
ارتفعت أسعار العقارات داخل مدينة إدلب بسبب زيادة الطلب - 18 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
ارتفعت أسعار العقارات داخل مدينة إدلب بسبب زيادة الطلب - 18 آذار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
إدلب – سماح علوش
بدأ محمد السيد رحلته في البحث عن منزل يشتريه من أجل الاستقرار في مدينة إدلب شمالي سوريا، بعد لجوء دام 10 سنوات في تركيا، لكنه فوجئ بارتفاع أسعار العقارات داخل المدينة، فهي لا تتناسب مع مدخراته في سنوات اللجوء.
أسعار العقارات كانت صادمة لمحمد، فهي ترتفع يومًا بعد آخر، وقال لعنب بلدي، إن منزلًا عُرض عليه بداية العام الحالي (ثلاث غرف وموزع) في شارع “الثلاثين” بالمدينة بسعر 19 ألف دولار أمريكي، ارتفع سعره ليصل مؤخرًا إلى 26 ألف دولار، بعد عزمه على الشراء، ليتراجع عن قراره، ويواصل البحث.
منذ سقوط النظام السوري، ارتفعت أسعار العقارات في مدينة إدلب، بينما شهدت المناطق الحدودية انخفاضًا ملحوظًا بالأسعار، وركودًا بعملية البيع والشراء، بعد أن كانت أسعارها في ذروة الحرب وأيام القصف مرتفعة مقارنة مع العقارات في المدن.
خابت توقعات أصحاب العقارات في إدلب، فبعد سقوط النظام، توجه بعضهم لبيع منازلهم بأسعار أقل من التكلفة، ظنًا أن المدينة سوف تشهد عودة أعداد كبيرة من المهجرين والنازحين إلى مدنهم وبلداتهم، وبالتالي يخف الطلب على العقارات، وينخفض سعرها عما كانت عليه قبل التحرير، ما قد يتسبب بخسارتهم، لكن ما جرى هو العكس.
باعت السيدة فاطمة منزلها المؤلف من خمس غرف نهاية عام 2024، بسعر 40 ألف دولار أمريكي، ليعاود من اشتراه بيعه بسعر 48 ألف دولار، وشعرت بالخيبة عندما بدأت بالبحث عن منزل آخر بمواصفات مماثلة أو أفضل وبسعر مناسب، لكن دون جدوى.
ويلعب الموقع، والاتجاه، والطابق، والمساحة، وعدد الغرف، دورًا في تحديد سعر البيت، فتبدأ الأسعار من 9000 دولار وصولًا إلى 100 ألف دولار وربما أكثر، وفق جولة لعنب بلدي على أصحاب المكاتب للاطلاع على الأسعار والمواصفات.
المهندس المعماري فضل الله أكتع، قال لعنب بلدي، إن الأسعار ارتفعت تدريجيًا بنسبة وصلت إلى 25%، متوقعًا أن تصل النسبة خلال الفترة المقبلة إلى 40% وربما أكثر.
الارتفاع لم يقتصر على مدينة إدلب، بل شمل جميع المدن الرئيسة كدمشق وحلب، بحسب صفوان، وهو تاجر يملك مكتبًا عقاريًا بإدلب، مرجعًا السبب إلى أن السوريين التمسوا الأمان الذي فقدوه أيام حكم النظام السابق، وزال الخوف من خسارة المنزل أو تعرضه للقصف، أو تهجيرهم من جديد، لا سيما أن النظام السابق قبل سقوطه صعّد من حربه الإعلامية، وأوهم أهالي الشمال السوري أنه يستعد لاستعادة تلك المناطق.
وأضاف التاجر لعنب بلدي أن الطلب ازداد على شراء العقارات في إدلب، سواء من قبل الأهالي المقيمين أو المغتربين الذين أرادوا تأمين مستقبلهم في سوريا، ليضمنوا مأوى يجدونه عند عودتهم إلى سوريا.
ويتطلع بعض السوريين المقيمين في الدول الأوروبية للعودة والاستقرار في سوريا، ومنهم علي المنحدر من ريف إدلب الجنوبي والمقيم في ألمانيا، والذي قرر شراء منزل في مدينة إدلب.
وفق الشاب، وبعد تفكير مطوّل، تساءل في نفسه لمَ يتكبد عناء إعادة بناء منزله المدمر، والبدء من الصفر، وتحمل النفقات والتكاليف، ومتابعة العمال، لذلك ارتأى أن يشتري منزلًا جاهزًا في المدينة، لأنها مخدّمة أكثر من بلدته المحررة حديثًا، والتي تفتقر للخدمات الأساسية من ماء وكهرباء، ومراكز صحية وتعليم وغيرها.
ولارتفاع أسعار مواد البناء وأجور اليد العاملة دور كبير في ارتفاع أسعار العقارات بإدلب، حيث بلغت نسبة ارتفاع أسعار المواد تقريبًا 25%، بحسب متعهد البناء المهندس كمال الدين شاوي.
ثائر عباس، مهجر سابقًا من ريف دمشق، كان يعمل مدخل بيانات بإحدى المنظمات في أطمة الحدودية مع تركيا، اشترى قطعة أرض وبنى فيها منزلًا بكلفة تقارب 9 آلاف دولار.
انتهى عقد المنظمة، فكان خياره الأمثل بيع عقاره والعودة إلى بلدته، لكن بعد ثلاثة أشهر على عرضه لدى المكاتب العقارية، لم يتمكّن من بيعه بأكثر من 5 آلاف دولار.
ووفق رصد عنب بلدي، فإن المناطق الحدودية شمالي إدلب، والتي كانت ملاذ المهجرين والنازحين، ومقصدًا لبناء غرف ومنازل مؤقتة، شهدت انخفاضًا في أسعار العقارات، وصل في بعضها إلى 70%.
المهندس المعماري فضل الله أكتع أكد لعنب بلدي أن أسعار العقارات انخفضت في أرياف إدلب لعدة أسباب، فبعد تحرير سوريا وزوال آلة القصف التي بسببها التجأ الأهالي للمناطق الحدودية، والأرياف شبه الآمنة حينها، كأطمة ودير حسان وسلقين، لم يعد هناك داعٕ لبقائهم فيها، ما عزز الرغبة لديهم بالعودة إلى مدنهم الأصلية.
وأضاف أكتع أن توقف غالبية المنظمات الإنسانية عن العمل في الأرياف، وعن دعمها بالمشاريع الخدمية التي كانت توفر فرص عمل شبه دائمة للقاطنين فيها، كان من أبرز الأسباب لتركهم تلك المناطق، ورغبتهم ببيع عقاراتهم رغم الخسارة.
وترتبط أسعار المنازل وبدلات الإيجار في المنطقة بشكل أساسي بقانون العرض والطلب، دون النظر إلى الحالة الاقتصادية للمواطنين، ودون وجود أي ضوابط لحمايتهم في الوقت الحالي، ما يسهم في استغلال أصحاب المنازل حاجة المواطنين ورفع الإيجارات.
صارت العقارات متاحة بكثرة، بعدما كان العثور على سكن يشكّل أزمة في مدينة إدلب، التي تحوّلت إلى ملاذ للنازحين والمهجّرين من مختلف المدن والبلدات السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى