خلال البحث عن واقع الطفل في سوريا اعترضتنا عدة قضايا وانتهاكات واتهامات، حملها فريق التحقيقات في عنب بلدي إلى “يونيسيف”، باعتبارها الوكالة الإنسانية والإنمائية الرئيسية العاملة في مجال حقوق الأطفال في العالم.
لا تتدخل “يونيسيف” في عمل كثير من المنظمات المحلية التي تعمل على رعاية الأطفال ولا تنسق معها، ما يترك الباب مفتوحًا أمام انتهاكات خاطئة بحق الأطفال أو عدم احترام خصوصيتهم.
المنظمة “تسلّط الضوء” على استغلال الأطفال
وحول إجراءات “يونيسيف” لتحميل هذه المنظمات مسؤولياتها بشكل فاعل أو مساءلتها وتقييمها، قالت مديرة الإعلام في مكتب “يونيسيف” الإقليمي في عمان، جولييت توما، إن المنظمة تعمل مع مجموعة ضخمة من المنظمات غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، وهذا إجراء اعتيادي في كل دول العالم، مشددةً على “إجراء صارم” للتعامل مع هذه المنظمات، بناءً على تاريخها، وماذا قدمت للأطفال وإمكانياتها المادية ومواردها البشرية، وعدم انتمائها لأي حزب سياسي.
لكنّ توما أوضحت أنه “ليس من مهام يونيسف أن تجري رقابة على المنظمات العاملة في سوريا، أو غيرها من البلدان، هذا ليس جزءًا من دستورنا”.
ولم تنفِ توما استغلال الأطفال ومعاناتهم لأغراض سياسية وعسكرية وحربية ودعائية، وعلى رأسها قتل الطفل وإصابته، مؤكدةً أن هذا مرفوض، وأن المنظمة تعمل على تسليط الضوء على استغلال الأطفال كجزء من دستورها، ولفت النظر ورفع الوعي حول الظاهرة، مستدلةً بتقارير دورية تصدرها المنظمة تحدّد الانتهاكات والخروقات، ثم تُرسل لجهات رسمية في الأمم المتحدة.
انتقادات تقابل بالرد: ليست مهمتنا
وجه ناشطون سوريون انتقادات واسعة لـ “يونيسف”، كونها تقف على الحياد في تقاريرها التي توثق الانتهاكات، ولا تحمّل الجهة المنفذة للجرم المسؤولية، وتحاول الضغط عليها لإيقافه. لكنّ مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لـ “يونيسف” أكّدت أن المنظمة ليس من مهامها توجيه إصبع الاتهام لأي طرف من أطراف النزاع، ليس فقط في سوريا، بل في كل أنحاء العالم، وليست مخولةً بذلك.
وأوضحت أنه من منطلق الحيادية، ولأننا لسنا فقط منظمة حقوق طفل وحقوق إنسان، ولكن منظمة فاعلة على الأرض إغاثيًا ونقدم مساعدات ومعونات عينية للأطفال والعائلات، فهناك خط رفيع لأن تكون المنظمة مخولة لرصد الانتهاكات بحقوق الطفل، وهاجسًا بين القدر الذي يستطيع موظفوها “رفع الصوت” وبين الحفاظ على وصول المساعدات الإنسانية للأطفال.
ويدعم موقف “يونيسف” مشاريعها والاستجابة لها، والتي قالت عنها توما إنها “ضخمة في مناطق النزاع”، مجيّرةً توجيه الاتهامات إلى منظمات ثانية في منظومة الأمم المتحدة، دورها الأساسي إجراء تحقيقات ومساءلة.
وخلال استطلاع عنب بلدي حول وصول اللقاحات إلى أطفال سوريا، وهو واحدٍ من أهم المشاريع التي تعتبر “يونيسف” مسؤولة عنها، وجدت أن بعض الأطفال لم تصلهم اللقاحات الروتينية، رغم الحملات المتكررة للمنظمة في سوريا.
وردّت توما على هذا التساؤل بالقول “في سوريا واجهنا تحديًا كبيرًا جدًا بإيصال اللقاحات، وكان الدليل بعودة طفور مرض شلل الأطفال أواخر عام 2013، بسبب عدم وصول اللقاحات، وبسبب تلوث المياه والظروف المعيشية الصعبة”.
أطفال دون لقاحات
“عدم حصول الأطفال على اللقاحات الروتينية، هو واحد من التحديات الضخمة التي تواجه يونيسف، ولكن هناك تقدمًا نوعًا ما، بعد تجنيد كل الجهود داخل سوريا، وفي دول الجوار”، قالت توما، موضحةً “أطلقنا حملة تلقيح أطفال متكررة، وهي الأكبر بتاريخ الشرق الأوسط، إذ حصل 25 مليون طفل على اللقاحات بشكل متكرر… وفي سوريا، ركزنا على الأطفال، فبدل أن يحصلوا على ثلاث جولات حصلوا على ست جولات”.
وأكّدت مديرة الإعلام في مكتب عمّان أن المنظمة لم تتمكن من الوصول إلى كل طفلٍ وتلقيحه، مشيرةً إلى أن “أطفالًا لم يحصلوا على اللقاح في حياتهم أبدًا”.
واعتبرت أنه “طالما يوجد أطفال لا يحصلون على اللقاح بشكل دوري، فإن مخاطر تفشي أمراضٍ مثل شلل الأطفال والحصبة موجودة، وهذا أمر غير مقبول أبدًا، بعدما كانت نسبة الحصول على لقاحات الأطفال في سوريا أكثر من 90% قبل 2011 (كل طفل كان يأخذ اللقاحات الروتينية تقريبًا)”.
من يتحمل المسؤولية؟
وأضافت توما حول الجهة التي تتحمل المسؤولية عن عدم وصول اللقاحات “بالنسبة لنا إيصال اللقاحات هو على رأس سلم أولوياتنا، لكن في سوريا عندنا مشكلة في الوصول إلى كافة الأطفال، ليس هناك وصول اعتيادي ومنتظم لكل الأطفال المحتاجين، ودائمًا هناك عمل ومفاوضات ومناشدات لأطراف النزاع”.
وختمت حديثها بالقول “هناك فسحة أمل، يجب أن نستغلها لنستطيع الوصول إلى الأطفال المحرومين، وهي بحاجة لتبقى دائمًا مفتوحةً، لأن الأوبئة والأمراض لا تعرف أحزابًا سياسية ولا انتماءات ولا حدودًا ولا خطوط نار، ولا حواجز عسكرية، الأوبئة تتفشى، ومن المهم أن نصل”.
تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا
– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون
– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا
– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا
– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب
– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب
– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم
– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما
– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية
– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة
– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة
– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية
– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل
– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا
– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم
– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة
– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة
– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي
– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة
– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”
– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب
لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :