وسط الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد .. “UpTown” مشروع ترفيهي بستة مليارات ليرة
عنب بلدي ــ العدد 132 ـ الأحد 31/8/2014
“Up Town” هو مشروع تجاري يقع في منطقة مشروع دمر السكني في دمشق، افتتح بتاريخ 16 آب الجاري من قبل رئيس مجلس الوزراء في حكومة الأسد وائل الحلقي. ويقع المجمع، الذي تقدر تكلفته بـ 6 مليارات ليرة سورية، على مساحة 38 دونم (تعادل 38000 متر مربع)؛ لكن افتتاحه انعكس على أهالي المنطقة بزيادة ساعات التقنين وانقطاع المياه، إضافة إلى الضجيج لساعات متأخرة والازدحام المروري على الطرقات.
ويضم المجمع مولًا وأسواقًا تجارية، و7 مطاعم وصالات للأفراح، وصالات ترفيه ثقافية تتضمن مسرحًا وصالة سينما، ومدينة ملاهي وألعاب، بالإضافة لمنشآت رياضية تحتوي على ملاعب لكرة القدم والسلة وقاعات لألعاب البولينغ وكافة ألعاب القوى الأخرى ومسابح ومركز للمعالجة الفيزيائية.
- المجمع منوّر والجيران ع العتمة
أدى افتتاح المجمع إلى زيادة ساعات التقنيين في المنطقة، لتصل إلى أكثر من 16 ساعة يوميًا، بينما لا تنقطع الكهرباء أبدًا عن “أب تاون”، وتعتقد “تهاني” المقيمة بالقرب من المجمع أن افتتاحه كان “نقمة لأنه سحب كهرباء مشروع دمر لحسابه… نحن نموت من الحرارة وغيرنا يترفه على حساب حصتنا من الكهرباء”، ويردف محمد أحد الأهالي في المنطقة “نجلس في بيوتنا في الظلام، وعيوننا موجهةٌ إلى المكان المضيء دومًا (يقصد المجمع)”.
بدورها ردّت إدارة المجمع عبر صفحتها في موقع “فيسبوك” على انقطاع الكهرباء في المنطقة، بأن “المشروع يخضع للتقنين ولكن بمعايير مختلفة لأوقات انقطاع التيار الكهربائي، نحن تحت سقف القانون نخضع للأنظمة والقوانين، لكن البيان أردف “من البديهي إذا كان هناك تسهيلات وليس استثناءات، أن نتمتع بها خدمةً لما نهدف إليه”.
وأضافت الإدارة في تصريحها “ولكن هل يتخيل أحد، أن مجمعًا يتواجد بساحاته أكثر من ألف شخص من مختلف الأعمار وأغلبهم أطفال، ينقطع فيه التيار الكهربائي فجأة، وأي محوّلة طاقة بديلة تحتاج من 10 إلى 30 ثانية للإقلاع، فلا يتخيل أحدكم ماذا سيحدث في تلك الساحات بهذا العدد لو حدث أي إرباك أو تدافع”.
لكن ردود الفعل على بيان الإدارة في الفيسبوك جاءت بين السخرية والتذمر من لا مبالاتها بهموم السكان، إذ علّق خالد الدرويش “… مشان ما تشغلو مولداتكم ويبقى المجمع بظلام من 10 لـ 30 ثانية، بتنزعو علينا عيشتنا وما نشوف الكهرباء غير كم ساعة”.
- ضجيج وإزعاج للأهالي
ويقع المجمع الترفيهي، الذي يضم مدينة الألعاب والملاهي والحفلات الموسيقية المستمرة لساعات متأخرة من الليل، وسط الأبنية السكنية، ما ينجم عنه ضجيج يومي للجيران وإزعاج يمنعهم من النوم.
بدورها علقت غزال الشريف على بيان الإدارة “الضجيج يملأ وقتنا والزمامير والغناء لا تهدأ، دون حساب للجيران وتقدير أوضاعهم، فربما يكون لديهم طفل مريض أو شيخ مسن”.
كما يعتبر افتقار المجمع إلى مرآب للسيارات من أبرز الانتقادات الموجهة له، إذ أحدث ذلك ازدحامًا شديدًا في الشوارع المحيطة، حين بدأ زوار “الأب تاون” بصف سياراتهم بشكل عشوائي وفوضوي.
وتتحجج إدارة المجمع بأن المحافظة لم تمنحهم أرضًا لإقامة المرآب، بينما كان لسكان مشروع دمر وبشكل خاص الأبنية السكنية القريبة رأي مخالف، حيث علقت “رانيا” التي تسكن بالقرب من “أب تاون” ساخرةً “محافظة دمشق رخصت بوضع ألعاب وسط مجمع سكني وإذاعة لا تتوقف حتى 2-3 مساءً، لكنها لم ترخص مرآب، ربما يكون ذلك حرصًا على راحة السكان من صوت تشغيل السيارات”.
إلى ذلك يقارن بعض المدنيين المشروع بأحوال النازحين والمتضررين جراء الأزمة، إذ تعتبر مرفت البلخي، أحد المعلقين على الصفحة، المشروع غير مجد “الناس مشردة من بيوتها ولا تستطيع تأمين حتى الطعام… الماء والكهرباء أهم بكثير للمواطن من الترفيه بهذه الأيام الصعبة؛ من يملك مالًا ليرفه عن نفسه اليوم”.
- أسعار خيالية
أما بالنسبة لأسعار الخدمات والسلع فتعتبر مرتفعة جدًا مقارنة مع الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها سوريا، فعلى سبيل المثال تبلغ سعر تذكرة الدخول لمرة واحد إلى المسبح 1200 ليرة سورية للأطفال و1500 ليرة للكبار، لذلك ستدفع إسراء الحافظ 6000 ليرة عن أطفالها إذا فكرت الذهاب إلى المسبح، بحسب تعليقها على صفحة المجمع “دون أن نشتري شيئًا أو نأكل، أو نحسب أجرة الطريق.. كل هذا الغلاء أين نعيش!؟”.
ويبلغ الاشتراك الشهري في نادي ألعاب القوى (كمال الأجسام) 7500 ليرة، وتتراوح تكلفة تذكرة اللعبة الواحدة في مدينة الملاهي بين 50 إلى 1500 ليرة، أما أسعار صالة الأفراح فتبلغ تكلفة الشخص الواحد 4500 ليرة مع بوفيه مفتوح، بينما تنخفض التكلفة إلى 3500 ليرة إذا كانت الخدمة بوجبة على طاولة. وقد علق “رامي أبو عقل” على أسعار صالة البلياردو التي تتراوح بين 400–1000 ليرة للساعة الواحدة، ساخرًا “دخلك الطابات من ذهب”.
وعلى الرغم من الأسعار المرتفعة، وتدني مستوى دخل الناس وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، إلا أن المجمع يشهد إقبالًا كبيرًا، وتمتلئ مطاعمه ومحلاته بالزوار.
وفي حديث لعنب بلدي يقول أحد الخبراء الاقتصاديين (فضل عدم الكشف عن اسمه) أن المشاريع الاستثمارية والتجارية تهدف إلى تحسين المنطقة من خلال خلق مزيد من فرص العمل، وتحسين الخدمات العامة من طرقات ومواصلات، لكن الاختيار الخاطئ لموقع الجمع الجديد جعل الفائدة من إنشائه معدومة.
يذكر أن العديد من القرى والمدن في سوريا وبشكل خاص مناطق الريف الدمشقي القريبة من مجمع “أب تاون”، تعيش في ظلام دامس منذ عدة أشهر، ويعاني سكانها من فقدان مقومات الحياة الأساسية، ولم يعد لديهم وسائل ترفيه سوى أصوات القذائف والرصاص التي تخترق ظلام ليلهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :