رمضان سوري في أورفة التركية.. الشاكرية والثرود حاضران

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

“أحيانًا أنسى نفسي وأتخيل أني ما زلت في دير الزور”، يقول مدرّس اللغة الإنكليزية وابن مدينة دير الزور زكريا الخليفة، واصفًا رمضانات مرت عليه بعيدًا عن مدينته، خلال ثلاث سنواتٍ عاشها في مدينة أورفة التركية.

من يتجول في شوارع أورفة خلال رمضان لا يكاد يميزها عن أجواء سوريا، الكلمات العربية تتردد في كل مكان، والسوريون يحيطون بك من كل جانب، ويضيف الخليفة لعنب بلدي “كل شيء هنا يشبهنا، طبيعة الجو وشكل البناء وحتى ثياب الناس وعاداتهم، ولست أعلم هل تأقلمنا أم هو تقارب البيئة”.

يتابع الخليفة حديثه عن أورفة، التي تربطها بالسوريين صلات تاريخية وحضارية، جعلت رمضان شبيهًا إلى حدٍ ما بأجواء شهر الصيام في سوريا، “هنا نجد باعة السوس والتمر الهندي وقمرالدين والعوامة والقطايف والحلويات الشامية”.

الموطن الأصلي لا يُعوَّض

رغم ما سبق إلا أن ذلك لا يُعوِّض السوري عن موطنه الأصلي، وفق رؤية مدرّس اللغة، ويرى أن دير الزور “تُعادل كل مدن العالم”، متحدثًا عن ذكرياتٍ مع الجسر المعلّق وجلساتٍ مع الأصدقاء على ضفاف الفرات في رمضان، وقبلها السير في شوارع مدينته قبيل أذان المغرب.

حنينٌ تشاركه فيه الشابة خديجة، المنحدرة من دير الزور، التي ابتدأت أول أيام رمضان، بطبخة “الشاكرية”، شوقًا لأيام وعاداتٍ عاشتها مع أهلها الذين توارثوها خلال عشرات السنين، وتقول “بما أنها تُطبخ بمرقة بيضاء فعساها أن تكون فأل خير في بداية شهر الخير “.

وتؤكد الشابة لعنب بلدي أن الأطباق السورية انتشرت على موائد الأتراك ومنها: البامياء الديرية والملوخية والثرود (طبق تراثي في المنطقة الشرقية)، وغيرها.

 تقاليد نقلها السوريون إلى أورفة

حمل السوريون تقاليدهم إلى أورفة، ومنها الخروج مع عوائلهم لزيارة الأقارب بعد صلاة العشاء، والاجتماع بعد صلاة التراويح مرتدين ألبسة شعبية “جلابيات”.

ترى خديجة أن عودتها إلى سوريا تحتاج زمنًا طويلًا حتى تستقر فيها الأمور وتتوقف الحرب، فقد “كتب علينا أن ننسى كل الأيام الجميلة والذكريات التي لن تعوض”، وهي عبارةٌ يُرددها كثيرًا السوريون في المجالس الرمضانية، إلى جانب الأخبار الجديدة القادمة من سوريا، ورغم ذلك ترى خديجة أن السوريين متمسكون بعاداتهم كما وطنهم.

إلى جانب العادات شكّل مزيج الفعاليات التي تشهدها المدينة، من حلقات إنشاد ورقصات “المولوية” وحلقات الذكر وحتى منصات الغناء، مصدر ترفيه للباحثين عن متنفّسٍ في ليالي رمضان، بعد يومٍ طويلٍ من الصيام التي تُقارب مدته 17 ساعة.

الفعاليات التي تُقام في المناطق القديمة من المدينة، كمنطقة الهاشمية وتضم عددًا من التكايا، سمحت للرجال وكبار السن، باستذكار التراث الصوفي الذي افتقدوه خلال السنوات الماضية، بعد أن منعتها “التنظيمات المتشددة” في المنطقة الشرقية، وعاقبت من يروّج لها.

ويرى العم أبو إسماعيل، وهو عربي تركي من مدينة أورفة، أن السوريين حرّكوا أجواء المدينة، وأضافوا إليها الكثير من الطابع العربي، الذي غاب لعشرات السنوات عن المنطقة، مستشهدًا بالزيارات اليومية وأطباق الطعام التي تتناقلها منازل الحي الذي يقطن فيه.

يخرج معتز العلي ابن مدينة الرقة، الذي يقطن في أورفة، والعشرات من أصدقائه يوميًا إلى ساحة المدفع ومقام إبراهيم في المدينة التركية، ويقول لعنب بلدي “لست أدري إن كان كتب علينا البقاء في تيهنا، باحثين عن مساحة من أمنٍ وسلام، أم سنعود لنعيش رمضان في وطننا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة