“زهر الدين” إلى القيادة
“حزب الله” يزيح وفيق ناصر من الجنوب
عنب بلدي – درعا
دخل الجنوب السوري، وخاصة محافظة السويداء، مرحلة جديدة بعد نقل العميد في قوات الأسد، وفيق ناصر، إلى محافظة حماة، لينتهي “حكمه العسكري” في المنطقة عقب ست سنوات عرف فيها بتقلب توجهاته وقبضته الأمنية التي زرعت الخوف في أبناء المنطقة.
علاقات واسعة وفي كل اتجاه حظي بها ناصر، وظهر في السنوات السابقة على الجبهات العسكرية، كما تسربت له صور عن اجتماعات مع قياديين في فصائل المعارضة.
وحاول استمالة مشايخ الطائفة الدرزية للوقوف بصفه، واصطدم مع بعضهم حتى وجهت له اتهامات بعمليات اغتيال ضدهم، بينها تفجير موكب “رجال الكرامة”، واغتيال الشيخ وحيد البلعوس.
تصادمات قبل الإعفاء
وكانت الأسابيع الأخيرة التي سبقت قرار “إعفاء” وفيق ناصر من المنطقة الجنوبية مليئة بالتصادمات مع عدة أطراف، وفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصدرين عسكريين مطلعين.
وكان معظمها نتيجة محاولات من ناصر منع الميليشيات الأجنبية من إنشاء قواعد لها في الجنوب السوري، بينما كان يسعى جاهدًا لدعم الوجود الروسي، وهو ما وضعه في مواجهة مع “حزب الله” اللبناني بشكل مباشر.
وأوضح المصدران أن “الهدف الرئيسي هو محاولة الحفاظ على نفسه كطرف مقبول إقليميًا، وإظهار أنه يسعى لمنع تمدد الميليشيات، وربما كان يطمح لدور سياسي في المستقبل”.
وكانت أبرز هذه التصادمات، أواخر تشرين الأول 2017، عندما حاول “حزب الله” إنشاء قاعدة له قرب مطار خلخلة، ليواجه برفض من الأمن العسكري الذي يقوده ناصر.
وقال المصدران إن الخلاف تطور حينها إلى تهديد وفيق باستخدام القوة لإخراج عناصر “حزب الله” من المنطقة، والذين غادروها فعلًا آنذاك.
ونتيجة لهذا الحادث على وجه الخصوص، وقعت مشادة بين ناصر والعميد أسامة زهر الدين رئيس “الفرع 220”، في محافظة القنيطرة والمقرب من “حزب الله”، انتهت باستدعاء الطرفين إلى قيادة النظام السوري في دمشق والتفاهم على تقاسم النفوذ بينهما.
“زهر الدين” إلى الواجهة
رغبة “حزب الله” بتوسعة نفوذه في محافظة السويداء، بعد أن نجح بترسيخ مكان له في محافظة القنيطرة وضعه في موقف المواجهة مع وفيق ناصر.
وبحسب المعلومات المتقاطعة التي حصلت عليها عنب بلدي، فإن الحزب اللبناني اتخذ قرارًا بإزاحة ناصر عن المشهد بالكامل، واستخدم في ذلك العميد أسامة زهر الدين وهو شقيق العميد القتيل في “الحرس الجمهوري” عصام زهر الدين، بالإضافة إلى يعرب زهر الدين ابن العميد القتيل.
“حزب الله” عمل على تعيين يعرب كمسؤول للمكتب الأمني للفرقة الرابعة في المنطقة الجنوبية، ليكون واجهة لتحركات الحزب وتجنيد المقاتلين.
مهمة يعرب كانت “إعادة نفوذ قوات الأسد إلى محافظة السويداء، وإعادة المنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية، والتخلص من الفصائل الدرزية، التي تشكلت في عهد ناصر، عبر دمجها بالفرقة الرابعة”، وهو المشروع الذي وضع “حزب الله” و”زهر الدين” إزاحة وفيق عن المنطقة الجنوبية شرطًا لتحقيقه.
لماذا إلى حماة؟
“يبدو أن المكاسب التي وُعد النظام بها في السويداء، كانت تستحق التخلص من وفيق الناصر، ولكن علاقاته الواسعة، لا سيما مع الجانب الروسي، حالت دون عزله”، بحسب المصدر الأول، وهو على تواصل وثيق بقياديين عسكريين في النظام السوري، وتوقع أن اختيار محافظة حماة كوجهة جديدة لوفيق الناصر كان مقترحًا روسيًا.
وأوضح أن القواعد الروسية تنتشر في محافظة حماة، والمحافظة بعيدة نسبيًا عن نفوذ “حزب الله” مقارنة بمحافظات أخرى، لذلك قد تكون المكان الأنسب لوفيق والأنسب لروسيا التي قد تستخدمه مستقبلًا للعب أدوار سياسية وعسكرية.
الوجه الجديد
إلى ذلك، لم يكن قرار عودة العميد لؤي العلي إلى المنطقة الجنوبية أقل تأثيرًا من قرار مغادرة وفيق الناصر لها، فالعلي الذي كان يشغل منصب رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية في عام 2011 تصدر عزله من منصبه ومحاسبته مطالب المتظاهرين في محافظة درعا، بعد أن تورط في عمليات اعتقال عشوائي وتعذيب في المعتقلات، بحسب ما وثقت منظمات حقوقية محلية.
إضافةً إلى قيادته حملات عسكرية خلفت مجازر عديدة في مدن وبلدات المحافظة، قبل أن يتم تعيين وفيق ناصر خلفًا له في أواخر تشرين الأول 2012، بعد أن تعرض العلي إلى محاولة اغتيال أثناء عودته من حملة عسكرية على بلدة الكرك الشرقي في ريف درعا، وقيل حينها إنه أُصيب إصابات خطيرة، ليتضح لاحقًا إصابته بجروح خفيفة فقط.
عودة العلي إلى المنطقة الجنوبية جوبهت برود فعل متباينة في الأوساط الشعبية في محافظة درعا بين من اعتبر هذه العودة فرصة لـ “الثأر وتصفية الحسابات” مع أحد المتورطين في أحداث بداية الثورة في المحافظة، وبين من طالب بـ “الحذر الشديد من اختراق المناطق المحررة” نتيجة لما يعرف عنه من انتهاج سياسة تجنيد العملاء في عمله.
في حين قلل آخرون من تبعات التغيير على اعتبار أن “وفيق ناصر أسوأ من أي بدائل أخرى”.
أمام إعادة النظام وحلفائه ترتيب أوراقهم وتبديلها في المنطقة الجنوبية تقف فصائل المعارضة موقف المتفرج، بينما يبدو أن قوات الأسد باتت تستبق معركة مرتقبة جنوبًا برسم “مشهد الانتصار” عبر إعادة رؤوس الأفرع الأمنية المتورطة بقمع التظاهرات في بداية الثورة إلى مواقعهم الأولى، والإعداد لاختتام المشهد الأخير في درعا بذات الأسماء التي كانت حاضرة في المشهد الأول قبل سبع سنوات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :