tag icon ع ع ع

تنفرد روضة “البيان”، التي تديرها الجمعية الخيرية لإغاثة المحتاجين في دوما، برعاية الأطفال الصم والبكم في الغوطة، بإمكانيات محدودة مستهدفةً أعدادًا قليلة من هذه الفئة.

وتسعى بعض صاحبات الخبرات الحياتية، من أمهات الأطفال على وجه الخصوص، عبر محاولات وصفت بـ”الخجولة” لسد الثغرة في هذا الملف.

وبينما ترعى الروضة عشرات الحالات، مايزال آخرون دون رعاية ويعيشون أوضاعًا صعبة رغم رعاية فردية من بعض الأشخاص لحالات محدودة، في حين تغيب الإحصائيات الدقيقة لأعداد الأطفال الصم والبكم.

يصف أمين محمد الساعور، مدير الجمعية، في حديثه لعنب بلدي، عمل الروضة التي تأسست منذ عام 2006 بـ”الضخم”، من خلال رعايتها بعض الأطفال عبر مشرفات مؤهلات لتعليمهم لغة الإشارة والكتابة والقراءة، ودعمهم نفسيًا من خلال حفلات ترفيهية ونشاطات تفاعلية يتشاركون فيها مع الأيتام.

للوقوف على عمل الروضة، تحدثت عنب بلدي إلى مديرتها لينا الشامي، وتقول إن الروضة واجهت فترة انقطاع خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الثورة، إلا أنها تابعت عملها في تعليم هذه الفئة، من خلال كادر تدريسي من ذوي الخبرات، وخاضع لدورات في التعامل مع الصم والبكم.

رعت الروضة قبل الثورة 45 طفلًا من كافة مدن وبلدات الغوطة، وفق الشامي، إلا أن الظروف الحالية التي تعيشها الغوطة أجبرت كادرها المحدود على رعاية 30 طفلًا من مدينة دوما حيث مكان الروضة، إلى جانب بعض القرى المحيطة بها.

وتضيف مديرة “البيان” أنها أحصت عشرات الحالات ممن يعانون نقص السمع في مدارس الغوطة، تأثر بعضهم بشكل كبير نتيجة أصوات القصف، إلى جانب آخرين ورثوا الحالة عن آبائهم أو ولدوا بتشوهات خلقية، وترعى قسمًا منهم من خلال صف “تصحيح النطق”، وهو أحد أربع شعب مقسمة على فئات حسب العمر ودرجة نقص السمع.

تتراوح أعمار الأطفال بين 4 إلى 14 عامًا، وتدرس أكبر الفئات عمرًا منهاج الصف الثاني بحكم حالتها، بحسب مديرة الروضة، وترى أن إيصال المعلومة للطفل، أمر مهم باعتباره الداعم الرئيسي لتأهيله، “رغم أن بعض الآباء يخافون من تعليم لغة الإشارة حتى لا يعتاد عليها الطفل”.

النشاطات وتدريب الكوادر

يصل الأطفال إلى الروضة بعمر 4 سنوات، ويدربهم كادر الروضة المكون من أربع معلمات، على تمارين “النفخ” (بالون، شمعة، نفخ في الماء)، وتعتبر الشامي أن التمارين تحقق اللعب والتعليم في الوقت ذاته، ثم يتدرب الأطفال على كتابة الأحرف ولغة الإشارة “التي نسحبها بشكل تدريجي حتى إلغائها”.

ولم يقتصر عمل كادر الروضة على الحالات فيها، بل تجاوزها ليشمل تنظيم دورات تعليمية للتعامل مع الصم والبكم، إضافة إلى تعليم لغة الإشارة، لبعض الكوادر من الغوطة، وتوضح الشامي أن بعض الخبيرات من الأهالي أسسن مركزًا لرعاية هذه الفئة في عربين قبل حوالي عام، مشيرة “يعتمد كادره على أمهات الأطفال الصم اللواتي يملكن خبرة من تجاربهن، إلا أنه مازال ينقصهن الخبرة في هذا المجال”.

لا تسرُّب للأطفال من الروضة ولا مشاكل حقيقية بخصوص التعليم، كما تؤكد الشامي، إذ ينظم الكادر جلسات أسبوعية لتأهيل أهالي الأطفال داخل الروضة، “حتى يستطيعوا التعامل بشكل جيد مع أطفالهم في المنزل وخاصة في الإشارات، ما يسهل عملهم وعملنا في وقت واحد”، إضافة إلى دورة جديدة في مخارج الحروف وصفاتها ومشكلاتها وكيفية علاجها، تستمر على مدار شهرين.

مدة التعليم اليومي في الروضة ليست كافية لسد النقص لدى فئة الصم والبكم، وهي تستمر على مدار ثلاث ساعات من صباح كل يوم، إضافة إلى نشاطات بسيطة (رسم، تلوين، أشغال)، بينما لا تتوفر وسائل الترفيه بشكل كافٍ داخل الغوطة.

صعوبات تواجه فئة الصم

يُعاني عشرات الأطفال من صعوبات متفاوتة أبرزها توفر وسائل العلاج، وبينما تتلقى نسبة قليلة من أولئك الأطفال العلاج والجلسات الدورية في دمشق، تُحرم النسبة الأكبر من ذلك، وفق ما رصدت عنب بلدي من خلال استطلاع آرء لأهالي هؤلاء الأطفال.

ويخرج بعض الأطفال الذين يستطيع ذووهم تحمل تكاليف البقاء في دمشق، كل شهرين أو ثلاثة أشهر إلى العاصمة لمراقبة حالتهم وإجراء تخطيط السمع، وفق الشامي، وتقول “لا يوجد علاج أو تخطيط جيد في الغوطة على الإطلاق، إذ يذهب الطفل إلى الطبيب ويخطط له درجة سمعه شفهيًا، وحتى لو منحه تخطيطًا إلا أنه غير دقيق، فمعرفة درجة السمع أمر مهم جدًا للتعامل مع الحالة”.

“يمكن أن نشعر بأطفال يسمعون ويكونون عكس ذلك، ونضع بعضهم في صف الإشارة ويتبين بعد شهرين أنهم يسمعون أفضل من غيرهم”، تشير مديرة “البيان”، بينما يؤكد بعض الأهالي لعنب بلدي (رفضوا كشف أسمائهم) أن التسجيل للخروج إلى دمشق، مجاني من خلال بعض المنظمات وانتظار الطفل دوره، على أن يخرج مع ذويه بموجب تقرير طبي وبيان “غير محكوم”.

يصل سعر السماعة من خارج الغوطة إلى 150 ألف ليرة سورية (حوالي 270 دولارًا حاليًا)، وتؤكد الشامي أن بعض الآباء يبيعون الروضة سماعات كانت لأطفالهم الذين قتلوا خلال القصف، مردفةً “لا نستطيع تأمين السماعات إلا بهذه الطريقة، كما أن تكلفة صيانة أعطالها تصل إلى 25 ألفًا خارج الغوطة في حال استطعنا إخراجها”.

“ليس لدينا مواصلات حاليًا ولسنا قادرين على تأمينها، لنرفع العدد إلى 75 طفلًا، وهو الحد الأقصى الذي تتسع له الروضة”، تختم الشامي حديثها، وترى أن الروضة رغم الإمكانيات المحدودة، ستستمر لتأهيل الأطفال، وحتى يستطيعوا تقديم امتحانات شهادة التعليم الأساسي، فلا يمكنهم التعلم خارج الغوطة.

تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون

– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا

– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا

– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب

– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب

– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم

– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما

– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية

– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة

– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة

– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية

– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل

– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا

– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم

– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة

– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة

– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي

– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة

– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”

– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب

لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

مقالات متعلقة