مواطنون يتفاءلون بـ "استقرارٍ مرحلي"

عوامل ترنّح حركة الدولار بعد الإعلان عن المناطق السورية “الآمنة”

camera iconنسخة من بائع ألبسة مستعملة ادلب

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

شهد سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، تحسنًا طفيفًا خلال الأسبوع الماضي، إذ انخفض من 555 إلى 520 ليرة للدولار الواحد، لكن الانخفاض لم يدم سوى أيامًا ليعود السعر للارتفاع مجددًا لعدة عوامل.

التحسّن جاء عقب إعلان دولٍ مؤثرةٍ في الملف السوري والضامنة لاتفاق أستانة (تركيا وروسيا وإيران)، الخميس 4 أيار، عن إنشاء “مناطق آمنة” في كل من إدلب والغوطة الشرقية وشمال حمص والجنوب السوري، تحت مسمى “مناطق تخفيف التوتر” أو “خفض التصعيد”.

ولم تمض ساعات على الإعلان حتى بدأ سعر صرف الدولار بالانخفاض، بسبب تفاؤل السوريين بالاتفاقية، وهذا ما أطلق عليه الباحث والصحفي الاقتصادي سمير طويل بـ “العامل النفسي”.

عوامل تحسّن السعر

طويل أوضح، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن انخفاض وارتفاع الدولار في سوريا منذ بداية الثورة يعود إلى عدة عوامل، أولها العامل النفسي لدى المواطنين، قائلًا “عندما يتم الحديث عن أي عملية تهدئة تهدف إلى استقرار نلحظ انخفاض الدولار بشكل طفيف ونسبي”.

وأضاف طويل أن العامل الثاني يعود إلى “العرض والطلب”، فالاستقرار، ولو كان بشكل آني، يخفف الطلب على الدولار ما يؤدي إلى توفره في السوق وانخفاض سعره، وهذا يتحكم به “المضاربون اللاعبون في السوق، وخاصة المصرف المركزي السوري، الذي فرض نفسه كأحد اللاعبين وكأنه شركة صرافة”.

وأشار طويل إلى أن انخفاض الدولار النسبي لم يؤثر على أسعار المواد الأساسية والغذائية، ونسبة التضخم التي تعد الأكبر في دول الشرق الأوسط، لأن “الأسعار في سوريا عندما ترتفع لا تنخفض بسهولة بغض النظر عن وجود الحرب”.

لكن الباحث الاقتصادي يونس الكريم اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أن النشاط الذي شهدته الساحة السياسية والمتمثل بالإعلان عن “المناطق الآمنة”، دفع بعض التجار والمصرف المركزي إلى سحب الليرة من السوق، “من أجل استبدالها بالدولار الذي ربما تضخه الدول الضامنة في المناطق الآمنة”.

وأشار الكريم إلى أن “تحسن الليرة لن يدوم طويلًا، بسبب حاجة التجار إلى صرف الدولار لشراء السلع واستيرادها، لتعويض النقص في السوق، وهذا يعني انخفاض قيمة الليرة مجددًا”.

تراجع الدولار عالميًا

مركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد” أرجع في تقريره الاقتصادي الأسبوعي، الاثنين 8 أيار، انخفاض الدولار إلى “إسهام اتفاق أستانة بنشر أجواء من الارتياح في السـوق وتحسن النظرة المستقبلية المتفائلة نحو المزيد مـن الاسـتقرار وزيادة فرصة التوصل إلى حل سـياسي للأزمة السورية”، مشيرًا إلى أن استمرار تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية في الأسواق المالية العالمية عزّز تراجع الدولار في سوريا.

وأوضح المركز أن سعر صرف الدولار انخفض أمام الليرة السورية بنسبة 3.4% ليقابل الدولار أقل من 535 ليرة، مع زيادة العرض نتيجة توجه المضاربين إلى البيع للحد من خسائرهم في ظل ارتفاع الليرة.

عودة ارتفاع الدولار

تحسّن الليرة لم يدم طويلًا، فعاد سعر الصرف أمام الدولار للارتفاع مجددًا، فبعد أن وصل إلى 520 ليرة، الأسبوع الماضي، عاد ليرتفع إلى 539 ليرة، بحسب سعر الخميس 11 أيار.

وفي إدلب شهد سعر الصرف انخفاضًا كبيرًا عقب الإعلان عن المناطق الآمنة، إذ انخفض من 550 ليرة إلى 485 ليرة للدولار، لكنه عاد للارتفاع إلى 540 ليرة، وفي درعا وريف حلب الشمالي ارتفع إلى 540 بعد أن انخفض إلى 510 للدولار الواحد، بحسب مراسلي عنب بلدي.

الصراف محمد جبران، الذي يملك محلًا في بلدة صوران بريف حلب الشمالي، أرجع سبب انخفاض وارتفاع الدولار إلى تحكم النظام السوري والتجار الداعمين له بالسعر، معتبرًا أن “النظام هو المستفيد الأول والأكبر من تغير حركة الدولار”.

في حين اعتبر صرافون في إدلب أن حركة الدولار الأخيرة لا علاقة لها بالإعلان عن المناطق الآمنة، إنما هي لعبة من تجار سرمدا الحدودية الذين عملوا على ضخ الدولار من أجل انخفاض قيمته ثم شرائه.

تاجر في إدلب، رفض الكشف عن اسمه، قال لعنب بلدي إن انخفاض الدولار لأيام قليلة وارتفاعه يعود إلى استمرار هجوم قوات الأسد على مناطق المعارضة المتمثلة في حي القابون بالقرب من دمشق، والقصف المستمر على مناطق ريف حماة الشمالي وبعض مناطق درعا.

وأضاف أن غموض الاتفاقية واستمرار هجمات النظام دفع الناس للاعتقاد بأن اتفاق “أستانة” والإعلان عن “مناطق آمنة” سيكون مصيره شبيهًا بالاتفاقيات السابقة والهدن المعلن عنها من قبل روسيا، والتي لم ترَ النور بسبب ما وصفه بـ “تعنّت النظام”.

نشاط في الأسواق

رافق تحسّن الليرة السورية نشاطٌ في بعض أسواق مناطق المعارضة وخاصة في إدلب، بحسب سمير الزير، صاحب محل في سوق الصاغة بإدلب، وقال لعنب بلدي إن مبيعات المحل ارتفعت إلى الضعف بعد الإعلان عن المناطق الآمنة، بسبب الازدحام في الأسواق من قبل السكان الذين وجدوا في الإعلان فرصة للحركة في إدلب بعد توقف القصف.

وهو ما ينسحب على عدة أسواق في مناطق النظام السوري، بحسب ما رصدت عنب بلدي.

ويعدّ النشاط في حركة البيع والشراء من قبل مواطنين تفاءلوا بالاتفاق، دلالة على انتظار السوريين لهدنة دائمة توقف استهدافهم وتتيح لهم فرصة للوقوف مجددًا، لكنها ليست كافيةً لاستعادة بناهم التحتية واستقرار الاقتصاد في أسواقهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة