أولوية أم ذريعة إعلامية

هكذا استغل الأسد ملف مختطفي عدرا

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد خلال استقباله عددًا من أهالي المختطفين في دمشق - 10 نيسان 2018 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد حمص

تسلم النظام السوري، على مدار الأسبوع الماضي، عددًا من مخطوفي مدينة عدرا كانوا محتجزين لدى فصيل “جيش الإسلام” بموجب اتفاق وقعه الفصيل مع روسيا.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن عملية إخراج المختطفين ستتم بالتوازي مع خروج عناصر الفصيل وعائلاتهم باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي.

وكانت المعارضة في ريف دمشق احتجزت العشرات من مدينة عدرا، عقب السيطرة عليها خلال معركة “الله أعلى وأجل”، في كانون الأول 2013.

إلا أن الأعداد الحقيقية للمخطوفين لم تعرف، ولم تصرح جهة رسمية، سواء من النظام أو المعارضة، عنها.

وتوزع المخطوفون على ثلاثة فصائل رئيسية ناشطة بالغوطة شرق العاصمة دمشق، وهي “جيش الإسلام” و”حركة أحرار الشام الإسلامية” و”الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام”، الذي حل نفسه واندمج تحت راية فصيل “فيلق الرحمن”.

مختطفو عدرا.. صفقات الواسطة

توالت اتفاقات تبادل الأسرى بين النظام السوري وفصائل، إلا أن الذين طالب النظام بإخراجهم من محتجزي عدرا هم “واسطات”، بحسب وصف مصدر أمني مطلع على الصفقات لعنب بلدي.

وكانت “حركة أحرار الشام الإسلامية” نشرت تفاصيل صفقة القيادي، حسن صوفان، الذي كان معتقلًا في سجن صيدنايا وخرج بصفقة تبادل أسرى، في كانون الأول 2016، مقابل قائد حملة رتيان بريف حلب، رامي حميدوش، وهو من مواليد القرداحة بريف محافظة اللاذقية.

وأثارت تلك الصفقة استهجان العديد من المواطنين كون العشرات من أهالي عدرا ما زالوا محتجزين.

وشملت أكبر صفقات تبادل الأسرى بين “جيش الإسلام” وقوات الأسد 50 رهينة من الطرفين، بينها شخصان يتبعان لطائفة “الموحدين الدروز”، كان الفصيل حررهما من الاعتقال لدى “هيئة تحرير الشام”، في نيسان 2016.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مجدي مصطفى نعمة، المتحدث السابق باسم “جيش الإسلام” ومنسق الصفقة، أنه كان من المنسقين بين الفصيل والإعلامي السوري فيصل القاسم، للإفراج عن الشخصين.

وقال “جيش الإسلام” عبر بيان، في 26 من آب الماضي، إنه تمكن “من تحرير 36 أسيرًا من سجون النظام بينهم نساء وأطفال ونساء، من خلال عملية تبادل للأسرى أفرج فيها عن 11 أسيرًا للنظام”.

فيما أخرج الهلال الأحمر 29 حالة إنسانية من الغوطة الشرقية، في كانون الأول الماضي، بعد اتفاق جرى “بين جيش الإسلام” والنظام السوري بحسب ما أفاد مراسل عنب بلدي في الغوطة الشرقية آنذاك.

ويقضي الاتفاق بإخراج حالات إنسانية من المنطقة المحاصرة مقابل محتجزين لدى الفصيل.

وأشار المتحدث باسم فصيل “فيلق الرحمن”، وائل علوان، الذي كان متحدثًا باسم فصيل “الاتحاد الإسلامي” في تصريح سابق، إلى أن “النظام اعتمد على المراوغة والتسويف في ملف محتجزي عدرا، وكان يتحجج بالموافقات الأمنية، وموافقة الأمن القومي، وغير ذلك من فصول الروتين الكاذب المعروف لدى الأسد ونظامه”، مضيفًا أن الفصائل في المنطقة لم يكن لها أي شروط أو تحفّظ مقابل تأمين طريق آمن للمدنيين، وعودتهم لذويهم، إلا إطلاق سراح المدنيين المغيبين في الأفرع الأمنية التابعة لقوات الأسد لا سيما النساء والأطفال.

صفحات تبنت “قضية الرهائن”

على الرغم من أن وسائل الإعلام الرسمية أبدت أولوية كبيرة لملف مختطفي عدرا، خلال الحملة الإعلامية المرافقة لهجوم قوات الأسد البري على مدينة دوما، يتهم ناشطون معارضون النظام السوري باستثمار الملف لكسب الحاضنة الشعبية وتجييش الرأي العام لمواصلة الهجوم.

ما يرجح هذه الفرضية أن صفحات موالية تبنت “قضية الرهائن” على مدار السنوات السابقة، دون حضور فعلي للإعلام الرسمي، وكانت من أكثرها فعالية صفحة “عدرا العمالية-رسائل من الداخل”، عبر موقع “فيس بوك”، إذ لعبت دورًا في التفاوض بين المعارضة وقوات الأسد، وكان مشرفو الصفحة على تواصل مباشر مع قادة للفصائل.

ونشرت الفصائل مقاطع مصورة عبر الصفحة يظهر فيها الرهائن يناشدون أقاربهم والنظام السوري للقبول بالتفاوض لإطلاق سراحهم، وأدى هذا التواصل إلى إطلاق سراح سيدة محتجزة لدى “جيش الإسلام”، في عام 2014.

وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرت على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تسأل، أريج محمد، وهي من مخطوفي عدرا العمالية إحدى قريباتها عن مفاوضات خروجهم، فتكون الإجابة “ما طالع بإيدنا شي الدولة عم تكذب علينا”.

وفي حديث إلى عنب بلدي، ذكر المتحدث الرسمي باسم فصيل “فيلق الرحمن”، وائل علوان، أن النظام لم يكن يهتم بأهالي عدرا العمالية المحتجزين، مضيفًا أن سؤال النظام اقتصر على ضباط فقدوا في معارك السيطرة على الغوطة “دون الخوض في مفاوضات بشأنهم، كالعقيد معن ديوب مثلًا”.

وفي السؤال عن أعداد المخطوفين أجاب علوان أنه ليس لديه معلومات حقيقية، مفندًا ما يتم ترويجه عبر وسائل الإعلام الرسمية بأن عدد المخطوفين يناهز ثمانية آلاف شخص، بالقول “هذا عدد المفقودين (مفقودين وقتلى وليسوا مختطفين) على جميع جبهات الغوطة، منذ بداية الثورة السورية حتى اليوم”.

مطالب بإسقاط علي حيدر

خرج جميع الأهالي المحتجزين لدى فصائل المعارضة في مدينة دوما في الاتفاق الذي وقع عليه النظام السوري وروسيا مع “جيش الإسلام” بحسب ما ذكرت وكالة “سانا” الرسمية.

ونقلت الوكالة عن مصدر وصفته بالرسمي، أنه “لن يبقى مختطف إلا وسيتم تحريره”، مشيرًا إلى أن ما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود آلاف المختطفين لدى فصيل “جيش الإسلام” في دوما غير صحيح، وتم تضخيم الأرقام من قبل الفصيل لتحسين شروط التفاوض.

إلا أنه سرعان ما شهدت صالة الفيحاء في العاصمة السورية دمشق، سخطًا بين أهالي المخطوفين، إذ تداولت شبكات إخبارية موالية تسجيلات مصورة لأهالي المخطوفين في الصالة، وهم بانتظار أبنائهم، وتسودهم حالة من الفوضى والصراخ.

وهتف بعض الأهالي ردًا على بكاء إحدى الأمهات التي لم تجد ابنها ضمن المخطوفين، رغم ورود اسمه على القائمة، بضرورة محاسبة وزير المصالحة الوطنية في حكومة النظام، علي حيدر، متهمين حيدر بأنه “باع أبناءهم وطالبوا بمحاسبته”.

في حين رد حيدر على انتقادات أهالي المخطوفين أن الوزارة وثقت أكثر من خمسة آلاف مخطوف، وأن الرقم النهائي متعلق بخروج دفعة أخرى ممن يصفهم بـ “المسلحين” وأن عمليات التبادل لا تزال جارية، رغم خروج الأغلبية من المقاتلين إلى الشمال السوري.

وأضاف “ليست لدينا حتى اللحظة لوائح كاملة تدلنا على مصير المخطوفين والموضوع قيد المعالجة”.

وكانت اتهامات طالت شقيق وزير المصالحة علي حيدر، إذ ذكرت وسائل إعلام محلية منها “هاشتاغ سيريا” عن تسريبات وصلتها لشكاوى كثيرة مقدمة إلى وزارة المصالحة الوطنية بشأن استغلال بعض الأشخاص في الوزارة لمناصبهم، إذ يتقاضون مبالغ مالية من أهالي المفقودين سواء كانوا معتقلين أو مخطوفين، مقابل معرفة مصير أبنائهم.

وعلى الرغم من تناقل وسائل إعلام النظام أخبارًا تفيد بخروج جميع المخطوفين من عدرا، يرتبط مصير المغيبين من الأهالي المختطفين، إضافةً إلى عناصر تابعين لقوات الأسد كانت فصائل المعارضة في الغوطة أسرتهم خلال المعارك، بخروج آخر حافلة من مدينة دوما باتجاه الشمال السوري، ليتم تحديد مصيرهم بشكل نهائي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة