سوريا ولجنة تصفية الاستعمار

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

بالرغم من وجود بشار الجعفري في لجنة تصفية الاستعمار كمقرّر، فإن واقع سوريا صار واضحًا للعيان بأنها دولة مستعمَرة من قبل روسيا ومن قبل إيران، وصار بشار الأسد بمثابة خادم سيدين، وتبرهن على هذا الواقع تصريحات الدولتين المستعمِرتين بكون سوريا وثرواتها، صارت ملكًا لهما.

تأسست لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ في 14 من كانون الأول 1960. وهي تتألف من 24 دولة وأعطيت مهلة 50 سنة لتصفية الاستعمار، وقد تم تجديد ولايتها لمدة عشر سنوات في عام 2010، تنتهي في عام 2020، وعلى قادة اللجنة، وعلى الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقارير منتظمة عن وضع الأقاليم والدول المستعمَرة، وبيان وضعها والخطوات التي يتوجب اتخاذها بشأن هذه الدول والأقاليم.

وحتمًا لم تؤسس الأمم المتحدة هذه اللجنة من أجل بشار الجعفري، وأمسياته الشعرية التي يلقيها في الأمم المتحدة، والتي تتضمن تلاوة أشعار لنزار قباني، وحبه لدمشق، والتي صارت سبية بيد الإيرانيين، والروس، منذ أن قرر نظام الأسد عدم الاستجابة لمطالب الشعب السوري، والاستعانة بالجيوش والميليشيات الأجنبية للحفاظ على كرسي الحك

مع نظام بشار الأسد برز جيل جديد من المستعمرين، فلم تعد قائمة الدول المستعمِرة تخضع لأمريكا ولبريطانيا ولفرنسا، بل صارت روسيا وإيران ضيوفًا جددًا في قائمة الدول الاستعمارية، وسواء كانت هذه الدول الاستعمارية الجديدة تقوم بدور الوكالة الاستعمارية، أم أنها تقوم بذلك لوحدها، ولمصالحها، فإن واقع الحال في سوريا ينطبق على وصف سوريا كدولة مستعمَرة من قبل الروس والإيرانيين، ويتوجب أن تقوم الجهات الحقوقية الثورية، بتوصيف هذه الحالة بشكل قانوني، ورفعها إلى الأمم المتحدة لعرضها على لجنة تصفية الاستعمار. فبشار الجعفري صار مندوب دولة مستعمَرة من قبل روسيا وإيران، ولم يعد يمثل دولة مستقلة، منذ أن قرر بشار الأسد قتل المتظاهرين، وتدمير المدن وتهجير السكان، الذين فرّ نصفهم من وطأة الدمار، والتخريب، والتعذيب الذي ينفذه نظام الأسد بإشراف وبتوجيه من الدول المستعمرة، وهي روسيا وإيران بشكل رئيسي، بعد انسحاب الأمريكيين من شرق الفرات وبعد أن فرغوا بدورهم من تدمير حواضره بالتعاون مع النظام ومشغليه الروس والإيرانيين.

فالرئيس السوري يتم استدعاؤه من قبل الروس إلى قاعدة حميميم ليقابل وزير الدفاع الروسي، وهذا ما لم يقبله مثلًا، رئيس الوزراء العراقي الأسبوع الماضي، عندما زار الرئيس الأمريكي ترامب قاعدة عين الأسد في العراق.

اليوم يتم تقاسم الثروات والأراضي وحتى القوى الحاكمة، فعلي مملوك مع طاقم التعذيب والتشليح الذي يتبع له، صار ملكًا لإيران، وكذلك الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، بالإضافة إلى ميليشيا الدفاع الوطني، والميليشيات الإيرانية، والأفغانية، والعراقية، وحزب الله، الذين يحتلون ألوف القرى والبلدات في طول سوريا وعرضها، ويمارسون التبشير الطائفي الذي لا يقل إرهابًا عن التبشير الداعشي، حيث يتفق الطرفان على الحرب في الماضي الافتراضي، وليس في الحاضر، ولا الحرب من أجل بناء المستقبل أبدًا.

أما الروس فقد استولوا على البترول والغاز والفوسفات، والموانئ في طرطوس، والقواعد الحربية، والمطارات وأهمها حميميم، وغيره العشرات من المطارات، والقطعات العسكرية، التي تدار من موسكو مباشرة، بالإضافة إلى الفيلق الخامس، وميليشيات النمر.

روسيا استولت على الأراضي السورية، وحولتها إلى مختبرات لتجريب أكثر من 300 نوع من الأسلحة ولتدريب أكثر من 70 ألف عسكري من الجنود والضباط والطيارين الروس، كما نقلت صحيفة عنب بلدي عن وزير الدفاع الروسي في 3 من كانون الثاني 2019، كل ذلك فوق المدن والقرى التي تم تهجير أهلها بالأسلحة الكلاسيكية، وغير الكلاسيكية من كيماوية، وتكتيكية، لا تزال مجهولة الآثار على الأرض، وعلى البشر في المستقبل، فقد يمتد تأثير هذه الأسلحة لعشرات السنين ودون توثيق أو مطالبات قانونية بتعويض المتضررين من الشعب السوري، ودون سَوق المجرمين من نظام الأسد، ومن النظام الروسي، ومن النظام الإيراني، لمحاكمتهم على الجرائم، التي لا يزالون يرتكبونها كل يوم، دون رادع قانوني أو أخلاقي.

المطالبة بإحالة الوضع السوري إلى لجنة تصفية الاستعمار، يعتبر خطوة دفاعية عن المتضررين السوريين من هذه الهجمة الاستعمارية، التي سهلت للنظام، بل وشاركت مع النظام، في هذا التدمير والتهجير ظنًا منها أنها بريئة مما يطال الشعب السوري من خسائر كبيرة، فتوصيف سوريا كدولة مستعمَرة من قبل الروس والإيرانيين، يحمّلهم مع النظام وزر الجرائم المروعة التي ارتكبوها بحق الشعب السوري، ولا يزالون يرتكبون المزيد منها.

ناشطو وتنظيمات الثورة السورية غير قادرين على صد الأسلحة والقوى الاستعمارية، ولكن من الممكن كسب المعركة القانونية، وتحميل الدول المعنية وزر ما ارتكبته، مهما كانت هذه الدول قوية، وغير آبهة بالشعب السوري، ولا بكرامة السوريين، ولا ببلادهم التي صارت، وبكل أسف، أرضًا للخراب، ولتجريب الأسلحة، وللتبشير الطائفي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة