي تحتاج للترحال الدائم والعناية الكبيرة، إلا أن الأحوال الجديدة ليست جيدة بالنسبة لها.

قالت ثريا وهي تشرح قيود الأوضاع الحالية، “كانت المرأة فيما سبق قادرة على التحرك بحرية.. أما الآن فلا المرأة ولا الرجل قادران على الحركة”.

وبالنسبة للحال الاقتصادي فإن العمل الجديد لا يكاد يكفي احتياجاتهم، مع اضطرارهم للبحث الدائم عن العمل الأفضل لطلب الرزق، وعدم تمكنهم من الاحتفاظ بما يزيد على 10 إلى 15 رأسًا من الغنم في ظل القصف.

شهدت مناطق البادية قتالًا شديدًا مع تصارع فصائل النظام والمعارضة واستيلاء تنظيم “الدولة الإسلامية” على مناطق واسعة منها قبل أن يشن التحالف الدولي غاراته عليها.

واليوم، كما أضافت ثريا، “لا يجد الناس لقمة لسد الرمق، من تمكن منهم من المغادرة فرج الله عنه، ومن بقي لا خيار له سوى مقارعة الحياة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة