
الأمن العام في سوريا بين الحاجة للتدريب والضرورة الأمنية (تعديل عنب بلدي)
الأمن العام في سوريا بين الحاجة للتدريب والضرورة الأمنية (تعديل عنب بلدي)
برز مطلب فرض الأمن، كأحد العناوين الرئيسية لحديث الشارع السوري، خلال الأشهر الأربعة الماضية، عقب الفراغ الذي خلفه سقوط نظام الأسد وخروج المحكومين بقضايا السرقة والاتجار بالمخدرات والقتل من السجون، في أثناء عمليات التحرير.
كما أن السلاح المنفلت، والذي أدى إلى حدوث انتهاكات أوضحها في الساحل السوري، دعّم هذا المطلب، وفق باحثين ومتخصصين قابلتهم عنب بلدي.
وتبرز “إدارة الأمن العام” كجهاز منظِّم وضابط لعملية الأمن الأمان، وكان له دور في وأد “مشروع انقلاب تم التحضير له على يد مجموعة من ضباط النظام الساقط، وأصبح من الماضي”، وفق ما قال وزير الداخلية السوري، أنس خطاب في 16 من نيسان الحالي.
في ضوء هذه الأمور تطرح عنب بلدي، أسئلة تتعلق بالكفاءة التدريبية لعناصر الأمن العام والبرامج التي تتبعها وزارة الداخلية، خصوصًا مع انتقادات لقلة خبرة بعض العناصر في تعاملهم مع القضايا الملحة.
ومع انفتاح سوريا بشكل كامل، فتحت وزارة الداخلية باب الانتساب لجهاز الأمن العام للشبان من عمر 20 إلى 30 عامًا.
ومن الشروط التي فرضتها الوزارة لقبول المنتسبين: أن يكون المتقدم غير محكوم بأي جناية أو جرم شائن، وأن يكون حاصلًا على الشهادة الإعدادية أو ما يعادلها على الأقل، أن يكون المتقدم بصحة جيدة وبنية سليمة ولائقًا بدنيًا، وألا يقل طوله عن 168 سنتمترًا.
وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، قال إن الوزارة أرسلت عدة بعثات تخصصية إلى عدد من الدول، للاطلاع على آخر ما وصلت إليه العلوم الشرطية والأمنية، كما استقبلت الوزارة عدة وفود، تم خلالها بحث تطوير العمل الأمني والشرطي، والدورات اللازمة لذلك.
تحدثت عنب بلدي إلى أحد الخريجين الجدد من دورات التدريب لصالح جهاز الأمن العام، الذي قال إن البرنامج التدريبي الذي يخضع له المتقدمون شديد وصارم، وإن كان قصير المدة.
الخريج قال إنه خضع لدورة تدريبية مدتها 15 يومًا، وتخرج في 5 من شباط الماضي، وشملت برامج تدريب شاملة على المستوى النفسي والبدني.
وبعدها فرُز إلى أحد الحواجز على أطراف دمشق، ليباشر عمله، مشيرًا إلى وجود بعض العناصر ممن يتصرفون بعقلية متعجرفة تجاه المواطنين، إلا أن قادة النقاط الأمنية يتصرفون بحزم إزاء هذه التصرفات.
وعن المهام الموكلة إليهم، قال العنصر الخريج إن “أهم ما في عملنا هو بسط الأمن والأمان والقبض على المجرمين، والقيام بحملات أمنية للقبض على فلول النظام البائد”.
ولم يفصح الخريج بشكل كاف عن طبيعة التدريبات الي يخضع العناصر لها، لكنه قال إنهم خضعوا لتدريبات أولية تتيح عمليات ضبط الأمن في الوقت الحالي، لكنهم سيعودون ويخضعون لدورات مكثفة وبمدة أطول، بحسب ما يتطلبه الوضع على الأرض.
الباحث في الشؤون الأمنية نور الدين البابا، قال إن سوريا تحتاج إلى منظومة أمنية قوية، وتسهم في خدمة المجتمع، وحماية الدولة الوليدة، هذه المنظومة ليست فقط جهازًا أمنيًا، بل هي خطة شاملة منها قسم اقتصادي، وآخر خدمي، وغيرهما تعليمي، وثقافي، ويبقى العصب لهذه المنظومة هو القوى الأمنية والشرطية المدربة، لتستطيع التغلب على واقع التحديات الأمنية الصعب.
وخلال حديث لعنب بلدي، قال البابا إن “جهاز الأمن العام منظومة أمن ابتدائية، خلقها الظرف الواقع، ورغم صعوبة وقائع الولادة، وضعف الإمكانات، حقق نجاحات كبيرة في عديد المسارات الأمنية، وأيضًا سجل بعض الأخطاء، جزء منها متقبل حسب سياق الواقع”.
ولتقليل مساحة الأخطاء، وزيادة رقعة الإنتاجية، والانضباط، ألحق الجهاز بوزارة الداخلية، بحسب الباحث الأمني، وصار يعد إدارة ضمنها، بما يضمن تقليل عدد الأجهزة الأمنية، وزيادة الرقابة عليها، وشرعنة وجودها مجتمعيًا، وارتباطها بالدولة، وتهيئة المنتسبين بشكل أكاديمي ومهني.
وعن البرامج التدريبية اعتبر البابا، أن هذه البرامج يحكمها الاحتياج المحلي، والارتباط الإقليمي والخارجي، ولحسن الحظ فإن أخلاقيات الشعب السوري عالية، ما يعني أن الجريمة فيه ضعيفة كمًا ونوعًا مقارنة بتجارب أخرى، غير أن هذا يجب أن يكون دافعًا لرفع السوية عند الأجهزة الأمنية، وليس العكس، وفقًا لما قال الباحث.
ويرى نور الدين البابا أن الوضع الأمني في سوريا نتيجة ما مرت به “مقبول جدًا”، والأجهزة والإدارات الأمنية تسجل نجاحات واضحة رغم عظم التحديات وفقر الإمكانات.
ومع ذلك هناك تقصير لا يمكن تجاوزه، وأخطاء لا يمكن تمريرها، لكن المراقب المنصف يرى أن هناك حالة من المراجعات، والتحديثات المستمرة، والمتراكمة في عمل الأجهزة الأمنية، بحسب ما قال لعنب بلدي.
في دراسة بعنوان “استراتيجيات الأمن في سوريا بعد الأسد”، قدم المتخصص في الشؤون العسكرية والباحث المساعد في مركز حرمون للدراسات، نوار شعبان، رؤيته بشأن استباب الوضع الأمني في سوريا.
ويرى شعبان، أن من بين التهديدات التي تقف بوجه استباب الأمن، حدوث انتهاكات متفاوتة، خلال القيام بعمليات الأمنية، ما أثر سلبًا على مستوى الثقة بين السكان وقوات الأمن.
لذلك، بحسب شعبان، يجب معالجة هذه الانتهاكات بشكل صارم لضمان التزام القوات بالمعايير الحقوقية وتعزيز الثقة مع المجتمع.
وقدم الباحث السوري عدة توصيات بشأن تدريب وتجهيز قوات الأمن العام للتعامل مع المجتمعات أبرزها:
وفي 5 من شباط الماضي، تخرجت الدفعة “رقم 24” من رجال الشرطة، حيث يتم تخريج دفعة جديدة كل 10 أيام لتعداد الخرجين وصل ما بين 400 و700 عنصر.
كما جرى تدريب قرابة 17 ألف عنصر، يتوزعون ما بين عناصر جهاز الشرطة وجهاز الأمن العام، حتى تاريخ الإعلان.
وبحسب القائمين على كلية الشرطة في منطقة القابون بدمشق، في تصريحات لقناة “الجزيرة” فإن الخريجين الجدد تلقوا تدريبات أولية تتيح لهم القيام بمهام ضبط الأمن ولكن سيعودون ويخضعون لدورات أخرى مكثفة بحسب مقتضيات العمل الميداني.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى