تعا تفرج

حدود سوريا.. الاستعمارية

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

حديثان، نشرتهما في زاوية “تعا تفرج”، خلال الأسابيع الماضية، عن الزعيمين إبراهيم هنانو، وفخري البارودي، فتحا شهيتي على سرد وقائع أخرى، وطرح أسئلة جديدة، على أمل أن نصل إلى إجابات تفيدنا، في قادم الأيام.

ينتمي القسم الأكبر من الشخصيات السياسية، التي ظهرت في النصف الأول من القرن الـ20، إلى الدولة العثمانية، إما بالولادة، أو بالدراسة، أو بالعمل، فإبراهيم هنانو، درس الحقوق في اسطنبول، وعينته الدولة العثمانية قائمقامًا على “أرظروم”. يوسف العظمة، الذي كان وزير الحربية في الحكومة الفيصلية، وخرج في شهر تموز 1920، ليواجه قوات الجنرال غورو، في منطقة ميسلون، كان ضابطًا في الجيش العثماني، برتبة “يوزباشي”، أي نقيب، وهذا يؤكد الفرضية التي انطلقتُ منها في الحديثين اللذين أشرتُ إليهما، وهي أننا، أبناء هذه البلاد، نقبل بأي نوع من الاحتلال لبلدنا، إذا كان المحتل مسلمًا، ونحارب أي محتل غير مسلم، وهذا يوصلنا إلى نتيجة ليست سارة، ملخصها أننا لسنا ضد مبدأ “الاحتلال” بحد ذاته.

عُرفت هذه البلاد، في الأزمنة القديمة، باسم سوريا، ولكنها، خلال الـ400 سنة، التي وقعت خلالها تحت الاحتلال العثماني، سميت “الشام”، ولم تكن لها، قبل تقسيمات “سايكس بيكو”، حدود، أو خرائط تسميها سوريا، وهذا يوصلنا إلى نتيجة مؤسفة، وهي أن الوطنية السورية لم تتشكل قبل بدء الانتداب الفرنسي، وإن كان الملك فيصل بن الحسين قد أسماها، يوم 8 من آذار 1920، المملكة السورية العربية، إلا أن تلك المملكة لم تعش سوى أربعة أشهر، لأن فيصل غادر البلاد، بعد إنذار غورو الشهير، في تموز 1923، وخلال الحقبة الفرنسية، بدأ الحديث عن سوريا يظهر في خطابات الرجال الوطنيين السوريين، الذين راحوا يطالبون باستقلال سوريا، وتجدر الإشارة هنا، إلى أن فرنسا، في بداية عهدها، قسمت سوريا إلى دويلات، ثم وحدتها.

خلال قرن كامل، من عمر سوريا، لم يتعلم السوريون، مع الأسف، معنى أن يكونوا مواطنين سوريين، يدافعون عن سوريا وحدها، لا ينازعهم على حبها أي انتماء آخر، ولا يعملون لغير بنائها، ونهضتها، وازدهارها.. فالقوميون، من بعثيين وناصريين، كانوا يعتبرون حدودها استعمارية، مصطنعة، وقد تعلمنا، من المناهج الدراسية البعثية، أن اتفاقية “سايكس بيكو”، الاستعمارية الحقيرة، ليس لها هدف سوى تجزئة الوطن العربي الكبير، إلى أقطار ودويلات صغيرة، وأما جماعات الإسلام السياسي، فلا تعترف بمبدأ المواطنة من عين أصله، وتشير إلى قول سيد قطب، بأن “الوطن ليس إلا حفنة من تراب عفن”، ويبدو أن البعثيين والإسلاميين، كانوا متفقين، ضمنًا، على رفض فكرة المواطنة، وهذا أدى إلى اعتبار قضية السوريين الأساسية هي قضية فلسطين! وعلى هذا الأساس (القومي/الديني) زجت سوريا نفسها في صراع طويل، مع المشروع الإسرائيلي، وكرست طاقات سوريا الاقتصادية والبشرية لخدمة هذا الصراع، فخضنا الحروب، ومُنينا بالهزائم، حتى وصلنا، اليوم، إلى حالة مقلوبة، تتلخص في أننا نرى إسرائيل تتوغل في بلادنا، ونسكت، وليس لنا هدف، غير أن نحافظ على حدود سوريا، بحسب ما رسمها المستعمرون، قبل مئة سنة!

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة