“مولود وهمي”.. طريقة لزواج العسكريين في سوريا

camera iconزفاف مقاتل في قوات الأسد على أنقاض مدينة حمص - 5 شباط 2016 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حلا إبراهيم

دفع الاحتفاظ بالعسكريين في صفوف قوات الأسد إلى ازدياد المتحايلين على القانون بغية الزواج، وبعد مضي سبع سنوات على الاحتفاظ والاحتياط تدفع الزوجة الثمن.

ريم، شابة من دمشق جمعت بينها وبين شاب علاقة بنية الزواج، لكن الأهل رفضوا هذه العلاقة لأن الشاب مايزال يؤدي الخدمة العسكرية.

تروي ريم قصتها، وهي الآن تراجع أروقة قصر العدل بدمشق لإنهاء دعوى التفريق بينها وبين زوجها، لؤي، الموقوف حاليًا في سجن عسكري بجرم الفرار من الخدمة.

“عاندت أهلي وأصررت على الزواج بالشاب الذي أحببته، بالرغم من كونه مايزال في الخدمة، ورضخ أهلي لرغبتي وأبدوا رغبتهم بمساعدتنا ماديًا لكي نبدأ حياتنا، على أمل أن يصدر قرار بتسريح زوجي قريبًا، بعد أن مضى على الاحتفاظ به أكثر من سنتين وقتها، لكن ذلك لم يحصل”، تقول الفتاة، التي فقدت الأمل بتسريح زوجها.

وبدأ النظام بالاحتفاظ بالمجندين منذ انطلاقة الثورة السورية، وتعرف الدورة رقم 102 بأنها أقدم دورة احتفظ بأفرادها منذ أيار 2011، وسط أحاديث وإشاعات متكررة عن تسريحها ينفيها المسؤولون، رغم أن معظم عناصرها قتلوا.

دعوى بأن الفتاة حامل

بعدما طالت مدة الخطوبة بدأ أهل ريم بالتذمر، وطالبوا بأن يتم الزواج بسرعة “لتسكت ألسنة الناس”، بحسب الفتاة، التي بدأت مع خطيبها باستصدار الوثائق اللازمة لعقد الزواج في المحكمة، وكانت إحدى الأوراق المطلوبة رخصة بالزواج من مديرية التجنيد، فذهب الخطيب لاستصدارها، لكنهم رفضوا منحه هذا الترخيص، ما دعا لاستشارة محامين، نصحوه بالتقدم بدعوى تثبيت زواج بدلًا من معاملة عقد الزواج، لأنها لا تحتاج إلى تصريح من التجنيد.

لكن المشكلة التي واجهت الشابين في المحكمة، هي أنه يشترط لتثبيت الزواج أن يكون الزواج قد حدث فعلًا ويوجد حمل، ويجب إثبات ذلك بتقرير طبي يفيد أن الفتاة حامل، أو قد أنجبت، وعندما لم تستطع الحصول على تقرير طبي، اقترح المحامي الادعاء بوجود مولود وإعطائه اسمًا، وهذا ما حصل، فصدر قرار من القاضي بتثبيت الزواج.

حالة ريم ليست فريدة، فأروقة المحاكم تضج بقصص شابات مثلها، اضطررن للادعاء بوجود طفل لم ينجبنه، فبعدما أصبح كثير من الشباب يخدمون في الجيش أو غادروا مناطق سيطرة النظام إلى دول الجوار ومناطق المعارضة، باتت الفتيات مهددات بالعنوسة، خاصة أن كثيرات ممن خُطبن من خارج سوريا لم يستطعن مغادرة البلد وإكمال زواجهن بسبب فرض تأشيرات من دول العالم على السوريين.

ماذا إن أردن الطلاق؟

المشكلة الأكبر في هذه القضية هي في حال الرغبة بالانفصال، لأن الزوجة ستصطدم أولًا بدائرة الأحوال المدنية، التي ماتزال في قيودها عزباء، وثانيًا بأنها سبق وادعت أن لديها مولودًا فأين قيوده؟

يعني ذلك الدفع لمزيد من السماسرة، لتحصل على أوراق ثبوتية تفيدها في دعواها.

تقول سارة، وهي زوجة لعسكري ولديها طفلان، “كلفنا تثبيت الزواج الكثير من المال، وكيفما ذهبنا يجب أن ندفع للموظفين كي لا يعرقلوا معاملاتنا (…) اضطررنا أنا وزوجي لإقامة دعوى تثبيت نسب للطفلين لكي نتمكن من تسجيلهما في قيود الأحوال المدنية”.

وتعيش سارة، كحال من تزوجن من عسكريين، في هاجس أن تفقد زوجها، في إحدى الجبهات، ويبقى أطفالها بلا معيل.

وبلغت أعداد قتلى قوات الأسد، حتى عام 2015، بحسب إحصائيات “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أكثر من 89 ألف قتيل.

وتطرح والدة سارة حلًا لهذه المشكلة، أن تعطي شعبة التجنيد رخصة الزواج للعسكري الذي يتجاوز سنًا معينة، كي لا تدفع هذه المبالغ للالتفاف على القانون.

وقد بدأ عدد الدعاوى المتعلقة بتثبيت زواج العسكريين يتناقص، بعد عام 2015، بحسب ما أفادنا به محامون من دمشق، نظرًا لمقتل عدد كبير منهم، وسوق آخرين إلى جبهات بعيدة، وهو ما أثر في ثقة الأهالي بتزويج بناتهن.

ورغم محاولات بعض الحقوقيين حل مشكلة هؤلاء الزوجات، إلا أن القانون مايزال عاجزًا عن إيجاد حل ينصفهن وينصف أولادهن.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة