تعا تفرج

وسيم الأسد: العِرْض أهم من الغاز

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

أعتقد أن الحرب التي شنها المسلحون المتآمرون المدعومون من الدول الإمبريالية والرجعية على الدولة السورية الآمنة قد انتهت. جاءني هذا الخاطر من خلال معرفتي بالتسلسل المنطقي لما يجري في العُدوانات المسلحة على الدول المستقرة التي تُسَمَّى زورًا وبهتانًا (الثورات) عبر التاريخ، فهذه العدوانات تنقسم إلى قسمين رئيسين، القسم الأول يتلخص بأن تتصدى الدولة المعتدى عليها عسكريًا وإعلاميًا للعدوان، وأن يستمر هذا التصدي حتى تحقيق النصر.. وأما القسم الثاني، الذي يلي النصر، فهو التنظير، إذ تتصدى مجموعةٌ من كبار فلاسفة المُعْتَدَى عليها ومثقفيها ومتنوريها لتوعية الجماهير، ومنع أبناء الشعب الصامد من الانزلاق في مهاوي الإشاعات.. ومعلومٌ أن الدول الداعمة للمسلحين الإرهابيين، حينما تتذوق مرارة الهزيمة العسكرية، ستنتقل إلى الخطة باء، وهي “العدوان الإلكتروني”، إذ تسعى إلى وَهن نفسية الأمة المنتصرة بافتعال مشاكل وأزمات اقتصادية، وتباشر بتحريض الشعب المنتصر على قيادته الحكيمة، مؤملًة أن تحقق بالإشاعات ما لم تتمكن من تحقيقه في ساحات الوغى.

أول بوادر ظهور الفلاسفة والمفكرين في الأزمة السورية تجلت بإجراء القطيعة مع مشاهد الحرب وملابساتها، يعني أن فلسفات سهيل الحسن وعصام زهر الدين، وصورة زهير عبد الكريم وهو يُقَبل البوط، وتصريحات مهدي دخل الله المنادية بتوجه الطبقة السياسية السورية لتقبيل البوط قبل العودة إلى ديارهم التي طُردوا منها، قد أصبحت جزءًا من الماضي، وأما الفلسفة الحقيقية التي تتناسب مع المرحلة الجديدة فتبدأ من تصريحات الدكتور حيدرة بهجت سليمان الذي راح يتضرع إلى الله بأن يشفي زوجة قائده المصابة بسرطان الثدي، بكل رَوَاق وأريحية، موجهًا إلى “معارضة الكلب” كل أنواع البصاق والشتائم، وقد ظننا يومئذ أن حيدرة سيحتل مركز جان جاك روسو الفرنسي في الشأن السوري، من حيث الذكاء والعمق الفلسفي، ولكننا فوجئنا، قبل أيام، بفيلسوف يستطيع أن يضع عشرين حيدرة في جيب الطيز، وأعني الدكتور وسيم بديع الأسد الذي أطل علينا بفيديو خاطبنا فيه، نحن أبناء الشعب السوري، بكل وضوح، قائلًا إن غاز البوتان المنزلي والعِرْض ضدان لا يجتمعان، والمواطن السوري، حيال هذه المعادلة، إما “عرصة” أو شريف، العرصة يقبل على نفسه أن يكون لديه أسطوانة غاز مملوءة، ويمضي أطراف الليل وآناء النهار في قلي البطاطا وطبخ المحاشي وغلي الشاي والقهوة والمتة بينما المسلحون المتآمرون يسخمون نساءه! وأما الشريف فيرفض الغاز بكل إباء وشَمَمْ، ويعيش العمر كله بلا غاز، ولا حتى حطب..

الدكتور وسيم الأسد يَعْرف، حق المعرفة، أن عامة الناس من أمثالنا، عقولهم محدودة، ومقدرتهم على الاستيعاب ضئيلة، لذلك اضطر لأن يشرح لنا أن زعيمة الإمبريالية أمريكا أكثر دولة في العالم “انتكحت” من الانتصارات التي حققتها الدولة السورية على المسلحين، فما كان منها إلا أن اعترضت طريق باخرة سورية فيها أكثر من 50 ألف أسطوانة غاز، وأغرقتها، ثم أوضح لنا، في فيديو لاحق، أننا بالفعل لا نفهم (طَشَنَاتْ)، فلو أننا نعرف خطورة ما جرى في ليبيا وبالقائد القذافي، لقلنا: ما أحلاها القَطْعة من الغاز!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة