تأسيس شركات وتجنيس.. لبنان مطية الأسد للتحايل على العقوبات

camera iconوزير الخارجية السوري وليد المعلم واللبناني جبران باسيل (تويتر جبران باسيل)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- مراد عبد الجليل

اتسمت العلاقة بين رجال أعمال لبنانيين وعائلة الأسد الحاكمة في سوريا بتحالفات وشراكة قائمة على المحاصصة الاقتصادية، بينما استغل النظام السوري قنوات نفوذ له في لبنان من أجل تأسيس شركات “أوف شور” تعتبر ملاذات آمنة لإيداع أموال رجالاته، وتضمن سرية المودعين ولا تخضع أموالهم لضرائب مرتفعة.

الشراكة الاقتصادية بين سياسيين ورجال أعمال لبنانيين مع الغرفة الاقتصادية الضيقة في سوريا كانت تتسم بالغموض سابقًا، لكنها بدأت تظهر إلى العلن خلال العامين الماضيين، عبر تأسيس رجال أعمال لبنانيين شركات مقاولات في سوريا، إلى جانب منح رجال أعمال سوريين مقربين من الأسد الجنسية اللبنانية.

شركات لبنانية للالتفاف على العقوبات

شهد العام الماضي دخول رجال الأعمال اللبنانيين إلى سوريا بشكل نظامي، تمهيدًا للمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار الغامضة حتى الآن، عبر تأسيس شركات خاصة بالإعمار والمقاولات إذ شارك مستثمرون لبنانيون بتأسيس 13 من أصل 23 شركة أسسها أجانب في هذا المجال، ما يجعلهم أصحاب الحصة الأكبر بين غير السوريين.

آخر هذه الشركات هي “أي إف للمقاولات”، وتعود ملكيتها للمستثمر اللبناني أنطونيو فرنجيه بنسبة 47.46%، واللبناني رشيد أبو شقرا بنسبة 47.48%، بينما يملك السوري خليل العليوي 5%0..

وستعمل الشركة في مجال التعهدات والمقاولات والاستثمارات، وإنشاء وتوسيع وهدم المباني بأنواعها، وأعمال الطرق والجسور والسكك.

كما شهد العام الماضي ترخيص شركة تعود لعائلة فتوش اللبنانية وشركائها، وعلى رأسهم رجل الأعمال بيار فتوش، شقيق الوزير السابق والنائب في لبنان نقولا فتوش، والملقب بـ “ملك الكسارات” في لبنان، وهو يتمتع بعلاقات قوية مع شخصيات بارزة في النظام وخاصة رئيس مكتب “الأمن الوطني”، علي مملوك، وتعمل الشركة على استخراج الفوسفات الخام في محافظة حمص.

دخول عدد كبير من الشركات اللبنانية إلى السوق السورية قبل تبلور الحل السياسي وانطلاق عملية إعادة الإعمار قد يكون احتياطًا من قبل النظام السوري، في حال تمت عملية إعادة الإعمار بطريقة لا تتوافق مع مؤسسات الدولة القائمة حاليًا، كتدخل المعارضة أو دول أوروبية اشترطت سابقًا رحيل الأسد للمشاركة بالإعمار، وبالتالي يلجأ رجال الأعمال المقربون من الأسد والمعاقبون دوليًا إلى حيل منها تأسيس تحالفات مع كيانات أو شركات أو رجال أعمال لبنانيين.

المحلل الاقتصادي سقراط العلو اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن الشركات هي غالبًا شراكات بين رجال أعمال موالين للأسد مع رجال أعمال لبنانيين، أو حتى يمكن أن تكون لرجل أعمال لبناني واحد لكنه واجهة لمسؤول سوري، مشيرًا إلى أن رجال الأعمال قد يكونون ستارًا لـ “حزب الله” ويبحثون عن حصة من إعادة الإعمار كمكافأة لهم على مساندة النظام.

في حين اعتبر المحلل الاقتصادي مناف قومان أن دخول الشركات اللبنانية إشارة مهمة إلى نواياها بكسب حصة من الاستثمارات في المرحلة المقبلة، والتي ستشهد حركة ضخمة في إعادة بناء ما تدمر من مرافق ومنازل وبنى تحتية.

وحول علاقة هذه الشركات بالنظام السوري قال قومان لعنب بلدي إنه لا أحد يستطيع الدخول إلى السوق السورية دون رضا النظام ورجالاته وأخذ الضوء الأخضر للدخول والعمل.

وأضاف أن خضوع سوريا وكيانات وشخصيات نافذة مقربة من الأسد للعقوبات الدولية، تجبرهم على الالتفاف على العقوبات والمشاركة مع أشخاص آخرين سوريين ولبنانيين ومن جنسيات أخرى ممن لم تطلهم العقوبات، وبالتالي تسهيل دخولهم إلى السوق السورية ومنحهم الاستثمارات والفرص كغطاء للتهرب من العقوبات الدولية.

أسماء مقربة من الأسد جُنست لبنانيًا

علاقة لبنان اقتصاديًا بالنظام السوري لم تقتصر على تأسيس الشركات، وإنما تعدت ذلك إلى قرار بتجنيس رجال أعمال مقربين من الأسد في لبنان، الأمر الذي أثار ضجة إعلامية وسياسية خلال الأسبوع الماضي.

ونشرت وزارة الداخلية اللبنانية مرسوم التجنيس، الخميس 7 من حزيران، وشملت القائمة عدة جنسيات، وبلغ عدد السوريين الحاصلين على الجنسية اللبنانية 103 من أصل 407 أشخاص.

ومن الأسماء السورية، رجل الأعمال عبد القادر صبره، الذي يعتبر من أبرز 100 رجل أعمال في سوريا، ويملك وكالة “صبره” البحرية، وهو رئيس مجلس رجال الأعمال السوري- التركي، وأول رئيس لغرفة الملاحة البحرية في سوريا.

كما شملت القائمة خلدون الزعبي، وهو نائب رئيس مجلس إدارة شركة “أمان القابضة” منذ سنة 2017، والتي يملكها رجل الأعمال سامر فوز المقرب من النظام، إضافة إلى عائلة وزير التعليم العالي السابق، هاني مرتضى، ومنهم ابنه مازن المتهم من قبل المعارضة بتولي شؤون مقام السيدة زينب وبلعب أدوار مالية لصالح النظام في دمشق.

ومن بين الأسماء أولاد رجل الأعمال السوري فاروق جود، محمد ورشاد وهادي، المعروف بقربه للنظام وصاحب أكبر أسطول بحري في اللاذقية، إلى جانب مفيد غازي كرامة وهو رجل أعمال معروف في السويداء، ومدير إذاعة “شام إف إم” المحلية، سامر يوسف.

هل يكون “حزب الله” وراء التجنيس؟

الأسماء المجنسة أثارت غضب الشارع اللبناني وخاصة الرافض لسياسة الأسد ومؤيديه في لبنان، كما أثارت تساؤلات حول أسباب اختيار هذه الشخصيات في ظل غموض آلية منح الجنسية لغير اللبنانيين.

المعارض السوري، محمد صبرا، الذي شغل منصب كبير المفاوضين في وفد المعارضة إلى جنيف، اعتبر، عبر حسابه في “تويتر”، أن مسالة التجنيس يقف وراءها “حزب الله”، قائلًا إن “تجنيس سوريين أثرياء في لبنان، ليس بيعًا للجنسية وأغلب المجنسين لا يحتاجونها لأنهم يحملون جنسيات أجنبية، القطبة المخفية موجودة عند حزب الله وعقوبات أمريكا عليه، حزب الله يستبدل إدارة اقتصاد الظل الممول له بأسماء جديدة، ولضرورات نقل الأموال كان لا بد من تجنيسهم”.

في حين اعتبر سقراط العلو أن رجال الأعمال السوريين يريدون التحرر من العقوبات المفروضة عليهم، فعندما ينالون الجنسية اللبنانية يمكنهم فتح حسابات وتقديم إيداعات في المصارف اللبنانية، خاصة وأن لرجال الأعمال أموالًا نقلت إلى لبنان منذ بداية الأحداث في سوريا.

وقال العلو إن رقم الأموال السورية التي نقلت وهربت من سوريا وأودعت في المصرف المركزي اللبناني مرعب وغير معروف، كون المصرف يتستر على حجم الأموال التي أودعت، لكن تسريبات تقول إنه منذ بداية الأحداث نقلت 20 مليار دولار إلى المصارف اللبنانية، ويمكن أن يكون هؤلاء المجنسون أصحاب هذه الإيداعات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة