الأرمن السوريون.. غربة في الوطن الأم

camera iconأفندي أبو ساو مسيحي أرمني يقف عند بقايا كنيسة أرمنية في الرقة ضربتها غارة جوية في أثناء الصلاة - 24 شباط 2018 (NurPhoto)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حباء شحادة

أحيا الأرمن حول العالم، في 24 من نيسان الحالي، ذكرى الضحايا الذين سقطوا في المذبحة التي تُتهم الدولة العثمانية بارتكابها بحقهم عام 1915.

يقدر الأرمن أعداد القتلى إثر المذبحة بنحو مليون ونصف مليون، لكن الحكومة التركية ترفض قبول هذا الاتهام، وتقول إنها تمتلك أدلة ووثائق تبين أن مئات الآلاف من الأتراك والأرمن قتلوا خلال حرب الدولة العثمانية ضد القوات الروسية الساعية لاحتلال شرق الأناضول.

ومع الاختلاف الكبير بين ما تحفظه الذاكرة الأرمنية والذاكرة التركية إلا أن المؤكد هو سقوط الآلاف من الضحايا ومرور الآلاف من الناجين بمأساة النزوح واللجوء التي قادت جزءًا منهم حينها للعيش في سوريا.

سوريا.. الوطن القديم الجديد

يعود الوجود الأرمني في سوريا إلى العهد البيزنطي، إذ كان للأرمن إمبراطورية شاسعة، دامت ما بين عامي 321 قبل الميلاد وحتى 428 للميلاد، ووصل نفوذها إلى شمالي سوريا، واتخذت مدينة أنطاكيا كإحدى عواصمها الأربع.

أدى التقدم الرومي إلى أرمينيا لهجرة أعداد من أهلها نحو الشمال السوري مجددًا، فسكنوا في حلب وكلّس وغازي عنتاب ومرعش وأنطاكيا، ودام بقاؤهم حتى وصول الغزو المغولي.

غادر الأرمن تلك المناطق وأنشؤوا إمبراطورية جديدة في كيليكيا، دامت نحو مئة عام، وعند زوالها عادوا إلى حلب وشكلوا الأبرشية الأرمنية فيها خلال القرن الخامس عشر.

واستمروا بالتوافد إلى المناطق السورية خلال فترة الحكم العثماني، إلا أن أكبر تدفق لهم كان بداية القرن العشرين.

متساوون في الحقوق والواجبات

وفقًا لوزارة الشتات الأرمنية فإن العدد المقدر للأرمن في سوريا هو 100 ألف، مع ما يزيد على 60 ألفًا في حلب، في حين تذكر تقديرات أخرى أن أعدادهم تترواح ما بين 60 و80 ألفًا.

صار الأرمن جزءًا من الشعب السوري، ومُنحوا الجنسية السورية وأصبحوا مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات مع بقية أفراد الشعب.

“اندمج الأرمن جيلًا بعد جيل في سوريا، ويعتبرونها بلدهم الأم مع احتفاظهم بانتمائهم الأرمني”، حسبما قال الممثل الأرمني السوري جيرار آغاباشيان، لعنب بلدي.

كما أقاموا في سوريا العديد من الكنائس، وأقدمها كنيسة الأربعين شهيدًا في حلب والتي تعود لعام 1491، إذ اعتنق الأرمن المسيحية منذ بداية القرن الثالث للميلاد، وتبع معظمهم الطائفة الأرثوذكسية.

كما يملك الأرمن العديد من المدارس والمعاهد الخاصة التي تدرّس اللغة الأرمنية، وكذلك لديهم العديد من المطبوعات والمجلات الصادرة بلغتهم.

وقال آغاباشيان إن الاندماج الأرمني ضمن المجتمع يختلف من منطقة لأخرى في سوريا، حسب تنوع أصول السكان فيها، “أحيانًا لا يُعرف الأرمن سوى من أسمائهم المميزة التي يحملونها، وفي مناطق أخرى يتجمع الأرمن لوحدهم، إذ تكون نسبة الاندماج فيها أقل، إلا أن ذلك لا يتعارض مع كونهم يعتبرون أنفسهم سوريين”.

وكان للأرمن حضور ومشاركة دائمة في شتى المجالات ضمن الحياة السورية، من السياسة والجيش وحتى الثقافة والفن.

وبالنسبة للعادات والتقاليد، يضيف آغاباشيان، أن الأرمن احتفظوا ببعض الأطعمة المميزة من تراثهم الأرمني، رغم أنها تحضر بطريقة مختلفة عن الطريقة المتبعة في أرمينيا اليوم.

كما يتميز الأرمن بإقامتهم بعض الأعياد الدينية المميزة، وإحيائهم لذكرى المذبحة الأرمنية.

هجرة متجددة

بعد بدء الصراع السوري عام 2011، وانتشار العنف وغياب الأمن وسوء الشروط المعيشية، اضطر جزء من الأرمن، كغيرهم من أفراد الشعب السوري، لمغادرة ديارهم والبحث عن الأمان خارج سوريا.

وبحسب تقديرات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن ما يزيد على 14 ألفًا من الأرمن السوريين عادوا إلى أرمينيا، وحصلوا على حق اللجوء أو على الجنسية الأرمنية.

كما غادر الآلاف من الأرمن إلى لبنان وإلى دول أوروبا وأمريكا، ما قلص من أعدادهم في سوريا بنحو النصف أو أكثر، مع عدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد من تبقى منهم.

عدا عن اختلاف اللهجات المحكية بين أرمن المهجر والأرمن المحليين، يواجه الأرمن السوريون في أرمينيا اختلافًا في بعض العادات الاجتماعية والثقافية.

يزور آغاباشيان أرمينيا وبحسب ما رصد وشاهد من الأرمن السوريين فإن أغلبهم “يشعرون بالغربة، ويعتبرون أرمينيا بلدًا أجنبيًا، كما يواجهون مصاعب بالاندماج في المجتمع الأرمني المحلي”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة