مصابو الألغام يتزايدون

مخلفات الحرب تقلق أهالي الرقة

camera iconأهالي في مدينة الرقة يجلسون لتناول الطعام وسط الدمار - 2018 (AFP)

tag icon ع ع ع

برهان عثمان – أورفة

“لن نجد مثل بيوتنا ومدينتنا للشعور بالاستقرار ولكن ليس كما هي عليه اليوم”، تقول أم محمد (64 عامًا)، التي وصلت إلى الرقة بعد نزوح دام أشهرًا، مشيرة إلى أنها “تفضل العيش في خيمة على أنقاض المنزل بعيدًا عن ذل النزوح”.

أم محمد واحدة من مئات العوائل التي بدأت بالعودة إلى المدينة تدريجيًا رغم سوء الأوضاع المعيشية، إذ بدأت شوارع الرقة تشهد انتعاشًا بسيطًا، منذ سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عليها، في تشرين الأول 2017، بعد قرابة أربع سنوات من حكم تنظيم “الدولة الإسلامية”.

مدينة من أنقاض

يصف أبو علي (39 عامًا) الرقة بأنها “مدينة من أنقاض وركام متناثر هنا وهناك”، لدى عودته إليها بعد مغادرتها نهاية عام 2016.

ويقول الرجل لعنب بلدي إن عشرات العائلات عادت إلى الرقة، كما فتحت بعض المحال التجارية الصغيرة أبوابها من جديد، متفائلًا بما تحمله الأيام المقبلة، دون إغفال تخوفه من مخلفات التنظيم، رغم توفر معظم السلع الاستهلاكية والمستلزمات الأساسية للعيش بأسعار “معقولة”، وفق تعبيره.

ويستمر “مجلس الرقة المدني” الذي أسسته “قسد” في آذار 2017، بتنظيف المدينة من الركام ونزع المخلفات الحربية، ويقول علي (33 عامًا)، أحد العاملين المتطوعين مع المجلس، إن الأخير “يعمل بكامل طاقة كوادره رغم نقص الأدوات والإمكانيات، بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية”.

 تعتبر أحياء الصناعة وداخل السور والرميلة، من أكثر الأحياء كثافة بالألغام، وفق متطوعين.

عمليات التنظيف مستمرة

لم ينكر الشاب وضع المدينة “الكارثي”، مؤكدًا لعنب بلدي أن “الفرق الهندسية تشرف على تفكيك الألغام وتنظيف الشوارع والأحياء”، وأوضح “خلال الأيام الماضية عقدت اجتماعات مع منظمتين تتبعان لوزارة الخارجية الأمريكية، في الإطار ذاته، إلى جانب سبع فرق من الولايات المتحدة”.

وفق لجنة إعادة الإعمار في الرقة، شهد شباط الحالي تأمين وتنظيف مبانٍ مختلفة بينها: الأمراض السارية ومستشفى التوليد ومدرستا طارق بن زياد وعقبة بن نافع، ويوضح علي أن العمل يتركز على المراكز الحيوية في المدينة مثل الجسور والمواقع الرئيسية، بينما أشرفت “قوى الأمن الداخلي” على تنظيف المتحف الأثري وعشرات المنازل في محيطه.

“مانزال بحاجة إلى مزيد من الآليات الحديثة”، وفق المتطوع، الذي وصف حجم الدمار في المدينة بـ “الهائل” والذي يحتاج إلى “مبالغ مالية كبيرة وجهود جبارة”، متوقعًا أن تكون الفترة “طويلة” قبل عودة الرقة إلى سابق عهدها.

وبحسب “المجلس المدني”، عاد الأهالي إلى حيي المشلب والطيار فقط حتى اليوم، بعد تنظيفهما بالكامل من الألغام، وقالت مصادر لعنب بلدي إن المجلس يسعى لتفعيل كافة المرافق الصحية والتعليمية والخدمية وإعادة شبكات المياه وإصلاح البنية التحتية في الحيين حاليًا.

ووفق متطوعين مع فرق تفكيك الألغام، فإن العملية “تجري بشكل بطيء نظرًا لكثافة المخلفات وحساسية الكثير منها”.

ويقول بعض الأهالي من الرقة إن عددًا من العوائل خرقت حظر الدخول إلى الأحياء المزروعة بالألغام، ما سبب إصابات ووفيات، مطالبين بضرورة التعاون مع الفرق الهندسية وعدم دخول المناطق غير الآمنة.

ناشطون من الرقة، قالوا إن بعض العناصر في “المجلس المدني” يبتزون الأهالي بطلب مبالغ مالية تتراوح بين 75 و400 ألف ليرة سورية، حسب الموقع ومساحة المنطقة، مقابل تنظيفها، وخاصة في شارعي 23 شباط والمنصور، إلا أن المجلس يراها “تهويلًا إعلاميًا يثير البلبلة”، مشيرًا إلى أن “البعض تلقوا إكراميات خلال العمل ورفضوا”.

وتشير الأرقام الأممية إلى أن الألغام في الرقة تتسبب بمقتل من 50 إلى 70 شخصًا أسبوعيًا، ما ينذر بخطر أكبر في حال استمر السكان، وعددهم 450 ألفًا، بالعودة إليها.

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا، بانوس مومتزيس، خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء 7 شباط، إن البيانات تشير إلى “كمية ذخائر هائلة لم تنفجر في كل منزل وغرفة وشبر في المدينة”.

ورغم تخصيص منظمتي “الصحة العالمية” و”أطباء بلا حدود”، نقاطًا طبية عدة في قرى الرقة وعين عيسى والطبقة، فضلًا عن جهود تطوعية فردية لبعض الفرق والأفراد، إلا أنه وبحسب مراسلة عنب بلدي في المنطقة الشرقية، فإن تلك المراكز لا تكفي للكم الكبير من المصابين، مشيرة إلى أنه لا يوجد إلا مركز واحد في بلدة عين عيسى تابع لمنظمة “أطباء بلا حدود”، والذي يشهد ازدحامًا كبيرًا وصلت معه الأمور إلى نوم المصابين على الأرض لقلة توفر الأماكن، فضلًا عن سوء الخدمات المقدمة، وفق ما ذكر مصابون للمراسلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة