لن ننسى المجازر

tag icon ع ع ع

محمد رشدي شربجي

– منذ حوالي الأسبوع أعادت طائرات الروس للأذهان مجازر حلب. مجازر يومية متنقلة في إدلب والغوطة الشرقية، صور الأشلاء على الشاشات تدمر معنى الحياة، أنفاس الأطفال الأخيرة تحت الأنقاض لم تُبقِ لنا في هذه الحياة هواء، ما أقسى التكنولوجيا وأقرفها، أي حياة هذه التي تريد بناءها وأنت لديك رفاهية مشاهدة المجازر من جوالك على مدار الساعة. لن ننسى المجازر.

– على صفحة “فيس بوك” صورة أم مجهولة الهوية (كلنا مجهولو الهوية بالمناسبة، ما قيمة الهوية أساسًا إذا كنا في النهاية أرقامًا) مكوّمة مع ابنها في وعاء، وتحتها صورة صديق في حفلة زفاف.

على الصورة الأولى يعلق أحدهم “لا حول ولا قوة إلا بالله، شيء يدمي القلوب” ثم يعلق مدمى القلب ذاته على الصورة الثانية “ألف مبارك إن شاء الله، فرحتلكم من قلبي”، وهكذا عليك أن تقضي نهارك، قلب فرح مدمى من الموت. لن ننسى المجازر.

– في ألمانيا، التي جاءها عشرات آلاف الأطباء السوريين، وأنا واحد منهم، أسس بعض من الأطباء النشيطين مجموعة في “فيس بوك” لتجميع الجهود وتداول الخبرات والتجارب، سرعان ما تطورت هذه المجموعة إلى فكرة رابطة للأطباء السوريين في ألمانيا سيكون حفل افتتاحها قريبًا، ولأسباب عديدة قرر القائمون على الفكرة أن تكون المجموعة حيادية في المطلق دون أن تتطرق للمواضيع السياسية التي من جملتها، بحسب القائمين، الموقف من بشار الأسد ذاته. لن ننسى المجازر.

– هناك عدة تجارب سورية فشلت بسبب الاستقطاب السياسي هذا صحيح، ولكن يجب أن يكون واضحًا أن الموقف من بشار الأسد ليس موقفًا سياسيًا، بل موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا، بشار الأسد مجرم موصوف، وجرائمه جميعها موثقة بالأسماء والصور والفيديوهات، هذه ليست قضية سياسية ولن تكون، هناك أسباب كثيرة تدفع الإنسان لأن يكون حياديًا مع أن الحياد بذاته فعل غير أخلاقي، بمعنى أن تكون ضد النظام والمعارضة على السواء، لكن ليس هنالك من سبب في العالم يدفعك لأن تؤيد بشار الأسد إلا أنك مثله، على مؤيدي بشار الأسد -وأشباهه الكثر- أن يخجلوا من وجودهم، لا أن يتم التعامل مع آرائهم كوجهة نظر يجب احترامها. في ألمانيا لن يجد معادي السامية مكانًا له حتى في العراء فكيف برابطة أطباء؟ فصل السياسة عن الطب وقبله فصل الرياضة عن السياسة هو هراء محض سينتهي بالتطبيع مع الجريمة بطبيعة الحال. لن ننسى المجزر.

– من جديد تقصف طائرات العدو الغاشم البعيد، مواقع للعدو الغاشم القريب الجاثم على صدورنا، البعض يريد منا أن نصطف مع النظام في معركته -على فرض وجودها- ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهذا لعمري غباء نموذجي لمرتزقة محور الممانعة، والبعض يريد منا أن نؤيد الضربة لأنها ضد النظام، والحقيقة أن النظام ولغ في دمائنا وإسرائيل فعلت كذلك، فاللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا منهم سالمين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة