بؤر “الحشيش” و”الكبتاغون” تغزو شمال حلب

camera iconلافتة تدعو للحفاظ على أمن جرابلس شمال حلب وخدماتها - تشرين الثاني 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ريف حلب

تتداول مصطلحات “الصواريخ وحشواتها” في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب الشرقي، لكنها ليست ذات معنىً عسكري دائمًا، فالصاروخ هو “سيجارة الحشيش” والحبوب والمواد المخدرة هي “الحشوات”، التي بات انتشارها ظاهرة “قاتلة” تسعى الجهات الأمنية والعسكرية العاملة في المنطقة إلى مكافحتها.

وتركزت الضبوطات من الحبوب المنشطة والكبتاغون في مدينتي جرابلس واعزاز، الحدوديتين مع تركيا، حيث تراوحت الكميات المضبوطة بين ثمانية إلى عشرة آلاف حبة مخدر لها مفعول منشط وتؤدي إلى الإدمان.

وفي حديث إلى عنب بلدي، قال القائد العام لجهاز الشرطة والأمن الوطني شمال حلب، اللواء عبد الرزاق أصلان اللاز، إن “الشرطة الوطنية ضبطت في الفترة السابقة ما يقارب 3500 حبة مخدرة من أنواع مختلفة، إلى جانب ما يقارب 500 غرام من مادة الحشيش، و50 غرام هيروين، وعشرة غرامات من مادة الكوكائين القاتلة، إضافةً إلى 300 حبة نوع (سودا فيت بلاس)”.

من أين تدخل المخدرات؟

“الحشيش” أو ما يعرف بـ “القنب الهندي” محليًا هو أبرز أنواع هذه المخدرات، والذي نشطت زراعته وتجارته بشكل أساسي في مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، إضافةً إلى حبوب “الترامادول” البالغ وزن الحبة الواحدة منها حوالي 225 ملغ من عيار 50 ملغ.

وأوضح اللواء اللاز أن المواد المخدرة “يتم تناقلها عبر أشخاص يروجون لها في مناطق الريف الشمالي، ورصدت قوات الشرطة في اعزاز بؤر توزيع تعتمد على منطقة عفرين كمصدر أساسي لها”، متهمًا “النظام ومجموعات تابعة لداعش وPKK بالترويج والتشجيع لها”.

وأشار قائد الشرطة إلى “مخابئ سرية وسيارات ووسائط نقل جماعية وفردية، تتم من خلالها عمليات نقل المخدرات، بعد إخفائها بين منتجات أخرى لا تلفت الانتباه، إضافةً إلى تهريبها عبر الزوارق عن طريق نهر الفرات بحجة صيد الأسماك”.

وتفرض “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وقوات الأسد طوقًا على منطقة الريف الشمالي من حلب، وتعتبر منطقة عفرين التي تخضع لسيطرة “وحدات حماية الشعب” البوابة الغربية لها. بينما تسيطر قوات الأسد والميليشيات المساندة على المنطقة الجنوبية على حدود مدينة الباب شرق حرب، إلى جانب حدود مع “قسد” في منطقة منبج شرقًا.

وبحسب اللواء “تدخل المواد المخدرة عبر الطرق الفاصلة بين مناطق الريف الشمالي المحرر ومناطق ميليشيا قسد من جهة، ونظام الأسد من جهة أخرى، إلى جانب كميات مخزنة قبل انتشار قوات الشرطة في المنطقة، تعود إلى مخلفات مرحلة الفوضى التي سادت في وقت سابق”.

إلا أن مصادر عسكرية قالت لعنب بلدي إن “شخصيات منضوية في الفصائل العسكرية العاملة في ريف حلب الشمالي تتولى عملية إدخال هذه المواد لقاء مبالغ مالية”.

كما أن “الحواجز الأمنية المنتشرة على الطرق الرئيسية في المنطقة، لها دور في هذه التجارة عن طريق التسهيلات وغض النظر عن الكميات التي تدخل بشكل أساسي من مناطق سيطرة الأسد ضمن الأدوية التي تحتاجها صيدليات المنطقة”.

أراض مزروعة على جانبي الفرات

إلى جانب التجارة والتهريب، ضبطت فرقة “السلطان مراد” إحدى فصائل “الجيش الحر” العاملة في المنطقة مطلع حزيران الجاري أراضٍ مزروعة بالحشيش من نوع “القنب” في قرية الجطل التابعة إداريًا لمدينة منبج، بمساحة دونم واحد زرعها أحد النازحين في المنطقة.

وأوضح قائد “الشرطة الوطنية” أنه “تم رصد حقل على ضفاف الفرات مزروع بالقنب الهندي (الحشيش)، ليتم إتلافه بشكل كامل، والاستدلال على المزارعين وتقديمهم للقضاء”.

وأشار إلى إجراءات تقوم بها “الشرطة” من تنظيم الضبوط اللازمة لمتعاطي ومروجي وتجار المخدرات، وتحديد الكميات الموجودة لديهم، و”تقديم ملفاتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم، إذ يقيّم القضاء حالتهم ضمن إطار الأصول القانونية”.

كما تعمل على إطلاق حملة توعية في مناطق الريف الشمالي لتحذير الأهالي من خطورة المخدرات، مشيرًا إلى أن “تعاون الأهالي هو الأساس بإنهاء هذه الظاهرة بشكل كامل”.

وأوضح أن “قوات الشرطة لديها أقسام أمن جنائي موزعة في كل المناطق مختصة بمتابعة هذا الملف بشكل دقيق، وخلال فترة ليست ببعيدة سيتم الحد من هذه الظاهرة”.

ومن وجهة نظره فإن “النشاطات المشبوهة مازالت حتى اللحظة ضمن إطار النشاطات الفردية من قبل أشخاص ضعيفي النفوس ومجندين لجهات خارج المنطقة، للقضاء على التركيبة المجتمعية فيها”، معتبرًا أن “هذه الظاهرة لم ترقَ إلى مستوى الجريمة المنظّمة”.

ما السبب وراء رواج المواد المخدرة؟

في ذات السياق عزا الشاب علي الأحمد من بلدة دابق شمال حلب انتشار المخدرات والحشيش في المنطقة إلى “ضعف الوازع الديني لدى أغلب الشبان، إلى جانب ضيق الأراضي المسيطر علها والمساحات الضيقة، إذ غدت المنطقة شبة محاصرة بين قسد وقوات الأسد”.

واعتبر أن “انتشار هذه الظاهرة هو سبب رئيسي في تدمير الشباب الواعي وتدمير المجتمع في الشمال الحلبي”، مطالبًا الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة بـ “إيجاد أشد العقوبات بمتعاطي الحشيش والمخدرات، كونها مسؤولية الفصائل والشرطة”.

في حين ووفق رؤية اللواء عبد الرزاق يعود السبب الرئيسي لانتشارها في هذه الفترة إلى أسعارها الرخيصة، المدعومة من قبل جماعات “مناوئة للثورة”، إضافةً إلى “إدمان شريحة من المواطنين عليها خلال فترة الانفلات الأمني، وغياب الجهة الرقابية آنذاك”.

تلقي هذه الظاهرة أوزارها على جميع مناحي الحياة، وتضرب النسيج المجتمعي إن تطورت إلى مستوى الجريمة المنظمة، لذا يعمل المرشدون الاجتماعيون والمختصون على التحذير منها قبل فوات الأوان.

–       زاد استهلاك المخدرات في سوريا خلال سنوات الحرب، وأوقفت دول الجوار أكثر من مرة شحنات مخدرة على الحدود مع سوريا.

–       يعتبر المقاتلون والمسلحون في طليعة مستهلكي المواد المنشطة، لما لها من أثرٍ في اندفاعهم خلال المعارك.

–          يلجأ بعض مصابي المعارك إلى الإدمان على الأدوية الصيدلية للتسكين من آلامهم، وسط معاناتهم من إجراء عمليات مباشرة أو تلقيهم العلاج السليم.

–          يشكل غياب أفق الحل في سوريا وانتشار الاكتئاب بين الشباب السوري أحد أبرز الأسباب للجوء إلى المخدرات.

–       تغيب الإحصائيات الدقيقة عن تصاعد الظاهرة في أوساط السوريين، لكن أرقامًا نشرتها وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري في 2014 ، أظهرت أنها ضبطت أكثر من 500 كيلوغرام من الحشيش المخدر، و27.5 كيلو هيرويين، و4066 كيلو مواد أولية تستخدم في صناعة الحبوب المخدرة، وأكثر من مليوني حبة كبتاغون (…) وطنًا من بذور القنب الهندي.

–       تستقبل عدليات النظام السوري ما يزيد عن 60 -70 دعوى تتعلق بتعاطي المخدرات والترويج لها، رغم أنها تغطي ربع مساحة سوريا.

 



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة