
منازل مرممة في مخيم اليرموك 10 شباط 2025 (عنب بلدي/بيسان خلف)
منازل مرممة في مخيم اليرموك 10 شباط 2025 (عنب بلدي/بيسان خلف)
عنب بلدي – بيسان خلف
اضطرت خديجة المقيمة في منطقة جديدة عرطوز للعمل في تنظيف المنازل بأجر يومي، بعد وفاة زوجها، لدفع إيجار المنزل، أما ابنتها فتعمل في مجال التسويق الإلكتروني.
“عملتُ مع ابنتي ذات الـ20 عامًا لمدة ثلاث سنوات، من أجل تأمين تكاليف ترميم غرفة واحدة في منزلي بمعضمية الشام”، قالت خديجة التي هُجرت وعائلتها المكونة من أربعة أفراد من منطقة معضمية الشام بعد أن حاصر نظام الأسد المنطقة لسنوات عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وأضافت خديجة، “على مدار ثلاث سنوات، كنت أشتري كميات بسيطة من مواد البناء، وفي آذار الماضي، انتهيت من ترميم غرفة واحدة تؤويني أنا وابنتي وابني الصغير”.
وتعرضت معضمية الشام غربي العاصمة دمشق لدمار وحصار مطبق من قبل نظام الأسد الذي مارس سياسة التدمير والحصار والتجويع في مختلف المناطق التي ثارت ضد الظلم وطالبت بالحرية.
عاد مأمون الشعراوي إلى حي جوبر الدمشقي الذي تعرض للتدمير الممنهج، الأمر الذي أدى إلى تغيير جغرافية المنطقة، إذ سويت معظم الأبنية بالأرض، جراء القصف.
مأمون العائد من الأردن، يروي لعنب بلدي رحلته في محاولة التعرف على منزله والبدء بترميمه، بعد أن أرهقته تكاليف المعيشة المرتفعة في عمان.
عمل مأمون في مصنع خياطة للألبسة الجاهزة بالعاصمة الأردنية عمان، وكان يتقاضى راتبًا “بسيطًا”، حسب وصفه، لا يستطيع إعالة عائلته المكونة من أربعة أشخاص.
“استغرق الأمر يومًا كاملًا مع الاستعانة بذاكرتي، حتى تعرفت على أنقاض منزلي، واكتشفت أنه يحتاج إلى إعادة بناء وليس للترميم”، قال مأمون.
وفي حي جوبر أيضًا، تتواصل جهود الأهالي الشخصية في إزالة الأنقاض من الشوارع الفرعية لتسهيل مرور السيارات، وفتح مجال للعائدين من بلاد اللجوء للتعرف على منازلهم.
ومن أجل إعادة بناء منزله، قرر مأمون بيع محله التجاري في منطقة عربين على وضعه المدمر، إذ يحتاج منزله إلى ما يقارب 15 ألف دولار، نظرًا لارتفاع تكاليف مواد البناء في سوريا.
“ها نحن ندفع ثمن دموية الأسد، وانتقامه من الشعب”، قال سعيد الوكيل، لعنب بلدي، الذي عاد من لبنان ليجد منزله ومحله التجاري في منطقة القابون بالعاصمة دمشق، وقد تعرضا للدمار.
وأضاف، “كلفني ترميم منزلي ومحلي التجاري في منطقة القابون 10 آلاف دولار حتى الآن”.
لم يزر سعيد سوريا منذ عام 2014، عندما اضطر لمغادرة البلاد، إثر تعرضه للاعتقال في فرع “الخطيب”، على خلفية نشاطه الثوري آنذاك.
قال قصي عبد الباري، ناشط صحفي من حي القابون، في حديث سابق لعنب بلدي، إن هناك من 550 إلى 700 عائلة من حي القابون، لا تستطيع العودة من مكان نزوحها في إدلب بسبب دمار منازلها بشكل كامل، عدا عن أهالي الحي الذين لجؤوا إلى دول الجوار السوري، كتركيا ولبنان والأردن.
وذكر قصي أن 80% من الأبنية في حي القابون مدمرة بالكامل.
تعرضت المناطق المحيطة بدمشق من ضواحٍ وقرى ومدن لتدمير ممنهج وقصف بالبراميل المتفجرة والطائرات، وتحولت آلاف المنازل إلى ركام، كما هو الحال في مدينة داريا، وقرى الغوطة الشرقية، ومخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين، والحجر الأسود.
جراء سنوات الحرب، يعاني الكثير من السوريين من فقدان منازلهم وممتلكاتهم، لذلك فهم ينظرون إلى إعادة الإعمار من منظور فردي، حيث تصبح الحاجة إلى السكن أولوية قصوى بالنسبة لهم.
كما أن معظم المواطنين لا يدركون أن إعادة الإعمار هي عملية اقتصادية تشمل البنية التحتية، والقطاعات الإنتاجية، والخدمات العامة، وليس فقط إعادة بناء المنازل، لذلك غالبًا ما يكون هناك تصور مغلوط لدى كثير من السوريين بأن أموال إعادة الإعمار ستركز على ترميم منازلهم المتضررة.
ولن تستطيع المنظمات الدولية والحكومة في المرحلة المقبلة مساعدة من تضررت منازلهم بسبب القصف والحرب خلال 14 عامًا الماضية، لأن الأولوية هي لقطاعات البنى التحتية المتهالكة بشدة.
حول ملف إعادة الإعمار، قالت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في حكومة دمشق المؤقتة، إنها وضعت خططًا لإحصاء حجم الدمار في سوريا، تمهيدًا للبدء بعملية إعادة إعمار المنازل المهدمة بسبب قصف النظام السوري السابق وحلفائه.
وقال وزير الإدارة المحلية والبيئة السابق، محمد مسلم، في 2 من كانون الثاني الماضي، إنه جرى تسجيل حجم دمار هائل في جميع المحافظات السورية، سواء في المدن أو القرى والأرياف، من خلال المسح الجوي الأولي لعدد من المناطق المدمرة.
وأضاف مسلم لوكالة الأنباء السورية (سانا)، “ما زلنا في مرحلة الإحصاء لجميع القطاعات التي تحتاج لإعادة إعمار، علمًا أن النظام السابق لم يقم بأي عملية إحصاء دقيقة للمحافظات سابقًا”.
وأوضح أن الوزارة ستعتمد فرقًا متخصصة محترفة بعمليات الإحصاء، وستضمها إلى ورشات عمل تطبيقية لتباشر الإحصاء الدقيق في المحافظات كافة لمختلف المرافق المتضررة التي تحتاج إلى إعادة إعمار.
وأكدت وزارة الإدارة المحلية عزمها تأسيس قاعدة بيانات واضحة عن حجم الدمار، ووضع خطط وأهداف تتناسب معها للمرحلة المقبلة، بغية توفير عودة آمنة للمهجرين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى