بعد إهمالها لسنوات..

أهالي دير الزور يعيدون تأهيل حدائقهم

camera iconطفل ينظف محيط منزله مع والده في دير الزور - 2013 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

يقلب الحاج أبو محمد (54 عامًا) التراب في حديقة منزله، التي تصلبت وجفت أشجارها وغابت عنها الحياة، بعد أن هجرها لأعوام.

“لم يكن الماء كافيًا للبشر ليسقي النباتات”، يقول أبو محمد لعنب بلدي، متكئًا على رصيف حديقته الصغيرة أمام منزله في حي القصور، التي تعني له الكثير واحتضنت أشجارًا عمرها من أعمار أبنائه، وفق تعبيره، مؤكدًا “أحب الورد الجوري والياسمين وسأبدأ بزراعتها من جديد”.

يشير الرجل إلى أن شعوره حين يلمس تراب الحديقة، التي غاب عنها لسنوات، “عصي على الوصف”، ويضيف “سأحاول إعادة الحياة إليها بما أملكه من طاقة هزيلة”.

إعادة تأهيل بعض الحدائق المنزلية والمزروعة أمام المنازل، ظاهرة اختفت في دير الزور منذ سنوات في ظل الحصار، وتقول أم حسين (43 عامًا) إن شح المياه وقلة الأمطار وقطع الأشجار، كل ذلك أدى إلى غياب العناية بها، عدا عن نزوح الآلاف عنها في ظل القصف المتواصل سابقًا.

ما مر بالمدينة جعل من الاهتمام بالحدائق المنزلية “ترفًا لا يتذكره أحد”، وفق تعبير أم حسين، وتلفت إلى أن “الجائع والعطشان لن يفكرا في الزراعة والورود”.

لكن مع تغير الأحوال وعودة بعض السكان، بدأت المدينة بالتعافي تدريجيًا، وبحسب أم حسين، فإن “المسطحات الخضراء رغم صغرها أصبحت مميزة ضمن شوارع المدينة”، مستذكرة منزل عائلتها في حي الحويقة، “كان يضم أشجار الكباد والزيزفون والزيتون والتين والنخيل”.

تحاول المرأة اليوم إعادة ترتيب منزلها، الذي لم يبق فيه الكثير بعد دمار جزء منه بسبب القذائف، “علينا إعادة ترتيب حياتنا بالإمكانيات المتاحة، وتزيين الحدائق ولو بالقليل”.

تُسهم تلك الحدائق المترامية في بقع معدودة داخل المدينة في تهدئة النفس، وقد تجلب بعض السكينة للمدينة “الحزينة”، المملوءة بالجيش والأمن والحواجز التي تنشر الرعب بين الأهالي، على حد وصف أم حسين.

ويقول الطفل محمد (10 سنوات) من حي الجورة الذي لم يخرج من الحي منذ ولادته، إن الحدائق تشعره بالسعادة، مضيفًا لعنب بلدي بلهجة محلية، “منظرها حلو بس ما تبين بين كوم هالحجار”.

وزادت أعداد العائدين إلى مدينة دير الزور، وخاصة الموظفين منهم، خلال الأيام التي تبعت سيطرة النظام على كامل المدينة، وآخرها حي الحميدية، مطلع تشرين الثاني 2017، لكنها ما زالت تعاني من انقطاع المياه والكهرباء.

ورغم تحسن الأوضاع بشكل جزئي في بعض أحياء المدينة في ظل إهمال أخرى، لا تزال تفتقر للمياه والكهرباء، وتعيش في ظل قبضة أمنية مشددة تحت رعاية القوى الأمنية والميليشيات المحلية التي تتدخل في تفاصيل حياة الأهالي.



English version of the article


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة