الحسكة.. مزارعو القطن يتخوفون من تكرر خسارتهم بتسعيرة المحصول

ينتظر مزارعو القطن في الحسكة تسعيرة مناسبة للمحصول - 12 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

camera iconينتظر مزارعو القطن في الحسكة تسعيرة مناسبة للمحصول - 12 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

يتخوف مزارعو القطن في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا من عدم وضع سعر للمحصول يعوض التكاليف التي تكبدوها، بعد أن بذلوا الكثير من الجهد والوقت، مع بدء قطافه في بعض الأراضي منتصف أيلول الحالي.

ورغم وعود “الإدارة الذاتية” بشراء المحصول وترك هامش ربح للمزارع، فإن المخاوف لا تزال حاضرة، لأن موسم 2023 كان “كارثيًا”، إذ حددت “الإدارة” حينها سعر الطن الواحد من القطن “المحبوب” بـ800 دولار أمريكي، دون إعلانها شراء المحصول من المزارعين، مع سماحها بتصديره خارج تلك الأراضي.

الري مكلف

المزارع نزال الحسين (49 عامًا) من ريف القامشلي، قال لعنب بلدي، إن هناك مخاوف من أن تكون الأسعار التي سيتم تحديدها أقل من تكاليف الإنتاج، ما يكبد الفلاحين خسائر فادحة، حيث يعتمدون على بيع المحصول لتغطية تكاليف العام وتحقيق هامش ربح يعيلهم.

يملك نزال خمسة هكتارات مزروعة بالقطن، تسقى بمياه البئر بواسطة مضخة تعمل بالمازوت، ولولا التخوّف من تحديد تسعيرة منخفضة أو التراجع عن شراء المحصول لكانت المساحة التي يزرعها نزال ضعف الحالية، حسب قوله.

ذكر المزارع أن تكلفة الهكتار تتراوح بين 1000 و1500 دولار أمريكي، لأن الوقود الذي تقوم “الإدارة الذاتية” بتوزيعه لا يكفي، إذ تقدم ألف ليتر مازوت على فترات متقطعة غير منتظمة تكفي لأقل من أسبوع فقط، بسعر مدعوم 950 ليرة سورية لليتر، ما يضطر العديد من الفلاحين لشراء مازوت من السوق السوداء بسعر يصل إلى 5000 ليرة سورية لليتر الواحد.

ويفترض أن تعطي “الإدارة” 20 ليترًا لكل دونم عند كل سقاية (السقاية قد تطول أسبوع أو أكثر حسب مساحة الحقل)، لكن لا يحدث التزام بمواعيد التسليم، وهناك دائمًا تأخير، وفق المزراعين.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن المزارعين يطالبون بأن تكون تسعيرة طن القطن نحو ألف دولار (15 مليون ليرة سورية).

ويحتاج القطن إلى خدمة ورعاية قبل وبعد الزراعة مثل “العزيق والتفريد والري” ومصاريف عمالة، وفق المزارع جمعة الكريم (51 عامًا) في ريف القحطانية الغربي، لذلك يعتبر من المحاصيل المكلفة في زراعتها.

ويرى المزارع في حديثه لعنب بلدي أن أي تسعيرة لا تبلي طموحات المزارعين وتغطي التكاليف تعني “انهيار هذه الزراعة وتحمل المزارعين المزيد من الديون”.

ينتظر مزارعو القطن في الحسكة تسعيرة مناسبة للمحصول - 12 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

ينتظر مزارعو القطن في الحسكة تسعيرة مناسبة للمحصول – 12 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

مساحات تراجعت

المهندس الزراعي طارق العايد من ريف الحسكة، قال لعنب بلدي، إن زراعة القطن في محافظة الحسكة تعد ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، وتسهم بشكل كبير في تأمين فرص العمل والدخل للسكان، ومع ذلك، يواجه هذا القطاع الحيوي تحديات دون حلول جذرية.

وانخفضت المساحات عن الموسم السابق بعد الخسارة التي تكبدها المزارعون جراء عدم شراء “الإدارة” لموسم القطن، ووقوعهم ضحية للتجار، ورغم ذلك بقي الدعم ضعيفًا ومحدودًا، وبقي المزارع يعتمد على مجهوده الشخصي في تأمين كل مستلزمات هذه الزراعة من محروقات وأسمدة وبذار.

وأضاف المهندس أن الموسم الحالي يعتبر جيدًا، والإصابات فيه دون الخطرة، وهناك بعض المساحات قد بدأ قطافها فعلًا، لكن القطن يعتبر من المحاصيل “المنهكة” للتربة، لذلك هو بحاجة لدعم بالسماد ورش المبيدات باستمرار، ما يزيد من مصاريفه.

وذكر أن مشاريع الري بالطاقة الشمسية وفّرت على المزارعين ثمن المحروقات، لكن تركيبها مكلف ويبلغ على الأقل نحو 15 ألف دولار أمريكي، ولا يملك معظم المزارعين القدرة على ذلك.

وعود بهامش ربح

تقع معظم المساحات المزروعة بالقطن في المحافظة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”، التي وعدت بشراء القطن للموسم الحالي، إذ “سيتم حساب التسعيرة النهائية لشراء المادة بعد وضع هامش ربح مناسب للمزارع”، وذلك بحسب حديث ولاء المحمد، الرئيسة المشتركة لـ”مؤسسة الأقطان” لموقع “نورث برس” المقرب من “الإدارة الذاتية”.

وقالت إن المساحات المزروعة بالقطن بلغت 425 ألف دونم (42 ألفًا و500 هكتار في المناطق الثلاثة الحسكة والرقة ودير الزور)، حسب “كشوفات مؤسسة الأقطان”، مع توقعات باستلام ما بين 75 ألفًا إلى 100 ألف طن من القطن في ثلاثة مراكز محددة في الحسكة والرقة ودير الزور.

في حين ذكرت مديرية الزراعة في الحسكة التابعة للنظام السوري، أن مساحات القطن لهذا الموسم بلغت 4775 هكتارًا من مجمل المساحة المخططة من قبل لجنة الزراعة الفرعية والبالغة 5450 هكتارًا.

وكان موسم 2023 “كارثيًا” على المزارعين، لأن قرار تحديد السعر دون شراء كان وفق مزارعين “الضربة القاضية” التي أجهزت على محصولهم بعد تكاليف من محروقات رفعت سعرها “الإدارة الذاتية” منتصف أيلول 2023، وأسمدة غالية وكلفة تشغيلية مرتفعة، وإصابة المحصول بأمراض.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة