أزمة تراكم النفايات تتفاقم في أحياء بدمشق

تراكم النفايات في منطقة المزة 86 مدرسة - 25 آذار 2025 (عنب بلدي / زينب ضوا)

camera iconتراكم النفايات في منطقة المزة 86 مدرسة - 25 آذار 2025 (عنب بلدي/زينب ضوا)

tag icon ع ع ع

“المنظر الأقرب للعين هو القمامة التي تطفو فوق الحاويات بجوار المباني السكنية”، بهذه العبارة يشتكي علي سعيد، من تراكم القمامة في منطقة “المزة 86 مدرسة” بدمشق لعنب بلدي.

تشهد مناطق في محافظة دمشق ظاهرة القمامة المنتشرة في الشوارع، وسط كثافة عدد السكان، خصوصًا في الأحياء العشوائية مثل “المزة 86” وحي الورود وعش الورور وغيرها، إذ أصبحت القمامة قضية ترهق الحياة اليومية للسكان، ولم تعد مشكلة بيئية فقط.

ومع اقتراب فصل الربيع وارتفاع درجات الحرارة وانتشار القمامة التي تجلب الذباب والحشرات، يصبح المكان ملائمًا لانتشار الأمراض والرائحة الكريهة.

قمامة متراكمة

عنب بلدي رصدت حال القمامة في منطقة “المزة 86 مدرسة”، إذ كانت أكياس النفايات منتشرة على الأرض عند فرن “السعادة” وموقف “الزين”، وخلف “معهد اللغات”، أي في أماكن وجود الحاويات المملوءة أيضًا بالقمامة.

وبحسب ما يتداوله الأهالي في تلك المنطقة، فإن سيارات القمامة منذ عدة أيام لم تأتِ لإزالة أكياس القمامة المنتشرة على الأرض وإفراغ الحاويات.

أما في نهر عيشة، فقال خالد محسن، إنه وبسبب تراكم النفايات والرائحة الكريهة، “نضطر إلى إزالتها بأنفسنا”، حيث الأهالي في تلك المنطقة يأخذون القمامة إلى أماكن فارغة ويحرقونها.

وأضاف أن الغازات المنبعثة من حرق النفايات تكون مؤذية على الصحة العامة، لكن كثرة عدد قاطني المنطقة يجبر بعض الأهالي على حرقها للتخلص منها في الوقت الذي تشتكي فيه المنطقة من قلة عدد عمال النظافة أيضًا.

نقص في الحاويات

تعتبر مشكلة نقص الحاويات ضمن الأحياء من أبرز أسباب تراكم النفايات، إذ يضطر السكان إلى وضع أكياس القمامة في الشوارع وأمام الأبنية السكنية.

حورية حمدان سيدة خمسينيّة تقطن في منطقة “المزة 86 مدرسة” قالت لعنب بلدي، إن حاويات القمامة لم تعد تكفي، فكل مكان تحول إلى مكب للنفايات، وهذه النفايات ستؤدي إلى انتشار الجرذان والحشرات والذباب الذي يحمل الأمراض.

وأوضحت أن الناس أيضًا في الأحياء العشوائية يتبعون سلوكيات خاطئة “تزيد الطين بلة”، منها تنظيف الطرقات بالماء الذي يتجمع عند مكب القمامة، حيث يصبح المكان مليئًا بالطين والنفايات الكريهة.

ويشتكي وليد عثمان صاحب محل تجاري في منطقة عش الورور، من وجود مكب نفايات أمام محله، واصفًا هذا الأمر بـ”غير المعقول”، وأنه إذا لم يأخذ المسؤولون موضوع القمامة بعين الاعتبار، سيسبب ذلك أمراضًا مع اقتراب فصل الربيع والصيف.

مديرية النظافة ترد

قال مشرف مديريات الحدائق والنظافة ومعالجة النفايات الصلبة في مديرية النظافة بدمشق، صبري عباس، لعنب بلدي، إن حاويات القمامة يتم ترحيلها من كافة أحياء وشوارع مدينة دمشق على مدار اليوم، لكن هناك مشكلات عديدة تتعلق بواقع الآليات.

وكشف أن الآليات الموجودة ضمن أسطول النظافة متهالكة، وانتهى عمرها الافتراضي بسبب الإهمال الكبير خلال حكم النظام السابق في عمليات الصيانة اللازمة لها، إضافة إلى إهمال تحديث الأسطول من خلال رفده بآليات حديثة.

وأوضح أن المحافظة تعمل وفق استراتيجية تهدف إلى رفع جاهزية الآليات وتجديدها وصيانتها بما يتناسب مع واقع المدينة وخاصة الأحياء القديمة والضيقة.

وشدد على أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال ترك النفايات في الشوارع لمدة طويلة، وسيتم تدارك الأمر سريعًا، وإرسال آليات بديلة عن الآليات التي تعطلت.

وتطرق عباس إلى أسباب أخرى لمشكلة تراكم القمامة، تتمثل بعدم وجود حملات توعية وإشراك للمجتمع في نظافة المدينة بعهد النظام السابق، وعدم انتظام أوقات رمي القمامة من قبل بعض المواطنين.

رمي المخلفات في محيط الحاويات ورمي الأنقاض وبقايا الأشجار أيضًا بالقرب من الحاويات يعمق المشكلة أيضًا، الأمر الذي يظهر المنطقة بالمظهر غير اللائق ريثما يتم ترحيلها، بحسب عباس.

ومن التحديات التي تواجه مديرية النظافة النقص في الكادر البشري، إذ كان عدد العمال في بداية الثورة عام 2011 يتجاوز 5200 عامل، وحاليًا أصبح العدد أقل من 2400 عامل، الأمر الذي أثر سلبًا على سوية النظافة خلال الفترات السابقة.

حلول مقترحة

أشار عباس إلى أن العمل يتم على سد هذه الفجوات ومعالجتها، من خلال دراسة تعيين كادر بشري من الفئة الشابة لرفع السوية العامة للنظافة في المدينة.

وقال إنه يتم حاليًا البدء بتنفيذ أعمال مشروع الحاويات الذكية التي تتضمن وضع الحاويات تحت الأرض بأسلوب الدفن العميق، لإظهار المناطق بالمظاهر اللائق والتخفيف من الآثار السلبية الضارة على المواطنين.

وتعمل مديرية نظافة دمشق على تأمين حاويات إضافية وتوزيعها في كافة الشوارع التي تحتاج إلى وجود مستودعات قمامة، والعمل على رفع جاهزية الآليات وتحديث الأسطول ورفده بآليات حديثة.

وأضاف عباس أنه يتم التعامل مع الحاويات في المناطق السكنية، خاصة مناطق السكن العشوائي من خلال تفريغها على مدار اليوم، ويتم توزيع الحاويات ضمن المناطق وفق ما يراه أعضاء لجان الأحياء والمخاتير بالاتفاق مع الأهالي درءًا لحدوث أي مشكلات بين الأهالي مستقبلًا.

وأكد عباس أنه يتم العمل على دراسة احتياجات مديرية النظافة من الآليات، بالإضافة إلى العمل على رفع جاهزية الآليات الموجودة، لتخديم المدينة بالشكل الجيد وفق الحاجة الفعلية لكل منطقة، وفي حال وجود أي تراكم ضمن مناطق السكن العشوائي يتم الاستعانة بالآليات الهندسية (تركسات وبوب كات وقلابات) من أجل تدارك هذا التراكم ومعالجته بالسرعة الممكنة.

وطالب عباس المواطنين بالشكوى في حال وجود أي إشكاليات متعلقة بالنظافة العامة من خلال الاتصال على الرقم التالي: 0995673868

مشكلة النفايات

في تحقيق سابق لعنب بلدي حول النفايات في سوريا، فإن مشكلة انتشار النفايات وتراكمها لا تعد جديدة، لكنها تفاقمت مع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا بعد عام 2011، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترفًا بها في سوريا قبل ذلك العام.

وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة منظمة “PAX” الهولندية.

قبل 2011، ورغم جمع النفايات المنزلية، فإن مدافن النفايات كانت جميعها مفتوحة، وكثيرًا ما يتم حرق النفايات غير المكشوفة في حفر مفتوحة ولا يتم التخلص من النفايات الخطرة بشكل منفصل، ومع مرور السنوات أدى تصاعد العنف والصراع إلى تفاقم الوضع، وفق تقرير منظمة “PAX“.

وبسبب الانهيار شبه الكامل لخدمات إدارة النفايات، لا تزال كميات كبيرة من النفايات ملقاة في الشوارع في جميع أنحاء البلاد، ولجأت العديد من البلديات إلى مثل هذه التدابير كالحرق أو الإغراق غير المنضبط، ما زاد التهديد من انتشار الأمراض والطفيليات.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة