
اجتماع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع مع أعضاء لجنة تقصي الحقائق - 10 من آذار 2025 (سانا)
اجتماع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع مع أعضاء لجنة تقصي الحقائق - 10 من آذار 2025 (سانا)
عنب بلدي – علي درويش
هجمات كر وفر لفلول النظام السابق، آلاف المقاتلين توجهوا إلى مناطق الساحل السوري لصد هذه الهجمات، الخاسر الأبرز في هذه الأحداث كان القوات الأمنية الحكومية إلى جانب المدنيين.
الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، سارع إلى الظهور للتعليق على الأحداث التي بلغت أوجها بين 6 و8 من آذار الحالي، وشكل لجنتين، إحداهما للسلم الأهلي، والأخرى للتحقيق والتقصي.
قرار تشكيل اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي، صدر في 9 من آذار، وضمّت ثلاثة أعضاء، هم حسن صوفان، والدكتور أنس عيروط، والدكتور خالد الأحمد، وكُلفت بالتواصل المباشر مع الأهالي في الساحل السوري للاستماع إليهم، وتقديم الدعم اللازم لهم بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم.
كما ستعمل اللجنة على تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة، بحسب نص القرار.
أما لجنة التحقيق وتقصي الحقائق، فمهامها الكشف عن الفاعلين في عمليات قتل المدنيين خلال العمليات العسكرية، إلى جانب مهام أخرى، لكن هذه اللجنة من المتوقع أن تواجه عوائق في عملها.
الباحث في الشأن السوري عبد الرحمن الحاج، أوضح أن اللجنة هي الخطوة الأولى التي تسبق المحاكمات، فمهمتها الرئيسة التحقيق للكشف عن حقيقة ما حدث في الساحل، وتحديد الفاعلين والمتسببين بتلك الأحداث الدموية، والمشتبه بهم، والضحايا، وجمع الأدلة والشهود وحمايتهم وتقديم الجناة للعدالة.
وأضاف الحاج لعنب بلدي أن الشرع أصدر القرار بسبب الطبيعة السياسية والأمنية للأحداث، وبصفته رئيس السلطة التنفيذية، وكان يمكن إصدار مثل هذا القرار من وزير العدل، لكن أهمية اللجنة وحساسيتها دفعت على ما يبدو الشرع إلى تشكيلها، و”صدورها عن الشرع يكسبها الأهمية اللازمة”.
مدى حيادية اللجنة يرجع إلى سمعة القضاة وأعضاء اللجنة، وهم يتمتعون بالسمعة الطيبة والنزاهة اللازمة، وكان لهم موقف من “هيئة تحرير الشام” (موقف معارض لها)، ومعظمهم قضاة منشقون، “أي أنهم ليسوا جزءًا من السلطة وليسوا طرفًا، مما يضمن في الحد الأدنى النزاهة اللازمة”، وفق تعبير الحاج.
وتضم اللجنة القضاة هنادي أبو عرب وجمعة الدبيس العنزي وخالد عدوان الحلو وعلي النعسان وعلاء الدين يوسف لطيف، والعميد عوض أحمد العلي، والمحامي ياسر الفرحان.
بحسب بيان رئاسة الجمهورية حول اللجنة الصادر في 9 من آذار، يناط باللجنة:
ويتعين على جميع الجهات الحكومية المعنية التعاون مع اللجنة بما يلزم لإنجاز مهامها، كما يحق للجنة الاستعانة بمن تراه مناسبًا لأداء مهامها، وترفع تقريرها إلى رئاسة الجمهورية في مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ صدور القرار.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة، المحامي ياسر الفرحان، خلال مؤتمر صحفي عقد بدمشق، في 11 من آذار الحالي، أن اللجنة ستضع برنامجًا لمقابلة الشهود وكل من يمكنه المساعدة في التحقيق، وتحديد المواقع التي يجب زيارتها، ووضع آليات للتواصل مع اللجنة، والتي سيتم الإعلان عنها قريبًا.
وقال الفرحان، إن اللجنة ستكون موجودة على الأرض، وستستمع إلى شهود عيان، ولن تكتفي بما ينشر على وسائل التواصل من مقاطع مسجلة.
وستفصح اللجنة عن نتائج تحقيقاتها، وستلتزم بالحفاظ على خصوصية الشهود وستقدم هذه النتائج إلى القضاء والمحاكم المختصة، كما تعمل على تحضير لوائح بالشهود المحتملين مع توفير حماية لأي شاهد يطلب الإدلاء بإفادته تحت برنامج حماية الشهود.
الفرحان اعتبر أنه “لا أحد فوق القانون”، مؤكدًا أن اللجنة ستقدم ما تتوصل إليه من نتائج إلى رئاسة الجمهورية وإلى القضاء، الذي بدوره يجرّم أو يحكم بالبراءة.
أشار عبد الرحمن الحاج إلى العوائق الرئيسة التي ستواجه عمل اللجنة، وتكمن بالدرجة الأولى في طمس الأدلة والتلاعب بها، ومحاولة الأطراف المختلفة التأثير عليها، وخوف الشهود من الإدلاء بشهادتهم، وحماية الأدلة التي عثروا عليها.
يضاف إلى ذلك أن المدة الزمنية المحددة لعمل اللجنة قد لا تكفي للوصول إلى نتائج حاسمة، لذلك فهي تبذل جهودًا هائلة للتوصل إلى نتائج تحقيق حاسمة ويمكن الوثوق بها، وفق تعبير الحاج.
وإذا ثبت تورط قادة مقربين من الرئيس الشرع، فلن يكون بإمكان الرئيس سوى إخضاعهم للمحاكمة، والتزامه هذا يعزز ثقة الناس بالدولة ويرسخ حكم القانون، ومن مصلحته ومصلحة البلاد الالتزام بنتائج التحقيق ومحاسبة الجناة، وفق الحاج.
بكلمته في 9 من آذار الحالي، تعهد الشرع بمحاسبة أي شخص قتل مدنيين، بقوله، “لن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلًا غير آجل”.
وقال إن الدولة السورية تجرّم أي دعوة أو نداء يسعى للتدخل في شؤون سوريا أو يدعو لبث الفتنة أو تقسيم سوريا، “فلا مكان بيننا لمثل تلك الدعوات، سوريا بكل مكوناتها ستظل موحدة بعزيمة شعبها وقوة جيشها، ولن نسمح لأي جهة كانت أن تعبث بوحدتها الوطنية، أو تفسد السلم الأهلي”.
وشدد الشرع على أن سوريا لن تجر إلى حرب أهلية، “سوريا ستظل صامدة ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية أن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية، ونحن على العهد ماضون مصممون على المضي قدمًا نحو المستقبل الذي يليق بشعبنا العظيم”.
في 6 من آذار، هاجمت مجموعات من فلول النظام السابق نقاطًا وحواجز لـ”إدارة الأمن العام” وقطعًا عسكرية تتبع لوزارة الدفاع، ولم تسلم المستشفيات وحتى سيارات المدنيين من هذا الهجوم.
حوصر خلال الهجمات عناصر من وزارة الدفاع و”إدارة الأمن العام” وسقط العشرات منهم إلى جانب مقتل مدنيين، وقوبل ذلك بإرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة لإيقاف الهجوم وفك الحصار، ورافق التعزيزات توجه مجموعات عسكرية إلى المنطقة دون تنسيق واضح مع وزارة الدفاع أو الأمن العام.
الاشتباكات احتدت بين الطرفين، واستطاعت أخيرًا القوات الحكومية السيطرة على الموقف، لكن أدت العمليات العسكرية إلى مقتل مدنيين.
الرئيس الشرع حمّل فلول النظام السابق من “الفرقة الرابعة” التي كان يقودها ماهر الأسد، ودولة أجنبية متحالفة معهم (لم يسمِّها)، مسؤولية سفك الدماء في الساحل السوري، لإثارة الاضطرابات وخلق فتنة طائفية، مع الإقرار بحدوث عمليات انتقام تلت ذلك.
“الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثقت مقتل 803 أشخاص في الفترة ما بين 6 و10 من آذار، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.
وسجلت الشبكة مقتل 172 عنصرًا على الأقل من القوات الأمنية والشرطية والعسكرية (قوات الأمن الداخلي ووزارة الدفاع)، و211 مدنيًا بينهم أحد العاملين في المجال الإنساني على يد المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد، والتي هاجمت أيضًا ستة مستشفيات في طرطوس واللاذقية.
كما وثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 420 شخصًا من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح “على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية (الفصائل والتنظيمات غير المنضبطة التي تتبع شكليًا لوزارة الدفاع).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى