دمشق – تركيا.. أتاوات مالية وابتزاز الحواجز

بولمان تابع لشركة الأهلية في احة العاصي في حماة 2013 (شركة الأهلية فيس بوك)

camera iconبولمان تابع لشركة الأهلية في احة العاصي في حماة 2013 (شركة الأهلية فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

بالرغم من مخاطر الطريق وارتفاع تكلفة الوصول من دمشق إلى معبر باب الهوى الحدودي في ريف إدلب شمال سوريا، إلا أن الكثير من السوريين الراغبين بالوصول إلى تركيا بشكل نظامي أو عن طريق التهريب يضطرون إلى سلكه، خاصة بعدما فرضت السلطات التركية تأشيرة دخول على السوريين عبر الخطوط الجوية، في 8 كانون الثاني الماضي.

أسباب كثيرة تدفع السوريين إلى سلك الطريق، منها الهروب من خدمة الاحتياط التي لاحق بها النظام السوري الشباب لزجهم في جبهات القتال، إضافة إلى معاملات لم الشمل التي يقوم بها اللاجئون الموجودون في تركيا لعائلاتهم، بعدما سمحت لهم الحكومة التركية باستقدامهم عن طريق الحدود البرية فقط.

مزاج الحاجز يحدد السعر

الطريق المتعارف عليه بين السوريين للوصول إلى تركيا، لمن ليس لديه مشاكل أمنية ويتمكن من المرور على الحواجز الأمنية، يبدأ من كراج البولمان في منطقة العباسيين في دمشق، مرورًا بأوتوستراد حرستا والقطيفة في ريف دمشق، ومن ثم حمص إلى السلمية في ريف حماة الشرقي، وصولًا إلى منطقة الكراج في مدينة حماة الخاضعة لسيطرة النظام.

وتبلغ كلفة الطريق من دمشق إلى حماة، بحسب خالد سليم، الذي وصل الأسبوع الماضي إلى إدلب، ألفي ليرة سورية، لكن التكلفة تزداد عند الانتقال إلى مناطق المعارضة في قلعة المضيق في ريف حماة الغربي، إذ تصل التكلفة إلى 7500 ليرة سورية.

هذا المبلغ يدفعه المواطن، بحسب المتعارف عليه، إلى سائق السرفيس الذي يقوم بدوره بدفع “الأتاوات” إلى حواجز النظام المنتشرة على طول الطريق من مركز المدينة إلى قلعة المضيق ويبلغ عددها تقريبًا حوالي 40 حاجزًا.

لكن المبلغ قد يزداد بحسب مزاج العساكر الموجودين على الحاجز، حسبما قاله سليم، الذي أكد أن كثيرًا من الأحيان يطلب العسكري من كل راكب دفع مبلغ 1000 ليرة، غير أجرة الركوب، من أجل السماح لهم بالمرور، وقد يصل المبلغ أحيانًا إلى خمسة آلاف ليرة إذا ما أراد العسكري أن يبتز أحدهم.

أما عدد الحقائب التي يحملها الشخص فيلعب دورًا بزيادة التكلفة، فكلما كان العدد كبيرًا وجب عليه أن يدفع عن كل حقيبة مبلغ 1000 ليرة، كما يجب على الموظف في بداية كل شهر أن يدفع “حلوان القبض” وقد يصل المبلغ أحيانًا إلى ألف ليرة.

سعر خاص للمطلوب

الأشخاص المطلوبون للأفرع الأمنية لهم أسعار خاصة، إذا ما أرادوا المرور عبر الحواجز دون التعرض لهم برفقة أحد المتعاونين مع النظام.

الملفت أن هؤلاء المتعاونين يشترطون أن يكون الشخص المطلوب هو امرأة فقط، حسبما قاله عبد الرحمن حمزة (المقيم في تركيا)، الذي أكد أنه دفع 100 ألف ليرة سورية لرجل متعاون، رفض الكشف عن اسمه، مع حواجز النظام من أجل إحضار خطيبته بعدما حصل على موافقة لم الشمل من الجانب التركي.

حمزة أكد أن نفس الرجل تم التواصل معه قبل أسبوعين لنقل إحدى العائلات من دمشق إلى حماة، لكن المفاجأة كانت عندما طلب ضعف المبلغ 200 ألف ليرة، بحجة ارتفاع الأتاوة التي يدفعها لحواجز النظام.

أما بالنسبة للشباب الذين لديهم مشاكل أمنية، أو الفارين من خدمة الاحتياط، ويرغبون بالوصول إلى تركيا، فيجب عليهم التعامل مع عناصر أمنية تابعة للنظام إذا ما أرادوا الوصول من دمشق إلى المناطق المحررة في ريف حماة.

العناصر الأمنية يمكن أن يكونوا ضباطًا تابعين للنظام، يستطيعون المرور على الحواجز بهويات أمنية دون التعرض للمساءلة، أو عن طريق أعضاء في مجلس الشعب، حسبما قال حمزة، الذي أكد أن أحد الأشخاص عرض عليه إحضار خطيبته من دمشق إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بسيارة خاصة تابعة لأحد أعضاء المجلس، دون ذكر اسمه، مقابل 450 دولارًا أي نحو 230 ألف ليرة سورية.

عنب بلدي كانت ذكرت في تقرير لها، حزيران الماضي، أن عناصر تابعين للشيخ أحمد درويش، عضو مجلس الشعب، في منطقة أبو دالي في ريف حماة الشمالي الشرقي، مسؤولون عن نقل المواطنين من مناطق سيطرة النظام وإيصالهم إلى مناطق المعارضة شمال سوريا دون تعرضهم للمساءلة من أي جهة أمنية.

وبحسب شهادات من سكان المنطقة، يمكن لعناصر أحمد درويش المرور على كافة حواجز النظام، بعد أن يحصلوا على مبالغ كبيرة من الراغب بالخروج.

الطريق سهل في مناطق المعارضة

بعد الوصول إلى مناطق المعارضة في إدلب تصبح الأمور سهلة نوعًا ما، فإذا كان الشخص يريد الدخول إلى تركيا بشكل نظامي عن طريق “لم الشمل” ليس عليه سوى أن يستقل باصًا إلى معبر باب الهوى بكلفة ستة آلاف ليرة سورية، أما إذا كان يريد الدخول إلى الأراضي التركية عن طريق التهريب فتبدأ عملية البحث عن مهرب وطريق آمن وقد تصل كلفة الطريق أحيانًا إلى 350 دولارًا.

معاناة جديدة تضاف إلى حياة السوريين الراغبين بالبحث عن مكان آمن يعيشون فيه بعيدًا عن الدمار والقصف اليومي، لكن يجب عليهم تحمل مخاطر الطريق ومضايقات الحواجز الأمنية ودفع مبالغ مالية كبيرة للوصول إلى بر الآمان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة