“أرض الغوطة السعيدة”.. مدينة ألعاب تحت الأرض

الأرض السعيدة في أقبية الغوطة الشرقية - 28 أيلول (عنب بلدي)

camera iconالأرض السعيدة في أقبية الغوطة الشرقية - 28 أيلول (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ريف دمشق

ألعاب ورسومات فنية وثلاث صالات تربطهم أنفاق، يتراكض داخلها عشرات الأطفال من لعبة إلى أخرى، مشهدٌ ربما لا يكون غريبًا عندما تراه في مدن الألعاب بدمشق، وداخل مدينة “الأرض السعيدة” على وجه الخصوص، إلا أنه يبدو حالة فريدةً من نوعها، عندما يتجسد في مشروعٍ يحمل الاسم ذاته، داخل أقبية تحت أرض الغوطة الشرقية المحاصرة.

شهدت مدن وبلدات الغوطة الشرقية نشاطات ترفيهية ونوادي لألعاب الأطفال على مدار السنوات الماضية، إلا أن مشروع “الأرض السعيدة”، الذي افتتحته منظمة “البشائر” الإنسانية، الأربعاء 28 أيلول، في مدينة دوما يعتبر الأضخم والأول من نوعه في المنطقة، إذ يضم أكثر من 45 لعبة، 20 منها كهربائية تناسب جميع الأعمار، و25 أخرى يدوية، يستفيد منها حوالي 1500 طفل على مدار اليوم، وفق منظمي المشروع.

وبينما تمتد مدينة “الأرض السعيدة” على طريق مطار دمشق الدولي، في مساحة أكثر من 150 ألف متر مربع، يرى أهالي الغوطة الشرقية أن أقبيةً وأنفاقًا بمساحة تقريبية تُقدّر بـ 1200 مترٍ مربع، تمتد عليها مدينة تحمل ذات الاسم، وتضم ألعابًا كهربائية ويدوية من كافة الأحجام، ومتجرًا صغيرًا لبيع الألعاب، من أجمل المناطق الترفيهية التي تشغل حيزًا في أرضهم، بعيدًا عن الحرب.

عندما تنقل نظرك داخل صالات الألعاب المضيئة “تظن نفسك في دبي”، يقول بعض رواد مشروع “الأرض السعيدة” في الغوطة، والذي يضم قسمًا للذكور وآخر للإناث، ويديره 80 شخصًا من الجنسين، وفق محمد علي، مدير منظمة “البشائر” الإنسانية التي ترعى المشروع.

“الأرض السعيدة مدينة واسعة بنيت لتعوّض أطفال الغوطة عما عاشوه، خلال أيام العيد بسبب القصف”، كما يصفها مدير المنظمة، وبدأت فكرة المشروع من خلال البحث عن مكان مناسب له قبل عام ونصف، ثم جهّزت الأقبية في ثمانية أشهر.

بالمقارنة مع الوضع في الغوطة الشرقية، تعتبر الكلفة التشغيلية للمشروع عالية، لذلك فرض القائمون على من يدخل “أرض الغوطة السعيدة”، مبلغًا رمزيًا قدره 50 ليرة سورية، بينما تتراوح أجور الألعاب بين 25 و 50 ليرة، حسب اللعبة، ويراها أهالي الغوطة مبالغ “لا تذكر” مقارنة بأسعار مدينة “الأرض السعيدة” في دمشق، والتي قدر القائمون عليها كلفتها حين افتتاحها عام 1998 بـ 30 مليون دولارًا.

يجتاز الأطفال الصالات عبر الأنفاق، ويرون أنها مكان مختلف “لا يشبه الغوطة المظلمة”، ويقول علي إن الأهالي طالبوا بإنشاء مشروع مشابه في مكان آخر داخل الغوطة، بعد مشاهدتهم الألعاب اليدوية المصنعة محليًا، والألعاب الكهربائية التي جُمِعت من مقتنيات مصنّعة خارجها، وفق تعبيره.

منظمة “البشائر” التي تأسست مع انطلاق الثورة تحت مسمى “مجلس ريف دمشق الإغاثي”، وتطورت لتوسع نشاطاتها خلال السنوات الخمس الماضية، وضعت على عاتقها من خلال المشروع، “توفير فرص عمل لأكبر عدد من العائلات المتعففة في الغوطة”، وفق علي. ويرى أحمد الساعور، أحد أهالي الغوطة، أن المشروع “عملٌ رائع ضمن منطقة محاصرة، رسم الابتسامة على وجه الآباء قبل الأطفال”، كما أنه “نقلة جيدة من المشاريع الروتينية التي تعرفها الغوطة إلى التنموية ذات القيمة الأكبر”.

“أطمئن على أطفالي هنا”، يقول الثلاثيني سعيد فليطاني، من أهالي مدينة دوما، ويوافقه المهندس نزار الصمادي، رئيس مجلس “نقابة المهندسين الأحرار” في ريف دمشق، الذي وصف المشروع بأنه “عمل فني وجهد كبير ودلالة على أن عوائل الغوطة مستمرون في ثنائية الموت والحياة”.

ربما تختلف نماذج الألعاب التي تضمها أقبية مدينة دوما، عن 27 لعبة داخل “الأرض السعيدة” في دمشق، والتي يرتادها السوريون حتى اليوم، وبينما تعتبر تلك التي تشغل حيّزًا في ضواحي العاصمة مقصدًا للآلاف، يرى أطفال الغوطة “أرضهم السعيدة” أجمل بقاع الأرض.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة