تجارة السلاح في عفرين “باب رزق” بانتظار التشريع

camera iconمقاتلون في "الجيش الحر" في معارك شمالي عفرين - 6 آذار 2018 (رويترز)

tag icon ع ع ع

عفرين – معتز الحسيني

عند التجوال في شوارع عفرين بريف حلب الشمالي، يلفت الانتباه انتشار محال تجارية ليست لبيع الملابس أو الأدوات المنزلية، بل سلعتها هي السلاح.

“أبو يعقوب”، تاجر أسلحة في عفرين، لكن بنشاط محدود، فهو لا يملك محلًا تجاريًا، أو بضاعة كثيرة، يقول لعنب بلدي عن سوق السلاح في مدينة عفرين، “أصبح هذا النوع من التجارة مألوفًا في مجتمع يعيش حالة حرب، فأصبح الطفل قبل الكبير يعرف أنواع الأسلحة ويميز صوتها وذخيرتها، وربما لا يوجد شخص في المناطق المحررة لم يشترِ أو يبع سلاحًا ما”.

وبعد السيطرة على مدينة عفرين من قبل فصائل “الجيش الحر” المدعومة تركيًا، في آذار 2018، دخلت إلى السوق المحلي “سلعة جديدة”، أصبحت بمتناول الجميع وهي “الأسلحة”، مع مستلزماتها من ملابس عسكرية ومعدات إضافية.

تجارة السلاح “باب رزق” يحسّن دخل المقاتلين

وعن توجه بعض المقاتلين السابقين لهذه التجارة يقول “أبو خطاب”، حسب ما يكني نفسه، وهو يملك أحد هذه المحلات في شارع رئيسي في المدينة ومقاتل سابق في أحد الفصائل العسكرية التي شاركت بالسيطرة على المدينة، “من خلال عملي كمقاتل لسنوات طويلة أصبحت لدي خبرة ممتازة بأنواع الأسلحة واستخدامها وصيانتها، وبعد أن تركت فصيلي السابق بسبب قلة الدخل توجهت نحو هذه التجارة، فهي بسيطة وأرباحها جيدة ولا تحتاج جهدًا مثل غيرها من المهن”.

ولم تقتصر التجارة على المحلات الكبيرة بل أيضًا يوجد تجار صغار يمارسونها بحسب قدرتهم، ويضيف التاجر “أبو يعقوب”، “يوجد عدد كبير من محلات بيع الأسلحة، لكن هناك عددًا كبيرًا من التجار الصغار (مثلي) نحاول أن نعيش على مثل هذا النوع من التجارة، فهي سلعة رائجة جدًا في المناطق التي تشهد معارك وقتالًا أيًا كانت الأطراف، وبحكم خبرتي كمقاتل في الجيش الحر دخلت هذا الباب كمصدر دخل إضافي لي لقلة رواتب العسكريين”.

وتقارب رواتب المقاتلين المنضوين في “الجيش الوطني” 300 دولار شهريًا، وهي أرقام ضبطتها تركيا بعد إعادة هيكلة فصائل ريف حلب تحت هيئة أركان واحدة، بتنسيق مع الحكومة السورية المؤقتة.

ويوضح “أبو يعقوب” أنه، هو وغيره، من التجار الصغار، يعتمدون على بيع وشراء القطع للاقتناء الشخصي وخاصة “المسدسات”، وهم في بحث دائم عن قطع جيدة بأسعار أرخص من السوق، ليبيعوها إلى شخص آخر بعد إضافة الربح، مشيرًا إلى أن أغلبية الزبائن من الأصدقاء والمعارف، وهو بذلك يعرف “من أين أتى السلاح وأين يذهب”، على حد تعبيره

فلتان أمني وفوضى بيع السلاح

منذ سيطرة فصائل “الجيش الحر” سادت حالة من الفوضى في المنطقة، وبالرغم من عدم ارتباط هذه الفوضى بالضرورة بانتشار محلات بيع السلاح، لكن وجود هذه المحلات يجعل الحصول على أي قطعة سلاح يحتاجها الشخص بغض النظر عن انتمائه خيارًا سهلًا.

وفي خطوة متأخرة، أعلنت فصائل “الجيش الوطني”، في 18 من تشرين الثاني الماضي، حملات أمنية قالت إنها تستهدف “المجموعات الفاسدة”، والتي ارتبطت عمليات الخطف بها منذ اليوم الأول للسيطرة على المدينة.

يضيف “أبو خطاب”، “في محلي نبيع ونشتري جميع أنواع الأسلحة الفردية والخفيفة وحتى المتوسطة، وغالبًا ما تكون مستعملة، بالإضافة إلى أسلحة الصيد والذخائر والملابس والجعب وكل ما يحتاجه المقاتل”.

وعن زبائنه يقول، “معظم زبائني هم من العسكريين الذين ينتمون لفصائل الشمال المختلفة، وغالبًا يشترون التجهيزات أو الأسلحة للملكية الشخصية بعيدًا عن فصيلهم، أو عند حصولهم على قطعة سلاح من مكان ما أو خلال المعارك، نشتريها منهم بسعر السوق وهي أحد موارد الدخل لديهم”.

وعن إمكانية وصول السلاح للشخص الخطأ أوضح “أبو خطاب”، ” كل محل مرتبط بزبائن معينين وهم معروفون لدينا، ونثق بكونهم مرتبطين بفصيل ما يضبط هذا السلاح، كما أننا في حالة الشراء نحاول قدر الإمكان معرفة مصدر السلاح، فبالنهاية هذا (باب رزق) ولا نستطيع أن نأكل مالًا حرامًا أو لقمة مغمسة بالدم”

مساع لتشريع التجارة

نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة عفرين، محمد الشيخ، قال لعنب بلدي، “لاحظنا انتشار محلات بيع السلاح بشكل كبير في المدينة، وبسبب حداثة تشكيل المجلس والفوضى التي أعقبت التحرير، بقيت هذه المحلات دون ضوابط”.

وأضاف الشيخ، “هذه المحلات تفتح من دون ترخيص ولا تخضع حاليًا للرقابة، لكن تنظيم هذه التجارة وضبطها هي من الأمور المطروحة على الطاولة وقيد الدراسة”.

وعزا المسؤول التأخير في وضع قانون ناظم لاقتناء وتجارة الأسلحة، كما هو الحال في مناطق “درع الفرات”، إلى الانشغال بالأمور المتعلقة بتجهيز خدمات المدينة وبناها التحتية من شبكات مياه وطرق ونظافة.

ماذا عن الأسعار؟

وعن أسعار الأسلحة يقول التاجر “أبو يعقوب” إنه بعد السيطرة على منطقة عفرين وفتح الطريق بين إدلب وريف حلب الشمالي انهارت أسعار الأسلحة، فسعر البندقية الحربية الروسية (كلاشينكوف) يبدأ من150 دولارًا حتى الـ 2000، حسب جودتها وطرازها والبلد المصنع، وهي من أكثر القطع التي تباع وتشترى.

وبالنسبة لذخيرتها فيتراوح سعر الرصاصة بين50 و100 ليرة سورية، وتتصاعد حسب نوعها وعيارها كذلك. ويقابل كل دولار نحو 500 ليرة سورية بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص.

وبالنسبة للمسدسات، فبحسب التاجر، بقيت محافظة تقريبًا على أسعارها وتبدأ من 200 دولار وتتصاعد لتصل إلى2500 دولار، حسب نوع المسدس وبلد التصنيع وعيار الرصاصة، وغالبية الموجود في السوق روسي أو أمريكي وهو الأعلى سعرًا، وتوجد مسدسات ذات منشأ مختلف ولكنها رديئة، كما أن أسعار ذخيرتها تبدأ من200 ليرة سورية حسب العيار وبلد التصنيع.

وتباع أيضًا القنابل، ويبدأ سعرها من30 دولارًا، وكذلك رشاشات “بي كي سي” التي تبدأ أسعارها من600 دولار، بينما تبدأ أسعار الجعب من15 دولارًا.

وهذه الأسعار تتغير حسب العرض والطلب وحاجه البائع والمشتري ولا يوجد سعر ثابت لقطعة معينة، بحسب التجار الذين تواصلت معهم عنب بلدي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة