سياسة واقتصاد وراء تدمير جسور العاصي
ريف حماة – إياد عبد الجواد
في عمليات قصف مركزة، استهدفت الطائرات الروسية جسورًا في سهل الغاب في ريف حماة، لتثير تساؤلات عن أسباب الاستهداف وفي هذا الوقت تحديدًا. وشمل القصف، الأسبوع الماضي، جسورًا على أطراف قرى التوينة والشريعة وجسر بيت الراس، التي يصعب وصول قوات الأسد إليها.
منذ بداية الحملات العسكرية على قرى سهل الغاب بريف حماة الغربي، وضع النظام السوري أهم نقاط تمركزه على جسور نهر العاصي.
وتمركزت قوات الأسد على جسر المهد الواقع غرب مدينة السقلبية، وسيطرت ناريًا على أربعة جسور واقعة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سهل الغاب، وهي على أطراف قرى التوينة والشريعة والحويز وجسر بيت الراس.
ماذا تعرف عن سهل الغاب؟
كان سهل الغاب قبل خمسينيات القرن الماضي مستنقعًا مائيًا كبيرًا غير صالح سوى لصيد الأسماك والطيور.
إلا أن الحكومة السورية، منذ عام 1958 حتى عام 1968، تعاونت مع شركات ألمانية وإيطالية لتجفيفه، عبر فتح قنوات طولية وعرضية لتنظيم تصريف مياه نهر العاصي ومياه الينابيع الغزيرة، وبناء الجسور فوق تلك القنوات.
ووزعت الحكومات المتعاقبة بعد ذلك الأراضي على السكان الموجودين على طرفي النهر، لتوسم مع بداية الثورة القرى على الطرف الشرقي بأنها معارضة للنظام، بينما وسمت القرى الواقعة غرب النهر بأنها موالية للنظام، وهي أكثر ارتفاعًا عن بقية السهل، بحسب ما ذكر عضو مجلس حماة الحرة، سامر سطوف، لعنب بلدي.
أهمية جسور العاصي
تأتي أهمية الجسور كونها صلة الوصل بين السكان، الذين تحول معظمهم إلى الزراعة وتربية المواشي، وبين أراضيهم الزراعية ومراعيهم، ما جعل الاعتماد عليها أمرًا لا بد منه.
عبد المعين المصري، القيادي في “الجيش الحر”، قال لعنب بلدي إن هذه الجسور تقع بالقرب من مناطق سيطرة النظام، ومنها ما يبعد عن مراكز قواته كيلومترًا واحدًا.
لذلك عمد النظام إلى قصف الجسور، وقنص المدنيين العابرين عليها، وخاصة المزارعين، وفي حال دمر النظام هذه الجسور يفصل المناطق الموالية له عن المناطق المعارضة.
100 ألف نسمة مهددون بالهجرة الجماعية
عضو مجلس محافظة حماة الحرة، سامر السطوف، قال إنه مع بداية الثورة ازداد فقر السكان، لاعتمادهم بنسبة 80% على أسواق تصريف المنتجات الزراعية والحيوانية، التي لم تعد نشطة كما كانت في السابق.
ويوشك السكان على مواجهة كارثة بشرية بسبب الفقر، ما قد يضطرهم إلى هجرة جماعية من القسم الشرقي في سهل الغاب، بسبب استهداف النظام المتكرر للجسور الاستراتيجية في المنطقة.
والهدف النهائي من هذه الحملة محصور بخيارين، إما فصل المناطق المعارضة عن الموالية كما سبق الذكر، أو إفقار معارضيه وتهجيرهم، وفق رأي السطوف.
فيما اعتبر المصري أن استهداف جسور مثل التويتة والشريعة وجسر بيت الراس، ناجم عن خشية النظام والروس من عملية عسكرية للمعارضة، على مناطق مثل قرى الكريم وقبرفضة والأشرفية والرملة وتمانعة الغاب والدرابلة والتوتة والحاكورة.
وأضاف أن النظام يهدف أيضًا لإجراء تغيير ديموغرافي باستملاك الأراضي من قبل عناصر الدفاع الوطني، بعد تهجير أهالي القرى المعارضة.
ويبلغ عدد سكان سهل الغاب في الضفة الشرقية، وهم مهددون بفقدان أراضيهم الزراعية نتيجة هدم الجسور، قرابة 100 ألف نسمة، موزعين على قرابة 30 قرية.
قرى وبلدات سهل الغاب تقسم إلى ثلاث مناطق جغرافيًا، قسم غربي، والذي يقع بسفح جبال اللاذقية وجبل الأكراد وتسيطر عليه قوات الأسد بنسبة 90%.
والقسم الأوسط، يقع في منتصف سهل الغاب، ابتداءً من قرية الخندق جنوبًا حتى قرية الحاكورة شمالًا، وجميع القرى الواقعة في هذا القسم تحت سيطرة قوات الأسد.
أما القسم الشرقي، فهو ملاصق لجبل شحشبو وجبل الزاوية، وجميع قراه وبلداته تحت سيطرة المعارضة.
ومع تثبيت تركيا لنقاط مراقبة في ريف حماة الشمالي، يعتقد أن خريطة السيطرة بين الضفتين سترسم بهذا الشكل بانتظار تفاهمات جديدة بشأن الطرق والمعابر بين الجانبين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :