الحمى المالطية.. سبب التسمية وطرق العدوى

الحمى المالطية

camera iconImage Source: Canva

tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

الحمى المالطية، والحمى المتموجة، وحمى البحر الأبيض المتوسط غير الوراثية، وحمى القرم، وداء البروسيلا، كلها تسميات لنفس المرض، لكن التسمية الأكثر انتشارًا بين الناس هي “الحمى المالطية”، ولا بد أن معظمنا قد سمع بهذا المرض، لكن قلة ممن لديهم معلومات كافية عن أسباب الإصابة وأعراضها وطرق الوقاية منها، لذلك فإننا سنحاول التعريف بهذا المرض وأسبابه وأعراض الإصابة به في هذا العدد، وسنستعرض طرق التشخيص والعلاج والوقاية في العدد المقبل.

ما هي الحمى المالطية

هي مرض إنتاني يحدث نتيجة الإصابة بجراثيم البروسيلا، وهي من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، إذ تحدث الإصابة عند الإنسان بعد انتقال الجراثيم إليه من الحيوان، عن طريق التماس المباشر مع هذا الحيوان أو عن طريق تناول منتجاته اللبنية.

وصّفت الحمى المالطية منذ ألفي عام، ولكن لم يتم اكتشاف الجرثوم المسبب لها إلا في عام 1887 على يد طبيب إنكليزي اسمه ديفيد بروس في جزيرة مالطا، فسميت هذه الجراثيم بـ “البروسيلا” نسبة للطبيب المكتشف لها، وسمي المرض بـ “الحمى المالطية” نسبة لمكان الاكتشاف، ثم سمي المرض بـ “داء البروسيلا” تكريمًا للطبيب.

ولجراثيم البروسيلا ستة أنواع، لكن ثلاثة منها فقط هي المسؤولة عن انتقال المرض إلى الإنسان، وهي:

  1. جراثيم البروسيلا المالطية، وهي تصيب الأغنام والماعز والجمال، وتعتبر أكثر الأنواع المسببة للمرض عند الإنسان، ويكون سير المرض بها شديدًا.
  2. جراثيم البروسيلا المجهضة، وهي تصيب الأبقار، وتعتبر قليلة الإمراضية للإنسان، ويكون سير المرض بها خفيفًا.
  3. جراثيم البروسيلا الخنزيرية، وهي تصيب الخنازير، ونادرًا ما تحصل إصابة الإنسان بها.

وتتمتع الأنواع الثلاثة بقدرتها الكبيرة على تحمل تغيرات الوسط الخارجي، إذ تستطيع العيش في الماء والتربة حتى ثلاثة أشهر، وفي الحليب عشرة أيام وأكثر، وفي الجبن 45 يومًا تقريبًا، وفي الصوف ما يقرب من الثلاثة أشهر، ولكن لا تتحمل البروسيلا درجات الحرارة العالية، فتموت بالغليان فورًا، أما في درجة حرارة 60 مئوية فتموت بعد 30 دقيقة.

كيف تنتقل عدوى الحمى المالطية؟

توجد جراثيم البروسيلا في دم ولحوم الحيوانات المريضة، وتطرحها الحيوانات مع السائل المحيط بأجنتها عند الإجهاض ومع البول والبراز والحليب، ويمكن أن تنتقل العدوى إلى الإنسان بثلاث طرق:

  1. عند ملامسة إفرازات الحيوانات المريضة أو ملامسة المواد الملوثة بهذه الإفرازات، أو عن طريق الماء الملوث بهذه الإفرازات، حيث تدخل الجراثيم عن طريق الفم أو ملتحمة العين أو عن طريق الجروح.
  2. عند تناول المواد الغذائية من الحيوانات المصابة، كتناول حليبها أو الجبن أو القريشة المصنعة من حليبها غير المغلي، كذلك تناول لحوم الحيوانات المريضة.
  3. الانتقال بالغبار، وتحدث بشكل نادر أثناء معالجة صوف الحيوانات المريضة.

تقع أكثر الإصابات في فصلي الربيع والصيف، ففي شهري آذار ونيسان يكون موسم ولادة الأغنام والأبقار، وتكثر حالات الإجهاض في هذه الفترة مما يؤدي إلى موجة انتشار للعدوى، وفي شهري أيار وحزيران يبلغ إدرار الحليب ذروته وتحدث موجة ثانية من انتشار العدوى.

كيف تتظاهر الإصابة؟

قد تستمر فترة الحضانة بين أسبوع وثمانية أسابيع، فيبقى المرض لفترة بدون أعراض.

ثم تبدأ مرحلة الأعراض الأولية، فيعاني المريض من أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا (تعب شديد وإرهاق وخمول في الجسم)، ثم تبدأ آلام العضلات والمفاصل والشعور بقشعريرة، وتستمر هذه الأعراض من أيام إلى عدة أسابيع.

بعدها تبدأ مرحلة الأعراض الحادة، إذ ترتفع درجة الحرارة وتصاحبها قشعريرة شديدة، ثم تنخفض فيما بعد بصورة دورية، ولذلك تسمى بالحمى المتموجة، ويبدأ المريض بالتعرق الشديد خاصة أثناء الليل، ويحدث لديه نقص شهية لدرجة قد تصيبه بالهزال، إلا أن حالته تبقى جيدة لمدة طويلة تمكنه من أداء أعماله اليومية، ثم بعد ذلك يبدأ المريض بالشكوى والمعاناة من سرعة التعب، والصداع، وآلام شديدة في بعض المفاصل مع تورمها، وتتميز هذه الآلام بظهورها المتموج بين الحين والآخر، وقد تعيق المريض عن ممارسة حياته اليومية، كما تحدث تغيرات في الجهاز العصبي (التهاب عصب وركي وآلام الأعصاب)، ويصاب الجهاز التناسلي (التهاب الخصية والبربخ والتهاب المبيض وقنوات فالوب واضطراب الدورة الشهرية)، وقد تتضخم العقد اللمفاوية عند بعض المرضى، وقد يتضخم الكبد والطحال في الأيام الأولى من الحمى، ويستمر هذا التضخم لفترة طويلة.

عندما يستمر المرض من شهر إلى ثلاثة أشهر يعرف بداء المالطية الحاد، ومن الممكن في حال تأخر العلاج أن يتطور المرض إلى ما تحت الحاد إن زادت فترة المرض إلى أكثر من ثلاثة أشهر، وقد يتحول المرض تحت الحاد إلى المزمن تدريجيًا وذلك إذا زادت فترة المرض لأكثر من ستة أشهر، وتتناوب فترات خمول المرض وانتكاساته، وقد يستمر المرض من سنتين وحتى ثلاث سنوات.

بقي أن نعرف بطرق تشخيص وعلاج الحمى المالطية، وكذلك طرق الوقاية من الإصابة بها، وهذا ما سنتناوله في العدد المقبل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة