“مشروع الأمل” لتشغيل أهالي داريا في الشمال السوري

مطعم في ريف إدلب يقوم عليه نازح من مدينة داريا - تشرين الثاني 2016 (عنب بلدي)

camera iconمطعم في ريف إدلب يقوم عليه نازح من مدينة داريا - تشرين الثاني 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

زين كنعان – إدلب

لم يكن حلم أهالي داريا الجلوس داخل المخيمات وتلقي المساعدات والسلل الإغاثية، بعد انتقالهم إلى ريف إدلب، كما يقولون، إذ بدأت رحلة البحث عن مهنة تؤمّن معيشتهم بكرامة في الشمال السوري، منذ وصولهم آب الماضي، في ظل انعدام شبه كلي لفرص العمل، وخاصة لأصحاب الحِرف.

“كان مشروع صيانة مضخات المازوت حلمًا بالنسبة لي لتكلفته الباهظة، إلا أنه أصبح حقيقة اليوم”، يقول عمر العبّار، أحد أهالي مدينة داريا، الذي يقطن في ريف إدلب، وأحد المستفيدين من “مشروع الأمل”، الذي جاء كإحدى المبادرات التي سعت لتأمين فرص عمل لأهالي داريا، وأطلقته منظمتا “مسلم بنّاء” للإغاثة والتنمية، و”أم القرى” الخيرية، لدعم حرفٍ ومهنٍ يديرها شباب المدينة في الشمال السوري.

بدأت أولى فعاليات المشروع بإطلاق حرفة الحلاقة في السابع من تشرين الثاني الجاري، على أن يدعم أصحاب الحرف برأس مالٍ مؤقت لتسيير أمورهم، حتى ينطلقوا بمشروعهم الخاص مع مرور الوقت.

العبّار يعيل أفراد أسرته وعائلة أخيه الذي قتل في داريا، ويضيف في حديثٍ إلى عنب بلدي أن المشروع أتاح له فرصة أن يكون ربّ عمل وليس أجيرًا، مردفًا “ساعدني المشروع على تأسيس حياة كريمة بعيدًا عن المعونة”، ووجه شكره إلى القائمين على المشروع.

آلية العمل على “مشروع الأمل”

عنب بلدي تحدثت إلى محمد ديرانية، مدير المشاريع في منظمة “مسلم بنّاء”، ويقول إن المبادرة تهدف إلى افتتاح ثلاثة عشر مشروعًا للحرفيين من أهالي داريا في بلدة جرجناز بريف إدلب، على أن يتكفل القائمون على المشاريع بشراء المعدات والتجهيزات لكل حرفة، ودفع الكلفة التشغيلية وإيجار مكان العمل لمدة ثلاثة أشهر، “ريثما ينطلق المشروع ويعود ريعه على صاحبه”.

وتمثل آلية الاتفاق مع الحرفيين بعقود تشترط اقتطاع نسبة شهرية وصفها ديرانية بـ”الصغيرة”، وتبلغ 25%، تعود لصندوق الجهات المنفذة “بغرض الاستثمار في مشاريع تنموية وتشغيلية أخرى”.

ويرى مدير المشاريع في “مسلم بنّاء”، أن النسبة المقتطعة “حافزٌ لأصحاب الحرف على العمل والاجتهاد”.

يهدف المشروع إلى ضمان توظيف خبرات الحرفيين والحفاظ عليها من الضياع، وتأمين العائد المادي لأربعين عائلة، تضم قرابة 154 فردًا من المستفيدين، إضافة إلى “تقليل العبء على المنظمات المحلية، والعمل على دمج المهجرين في المجتمع المحلي وإنعاش السوق، ولا ننسى الحرص على نشأة الأطفال بشكل سليم بعيدًا عن التسول”.

تكلفة المشروع الواحد

لا يوجد سقف مالي محدد للمشروع الواحد، بحسب ديرانية، إذ وصلت كلفة بعض الحرف إلى حوالي 11 ألف دولارٍ أمريكي، كمشروع تصليح مضخات المازوت، بينما يجري العمل على مشاريع “خراطة الحديد” بكلفة قد تصل إلى 15 ألف دولار.

يتفق صاحب الحرفة مع المنظمات المانحة، من خلال عقد يتعهد من خلاله بالمحافظة على المستلزمات والتجهيزات من الأضرار “غير المتعلقة بالظروف القاهرة”، على أن يسلمها للجهات في حال قرر ترك العمل في المشروع “تحت أي ظرف كان”.

منظمة “أم القرى” تتولى تأمين الخدمات اللوجستية للمشروع، وتلعب دورًا في ضمان سيره كما يجب، وفق ديرانية، الذي يشير إلى إمكانية دعم المهجرين من غير أبناء مدينة داريا المستهدفين بالدرجة الأولى، “في حال توفرت الظروف الملائمة”.

وفق رؤية المسؤول التنفيذي في منظمة “أم القرى”، حسين الدغيم، فإن التوجه إلى المشاريع التنموية يأتي لسببين: الأول لزيادة تعلّق الأهالي بالأرض وعدم التفكير بالهجرة، والثاني لكفاية هذه الأسر وألا يقتصر اعتمادها على المعونات الطارئة والمتقطعة، إضافة إلى زيادة العلاقة والروابط بين العائلات الوافدة مع المجتمع المضيف، كما يقول لعنب بلدي.

انفطاع الحرفيين ولّد تخوفًا

زياد جمال الدين، المدير الميداني المنتدب من المنظمتين، يرى أن انقطاع الحرفيين عن العمل منذ أكثر من أربع سنوات، “جعل بعضهم ينسى كماليات الحرفة، الأمر الذي ولّد تخوفًا لديهم للبدء بالعمل”، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي أن البدء بهذه المشاريع الصغيرة “سيكون محفزًا للحرفيين ويعزز من ثقتهم بنفسهم”.

وبحكم اطلاعه على سير العمل، كونه المدير الميداني للمشروع، يلفت جمال الدين إلى صعوبات تواجه المنظمتين، في كل من تركيا وحلب وإدلب، وتتمثل بكثرة الحواجز والتخوف من مصادرتها، رغم أن المشروع لم يواجه أي شيء من هذا القبيل حتى الآن، على حد تعبيره.

رعى المشروع حتى السبت 19 تشرين الثاني، ثلاث ورشات هي: مشروع محل حلاقة بكلفة 650 دولارًا أمريكيًا، ومطعم بكلفة 2600 دولار، إضافة إلى مشروع تصليح مضخات المازوت الذي يديره العبّار، بينما يسعى القائمون على “مشروع الأمل”، لبدء المرحلة الثانية منه خلال الأيام المقبلة، لتغطية بقية الحرف في بلدتي جرجناز وأطمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة