تعا تفرج

إشاعات جديدة

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

نشرت “عنب بلدي” تقريرًا صحفيًا عن الإشاعات التي يجري تداولُها في دمشق، كتلك الإشاعة التي أطلقها الإعلامي الوضيع “شادي حلوة”، وزعم فيها أن النظام السوري ألغى دعوات السحب الاحتياطية، وأكد أنه استقى هذه المعلومة من مصادر رفيعة المستوى! وبعد يومين فقط، وكما هي العادةُ عندما لا تروق الإشاعةُ لجماعة النظام، نفى “شادي حلوة” كل ما قاله، وسحب إشاعته من ميدان التداول، صاغرًا بالطبع، فانتقل المتابعون من ميدان الجد والاهتمام، إلى ميدان التندر والاستهزاء و”التَفْنيص”، كقولهم إن واحدًا من ضباط المخابرات الكبار اتصل بـ شادي، ووبخه، وهَزَّأه، ووصفه بأنه “كرّ”، و”بَزَقْ فَسْط وجهه”، وأَمَرَه بسحب هذا العلك الصدئ من ميدان التداول، فضرب تحية عسكرية، عبر الهاتف، وقال: أمرك سيدي.

لا شك أن الأنظمة الديكتاتورية هي التربة الأكثر خصوبة وملاءمة لإطلاق الإشاعات، والنظام السوري هو دُرَّةُ الأنظمة الديكتاتورية المُطْلِقَة للإشاعات بلا منازع، وكانت ثمة إشاعات كبيرة تُسَرِّبُها الطغمة المخابراتية الإعلامية الأسدية بشكل دائم. فمثلًا، كان حافظ الأسد يعادي معظم قيادات الدول العربية، وكان يقتل الفلسطينيين حيث ثقفهم، أو يسجنهم، أو ينكل بهم، ومع ذلك كانت أبواقُه تشيع أنه عروبي، وحدوي، يتبنى قضية العرب المركزية، فلسطين، ولا يفرط بشبر من أرض العرب.

ويتشدق النظام الأسدي بأنه مقاوم، مع أن أقصى درجات مقاومته هي الاحتفاظ بحق الرد للعدو في الزمان والمكان المناسبين، وأما خياره الاستراتيجي فهو السلام مع العدو الغاصب، ولكنه، كما تصفه الأبواق: سلام عادل، وشامل، و”سلام شجعان”!

وكان نظام الأسد يتحايل، بالإشاعات، على الناس، بقصد أن يشلحهم أموالهم وممتلكاتهم، مثلما حصل في سنة 1983 عندما أعلنت شركة “أفتوماشين” عن الاكتتاب على بيكآبات زراعية بسعر رمزي مقداره ثلاثون ألف ليرة سورية. يومئذ صدق الناس الإشاعة وشرعوا يبيعون أساور نسائهم، ومفروشاتهم المنزلية، ويقترضون من أقاربهم، ثم يحملون المبلغ المطلوب إلى المصرف التجاري السوري الذي صار يعبئ الأموال بالأعدال ويشحنها إلى المصرف المركزي، وكان التضخم النقدي في تلك السنوات قد بلغ أرقامًا قياسية، ومع مرور الزمن بدأت القيمة الشرائية لـ 30 ألف ليرة سورية التي دفعها المكتتب تنخفض، حتى نزلت، خلال بضع سنوات، إلى الثلث، ووقتها أصدرت القيادة الحكيمة اعترافًا بأنها لَنْ تستورد بيكآبات زراعية ولا ما يحزنون، فمَنْ شاء أن يسحب نقوده، فليسحبها بعد التخلي عن ألف ليرة سورية تحت بند عمولات!

وكانت الطغمة الحاكمة تلعب بأعصاب الشعب في آناء الليل وأطراف النهار، فياما أعلنت إحدى الدوائر الحكومية عن رغبتها في تعيين موظفين، فيهب العاطلون عن العمل ليتزاحموا عند باب تلك المديرية، بالألوف، ويشترون المصنفات والأوراق والطوابع، ثم يتضح أن المديرية قد عينت بعض المقربين من الطغمة بالوكالة، ثم أعلنوا عن المسابقة ليثبتوهم، وبعد أن يبتلع المواطنون خيباتهم، يضخون لهم إشاعة جديدة، وهي ضرورة تسجيل أسماء طالبي العمل في سجلات مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، فيهرع الناس لتسجيل أسمائهم، بنفس السيناريو، وخلال وقت قصير يعود كل شيء إلى المربع الأول، مربع البطالة والفقر والاضطهاد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة