حالة الاستثناء.. الإنسان الحرام

tag icon ع ع ع

يستهل الكاتب الإيطالي جورجو أغامبين كتابه “حالة الاستثناء” بعرض مشكلة “الاستثناء” أو “الحالة الطارئة” التي هي في أصلها صعبة الإدراك أو الفهم.

حالة “الاستثناء” أو “حالة الطوارئ”، كما هي معروفة في واقعنا الحالي، هي الحالة التي تعلق فيها القوانين في البلاد، ويعلق العمل بالدستور بسبب حالة ضرورة واقعة في البلاد.

بداية طرح الحالة كانت عندما سأل أغامبين سؤالًا جوهريًا حول من يملك السيادة في الدولة الحديثة؟ هل الشعب الممثل بالمجلس التشريعي (البرلمان) أم الدولة في سلطتها التنفيذية والتي تملك تعليق القانون والدستور بحالات الاستثناء؟

ويناقش أغامبين في كتابه ما أسسه الكاتب وفقيه القانون الدولي وأبرز منظريه كارل شميت، حول نظرية السيادة وحالة التلازم الجوهري بين حالة “الاستثناء” والسيادة، من خلال وضع تعليق الدستور بيد السيادة.

يرى أغامبين أن فقهاء ومشرعي ومنظري القانون يأخذون مسألة “حالة الاستثناء” كحالة عابرة لا تشكل مسألة أصيلة في القانون، فضلًا عن التأكيد حول أن حالة الضرورة التي تتعلق بها حالة “الاستثناء” لا يمكن أن تكون قانونية.

لا يمكن الجزم بأن حالة “الاستثناء” هي حالة قانونية بحتة أو سياسية بحتة ما يجعلها صعبة التعريف، كما يحدث في حالات الثورات والمقاومة، لتعرف بأنها تلك الحالة التي يسهل فيها تبرير أفعال صاحب السلطة أو السيادة للحفاظ على النظام القانوني، وكأنها كما يقول أغامبين تعليق القانون لأجل القانون.

ينتقل الكتاب، الصادر عام 2013، عبر التاريخ من تجربة الإمبراطورية الرومانية حتى فرنسا في حقبة نابليون وما قبلها، وصولًا إلى مرحلة النازية الألمانية، والولايات المتحدة الأمريكية عندما أقرت القانون العسكري عام 2001، كرد فعل على أحداث 11 من أيلول، فيجيز القانون اعتقال الأجانب المشتبه بتورطهم في أنشطة إرهابية لأجل غير مسمى.

اعتبر أغامبين أن هذا القانون نموذج لدراسة حالة “الاستثناء” ففيه يتم إلغاء أي حقوق قانونية للفرد ويصير الشخص عندما يقبض عليه يقف بين حالتين، كما هو الحال في قضية معتقلي حركة “طالبان” الذين لا يتمتعون بمكانة أسرى الحرب، كما أنهم ليسوا متهمين بل مجرد معتقلين بحكم الأمر الواقع.

دراسة أغامبين تقع على حدود التماس بين القانون والسياسة وحياة الناس اليومية متتبعة منذ بداية التاريخ حتى يومنا هذا، ليصل أغامبين في نهاية المطاف إلى الأفكار الأصيلة المتطلعة نحو مستقبل الديمقراطية ويلقي ضوءًا جديدًا على العلاقة الخفية التي تربط القانون بالعنف.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة