“جيش منظّم” خيرٌ من فصائل “متناحرة”

التدخل التركي في عيون أهالي إدلب

camera iconشوارع مدينة إدلب - 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

تضاربت الأنباء عن تحرك حشودٍ عسكرية للجيش التركي على الحدود السورية، وجهتها محافظة إدلب، وتناقل سكان المنطقة سيناريوهات متوقعة حول إمكانية اجتياز الجيش الشريط الحدودي نحو العمق السوري، وصولًا إلى مركز المحافظة.

ورغم نفي قياديين في “الجيش الحر”، بريف إدلب الشمالي، نية التدخل التركي القريب، والذي تطابق مع نفي والي مقاطعة “هاتاي” لهذا الدور، ووصف ما يتداوله الناس بـ “الإشاعات”، إلا أن أهالي المحافظة والنازحين إليها، عرضوا وجهات نظرٍ مختلفة، بين مرحّب ورافضٍ أو متخوّف من التدخل.

وتوقف الطيران الحربي والمروحي عن استهداف إدلب وريفها، عقب توقيع اتفاق تفعيل مناطق “تخفيف التوتر”، 4 أيار الجاري، ما عزز احتمالية دخول تركيا، كدولة ضامنة للاتفاق.

 تقع دارة عزة على خطوط نقاط سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، شمال غرب حلب، وتتمركز هناك فصائل مختلفة أبرزها “حركة أحرار الشام الإسلامية”، و”فيلق الشام”.

لصد هجمات “قسد” والنظام

وعلمت عنب بلدي من مصدر مطّلع، أن تركيا قد تفكّر بالدخول نحو إدلب، لمواجهة تقدم محتمل لقوات الأسد و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، على أن تدخل من منطقتين: إما عن طريق أطمة وصولًا إلى بلدة دارة عزة وجبل بركات، غرب حلب، أو عن طريق سلقين وحارم.

دخول تركيا إلى دارة عزة، سيكون في حال هجوم تشنه قوات “سوريا الديمقراطية” باتجاه إدلب، وفق المصدر، الذي تحدث عن سبعة محاور هجوم يتحضر لها النظام و”قسد” في عملية متزامنة (النظام من أربعة محاور وقسد من ثلاثة)، تمتد من منطقة عفرين على الحدود التركية، حتى بلدة خان طومان، جنوب غرب حلب.

وتوقّع أن تضع تركيا قاعدة لصد هجوم “قسد” في جبل بركات، متحدثًا عن تخوّف من مواجهات مع “هيئة تحرير الشام”، والتي تحركت في المنطقة لذات السبب، وسط خلافٍ بين الفصائل المتمركزة في المنطقة و”الهيئة”.

جيش منظّم خيرٌ من فصائل متناحرة

“بصراحة ودون أي خجل أنتظر دخول تركيا بفارغ الصبر إلى الشمال السوري”، يقول محمد نور حلاق، أحد أهالي إدلب، ويرى أن الأمر “لم يعد مخيفًا فهي موجودة فعلًا شمال حلب، والجميع يرى كيف تحسّن الوضع هناك، على أقل تقدير لا طيران يقتل الآمنين، وهذا مطلبنا الأساسي”.

يعزو الشاب تأييده دخول تركيا إلى تشتت الفصائل، متسائلًا “هل هناك فصيل في المنطقة، مهتم فعلًا بما يعيشه الأهالي، وسط النزاعات والاقتتال الداخلي، وهذا يكفّر وذاك يسرق؟”.

وتشهد المحافظة اشتباكات داخلية متقطعة بين قطبين رئيسيين يحسب الأول على هيئة “تحرير الشام”، والثاني على فصائل “الجيش الحر” وحركة “أحرار الشام”، ولو أنه لم يتطور إلى “اقتتال شامل”، إلا أنه يعرقل استقرار المنطقة، إلى جانب قصف قوات الأسد الذي كان لا يهدأ قبل اتفاق أستانة.

لا يرى محمد نور أي أمل في توحيد الفصائل، فـ “الكل يحدثك عن التوحيد ولكن كله كلام على ورق”، معتبرًا أنه “لدى توحيد الفصائل وتنفيذ ما يريده الشعب، نقول إننا لسنا بحاجة لتدخل أي أحد”.

بدوره، يستغرب الصيدلاني منار كيال الحديث عن التدخل، “وكأن تركيا وليدة اليوم في الحرب السورية”، متسائلًا “ألم يكن كافيًا ما قدمته لكي نصدق أنها دولة حليفة ومناصرة لقضيتنا، من فتح الحدود إلى إيواء النازحين إلى الإمداد بالسلاح؟”.

“لا خوف من دخول تركيا على كافة الأصعدة، وليس لدينا شك بمصداقية أردوغان”، يضيف كيّال “فنواياه أصبحت واضحة وجلية للشعب السوري، ونحن مدينون لها بالكثير”.

عسكريًا لا مدنيًا

لا تصريحات رسمية تركية حتى اليوم، ورغم تداول فكرة التدخل على نطاق واسع، ليست هناك تفاصيل واضحة، إلا أن المدرّسة بتول حاج أسعد ترى ضرورة في أن يكون عسكريًا بعيدًا عن الأمور المدنية.

وتقول المدرّسة التربوية في مدينة أريحا إنه من الضروري النظر إلى التدخل بشكل عميق، فالكلمة تحمل أكثر من وجه، موضحةً “إن كان تدخلها (تركيا) لإقامة قاعدة عسكرية، في نقاط معينة لحماية المناطق والمدنيين وضمان المنطقة وأمنها، فهذا التدخل محدود وواضح، ولا أظن أن السوريين سيعارضون”.

لكن حاج أسعد تلفت إلى إمكانية التدخل على مستوى أكبر، ليشمل تفاصيل الإدارة المدنية والتحكم بقطاعات التعليم وغيرها، لافتةً “هذا لا يعد تدخلًا عاديًا، بل أصبح أمرًا أكبر… ببساطة نرحب بتركيا عسكريًا لا مدنيًا”.

تركيا لها مصلحة كغيرها من الدول

يرى الشاب أكرم غالي، الذي يملك متجرًا لبيع الألبسة المستعملة في إدلب، أنه “لا تركيا ولا غيرها تقدم خدماتها مجانًا، بل تسعى للتدخل في المنطقة لأهدافها لا لحماية المدنيين”.

ووفق رؤية غالي فإن أنقرة تسعى “لإيقاف مدّ الوحدات الكردية باتجاه الساحل السوري، أو ربما لتوسيع نفوذها في الملف السوري، رغم أن التدخل يمكن قراءته بأنه ملتقى مصالح بين تركيا والثورة”.

وكانت رئيسة المجلس التأسيسي للنظام الفيدرالي الكردي، هدية يوسف، تحدثت إلى صحيفة “الغارديان” البريطانية، مطلع أيار الجاري، حول سعي “قوات سوريا الديمقراطية” (التي تنضوي الوحدات الكردية فيها) لفتح معبر بحري، عندما قالت إن مشروع الفيدرالية “سيشمل الوصول إلى البحر المتوسط، وهذا حق قانوني لنا”.

“تركيا في حال تدخلت بجيشها فهي دولة انتداب محتل”، كما يقول غيث عرواني، النازح من حمص إلى إدلب، ويعمل في المجال الإغاثي، مشيرًا إلى أنها “حتى وإن كان هدفها فعلًا حماية المدنيين، لكنني لا أجد مسوغًا لدخولها الذي سيُسبب الكثير من المشاكل ويزيد الأمور تعقيدًا”.

ماتزال التكهنات بدخولٍ تركي إلى إدلب، تندرج في إطار التحليلات، خاصةً مع التعقيد الذي تشهده المحافظة، لكن الفصائل المدعومة من أنقرة تراها فرصة لتخفيف استهداف المنطقة، على غرار شمال حلب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة