تدرّج العمل الرياضي “الحر” في سوريا على مدار الأعوام الخمسة الماضية، وبدأ بجهود “رابطة الرياضيين السوريين الأحرار”، التي تأسست في مدينة القاهرة المصرية عام 2012، ليتشكل بعدها “الاتحاد الرياضي السوري الحر” في آب 2015، والذي وسّع تمثيله لتتشكل الهيئة العامة للرياضة والشباب، لتغدو الكيان الأوسع تمثيلًا في الداخل السوري.
ولم تكن الهيئة التشكيل الوحيد خلال السنوات السابقة، فتشكلت كيانات كان من بينها “هيئة الرياضيين السوريين الأحرار لألعاب القوة” مطلع العام 2015، وضمت 400 رياضي، وشكّلت اتحادات ولجان انتسبت للهيئة، كما تأسست منظمة “رياضيون من أجل سوريا” في القاهرة عام 2014.
وشكّل الرياضي أيمن قاشيط، الموجود في السويد حاليًا، “الاتحاد السوري الحر” منتصف العام 2015، وضمنه “منتخب شباب سوريا”، والذي رعى بعض النشاطات في ريف حلب والغوطة الشرقية وحي الوعر، ليتوقف عن العمل بعد أربعة أشهر، وينتسب جزء من رياضيي الاتحاد للهيئة، ويستقل آخرون.
ما هي الهيئة العامة للرياضة والشباب؟
رعت “الهيئة العامة” الحركة الرياضية في الداخل منذ آذار 2014، بالتعاون مع الاتحادات الرياضية التي تتبع لها، ووفق نظامها الداخلي، الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه، فإنها تتكون من الجمعية العمومية، ويتبع لها المكتب التنفيذي المكون من 13 عضوًا، إضافة إلى لجانٍ فنية وتنفيذية على الأرض، جميعها تدير الأندية المنتسبة للهيئة وبطولات الألعاب الرياضية، بالتعاون مع المجالس المحلية، وبعض المنظمات السورية، كالدفاع المدني، والهلال الأحمر السوري، والشرطة السورية الحرة، كما تعاونت الهيئة في وقت سابق، مع بعض الإذاعات والصحف والمواقع السورية.
وتتكون كل لجنة تنفيذية من 11 عضوًا، بينما يضم كل اتحاد من خمسة إلى سبعة أعضاء.
وقدّر عروة قنواتي، رئيس الهيئة العامة للرياضة والشباب، في حديثٍ إلى عنب بلدي، عدد الشخصيات الرياضية القائمة عليها بحوالي 150 شخصًا، عدا اللجان الفنية والتي يرتفع العدد مع أعضائها إلى أكثر من 200 شخص.
تتوزع التنفيذيات على خمس مناطق في سوريا: حلب، وإدلب، وريف دمشق، وحمص، ودرعا، وتعمل معها اللجان الفنية لكل لعبة، وتدير اللجان التنفيذية مراكز التدريب وبعض البطولات في مخيمات الداخل السوري.
ويتبع للهيئة 11 اتحادًا، هي: كرة القدم، اليد، الطاولة، السباحة، الطائرة، الجودو، الكاراتيه، المصارعة، الووشوكونغ فو، الكيك بوكسينغ، واتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول قنواتي إن الهيئة حاولت العمل ضمن منطقة ريف حمص الشمالي وريف حماة، “إلا أن حدة المعارك أوقفتنا”، مقرًا بالتقصير في ريف حماة على وجه الخصوص، والذي تتنافس بعض الفرق والأندية فيه ككرة الطائرة مع فرق محافظة إدلب، بينما يلعب ناديا سحم والجولان من ريف القنيطرة مع الأندية التي تديرها الهيئة في درعا.
مذكرة تفاهم لا تكفي مع “المؤقتة”.. والائتلاف “سن عكسي”
وقّعت الهيئة مذكرة تفاهمٍ مع الحكومة المؤقتة عام 2015، وتبعت بموجبها إداريًا إلى وزارة الثقافة، ووفق قنواتي، فإن الهيئة التقت برئيس الحكومة المؤقتة الجديد، الدكتور جواد أبو حطب، الذي شكّل الحكومة في تموز 2016، وأكد أن ملفات الوزارة قائمة ومستمرة ريثما تنجز الحكومة ما يسمى بـ “هيئة الثقافة والآثار”، ومهمتها إتمام عمل الوزارة.
منحت الحكومة الصفة الرسمية للقرارات والكتب التي تعتمدها الهيئة، وتنتظر الأخيرة الإجراءات الجديدة للكيان الذي سيؤسس ضمن حكومة “أبو حطب”. لكنّ ذلك ليس كافيًا، فمايزال الائتلاف السوري المعارض يدير ملف النقابات والاتحاد، بإدارة محمد يحيى مكتبي، وهو ما تعتبره الهيئة تشتيتًا للعمل المشترك.
ويقول عبد الرؤوف الأمير، منسق الهيئة في دولة قطر، إن العمل لن يتنظم حتى يكون الاعتراف مشتركًا من الحكومة المؤقتة والائتلاف، كما يجب تخصيص ميزانية كبيرة للعاملين في الداخل، وإعادة إعمار الملاعب حسب الإمكان، مؤكدًا “العائق الأكبر بنظري هو الائتلاف وقراراته الدورية المتباينة”.
الائتلاف يُصادق على لجنة أولمبية ويلغيها في ثلاثة أشهر
صادق الائتلاف السوري المعارض في 3 حزيران 2016 على تشكيل اللجنة الأولمبية السورية المؤقتة، “بهدف انتظام كافة الهيئات الرياضية والرياضيين السوريين في داخل سوريا وخارجها ضمن اللجنة، لتمثيل سوريا رياضيًا في المحافل العربية والدولية”، إلا أنه ألغاها في 29 من الشهر نفسه، “للحفاظ على وحدة العمل الرياضي السوري”.
عنب بلدي تحدثت إلى محمد يحيى مكتبي، المكلف من قبل الائتلاف بملف النقابات والاتحادات، واستفسرت عن سبب الإلغاء، وقال إنها ألغيت “بعد أن تحققنا من أنها لن تستطيع القيام بالشيء الذي أسست من أجله”، معتبرًا أنها كانت “محاولة لإعاقة مشاركة النظام في بطولة ريو دي جانيرو التي جرت في البرازيل آب 2016، كلجنة أولمبية مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر”.
ويرد رئيس الهيئة العامة، قنواتي، أن” جميع الدول تستعد للأولمبياد قبل أربع سنوات، وإن كانت حديثة العهد رياضيًا فعلى الأقل لمدة عام كامل، ولكن الائتلاف شكّلها قبل ثلاثة أشهر، وضمّنها أشخاصًا عليهم إشارات استفهام، وهذا ما تأكد لاحقًا”.
مؤسسة تُظل الهيئة الرياضية أم اندماج للخبرات فيها؟
تجمع الهيئة العامة عددًا كبيرًا من الرياضيين، وهناك آخرون يحملون خبرات رياضية لا ينتمون إليها، لذلك تسعى الهيئة لعقد مؤتمر جامع لتوسعتها واستقبال أولئك الرياضيين، كما تعقد اجتماعات دورية مع مدير النقابات والاتحادات في الائتلاف الوطني، يحيى مكتبي الذي يرى أن الملف الرياضي، يجب أن تديره مؤسسة وطنية حسب المعايير والأصول.
“لا يمكن أن تُبنى المؤسسة بأناس ليس لديهم خبرة وبجهود مبعثرة”، يقول مكتبي، مشيرًا إلى أن المؤسسة يجب أن تقودها شخصيات تسلسلت في وقت سابق بالعمل القيادي الرياضي وانشقت عن النظام ولها سمعتها ومكانتها، معتبرًا أن الهيئة العامة للرياضة والشباب، هي المؤسسة الأم التي لها عمل رياضي جيد، “ولكنها ليست الوعاء الأكبر فهناك شخصيات مهمة خارجها كالكابتن خالد الفرج، وهو بطل عالمي في المصارعة والبطل السوري والعربي الملاكم عدنان قدور وغيرهم”.
في ظل المعوقات الكثيرة أمام الملف الرياضي في سوريا “تذلل المؤسسة العقبات”، وفق مكتبي، الذي يصف الملف بـ”المهم باعتباره يبرز أحد الوجوه الهامة في العمل المدني، بعد اتهامات للثورة والثوار بأنهم في خانة التطرف والإرهاب”، مؤكدًا أن “المهمة صعبة ودورنا تسهيل تلاقي وجهات النظر والوصول إلى الكيان الجامع البناء على المشتركات وليس نقاط الخلاف”.
من وجهة نظر رئيس الهيئة العامة، فالظروف الاستثنائية في سوريا، تتطلب النظر بشكل جيد للملف الرياضي، داعيًا أي رياضي أو إداري للمشاركة في توسعة الهيئة، “لتكبر ويأخذ أيٌ منهم مكانه في الاتحادات واللجان وقيادة الهيئة، فإعادة إنتاج الأفكار لا توصل لنتيجة، والمشاهدة من بعيد لا تحل إشكالية”، على حد وصفه.
ويختم قنواتي حديثه “عملنا في ظروف صعبة وتجربيبة وعايشنا الفشل والنجاح وأخطأنا في بعض الأحيان حتى وصلنا إلى نجاح مشترك”، مؤكدًا “سيأتي يوم ونسلم مهامنا لنصبح أعضاءً عاديين في الهيئة ولكن ليس من الصواب أن يقبّح ويُفشّل كل من يخرج من الهيئة بعمل كوادرها، فهذا الأسلوب لا يبني سوريا ولا يغني الثورة بأي شيء”.
خلافٌ مع الائتلاف يظهر في غياب الاعتراف الدولي
لا يوجد اعتراف دولي بالهيئة أو أي مؤسسة رياضية بعيدًا عن النظام السوري حتى اليوم، إلا أن وجهات النظر تحتلف بهذا الخصوص، فيرى مكتبي أن بناء مؤسسة قوية معترف بها من قبل الائتلاف، “يجعلها تخوض محاولة جلب الاعتراف وإفساح المجال أمام الرياضيين المنتمين للثورة، والمشاركة في البطولات الإقليمية والدولية”.
بينما يعتبر رئيس الهيئة، عروة قنواتي، أن الاعتراف الدولي مرتبط بالشأن السياسي حصرًا، “فالقضية ليست ملفات ترسلها للاتحادات الدولية التي لن تتدخل إلا في حال صدر قرار سياسي”، مؤكدًا “أرسلنا وثائق عديدة للاتحادات الدولية للألعاب منذ عام 2014، وضمت أسماء شهداء ومعتقلين وقضايا أخرى، ولكننا لم نتلقّ أي رد”.
يتحدث البعض عن إمكانية طلب الاعتراف كونه “قضية قانونية”، من خلال التعامل مع محامين، ولكن الأمر يكلف عشرات الآلاف من الدولارات، ويلفت قنواتي إلى أنه “لا يمكن لأي منظمة أن تدعمنا بهذا الخصوص، فليس لدينا مكتب قانوني لأننا لا نستطيع تفريغ كوادره ومنحهم رواتب شهرية”.
تابع قراءة ملف: رياضة سوريا الحرة خارج المستطيل الأخضر
الهيئة العامة للرياضة.. محاولات البحث عن مؤسسة جامعة
الدعم المالي وعقود الرعاية للهيئة العامة للرياضة
الرياضة السورية بعيون مسؤولي الاتحادات واللجان
عشرة أطفال رياضيين قتلتهم الطائرات الروسية في حلب
المنشآت الرياضية المستهدفة في سوريا خلال الأشهر الستة الأخيرة
الإنجازات الدولية للمنتخبات السورية “الحرة”
رياضات يمارسها المقاتلون وتشاركهم المعارك
هل تمارس النساء الرياضة في الشمال “المحرر”
قلب الغوطة الشرقية ينبضُ بالنشاطات الرياضية
نادي دوما الرياضي.. 60 عامًا على أرض الغوطة
نادٍ رياضي يديره “جيش الإسلام” في الغوطة
أيمن عبد الجواد.. طفلٌ نافس الكبار وحصل على المركز الأول في لعبة الطاولة
الرياضة في حوران.. نشاطٌ واسع بإدارة المخضرمين
التصعيد في حلب يصيب رياضاتها بالشلل
حمص.. كرنفالات رياضية في ظل الحصار
رياضة الجزيرة تغرّد خارج اتحاد النظام
لقراءة الملف كاملًا في صفحة واحدة: رياضة سوريا الحرة خارج المستطيل الأخضر
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :