يبكي شباب داريا قبور “الشهداء” قبل مغادرتهم مدينتهم اليوم، الجمعة 26 آب، والتي بقيت عصية على قوات الأسد أكثر من أربع سنوات، قتل خلالها أكثر من ألفي شخصٍ من المواطنين ومقاتلي “الجيش الحر”.
لطالما كانت مقابر مدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق، مقصدًا للعشرات من أهلها، وخاصة “مقبرة الشهداء”، إلا أنها ستغدو اليوم خالية إلا من أرواح من في القبور، بموجب الاتفاق مع النظام السوري.
وغصّت المقابر منذ أمس بالأهالي الذين ودعوا أحباءهم وغصّت معها قلوبهم، ترجمتها دمعات حزن على وجوه مكسورة، قبل خروجهم إلى المجهول، كما يقولون.
مشهد لم تكن تعيشه مقابر داريا بهذه الأعداد إلا في “الأعياد”. شباب ونساء يبكون مودعين أقاربهم، فهم لن يروها مجددًا إلا إن عادوا بمعركة كبيرة للمعارضة تعيدهم إلى بلدهم.
“آخر مرة بضمك فيها وبشم ريحتك يا ابني”، تقول إحدى النساء، مودعة قبر ولدها الذي قتل العام الماضي، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بـ”الوداع الأخير”، وربما يكون أصعب من يوم زفه “شهيدًا”.
بينما يعتبر أحد مقاتلي “الجيش الحر”، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن القبور “سيدنسها جنود الأسد عقب خروجنا دون أن نستطيع منعهم”.
ولم يكن عناصر الدفاع المدني يتخيلون خروجهم بعيدًا عن مدينتهم، أو ربما أن يزوروا مقبرة لطالما أعادوا ترميهما إثر قصف مكثف طالها عشرات المرات، تاركين شواهد القبور شاهدة على بطولات وتضحيات أصحابها دفاعًا عن مدينتهم.
وأنهى الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة مثلت فعاليات داريا العسكرية والمدينة مع وفدٍ للنظام السوري، بخروج المدنيين والعسكريين منها إلى ريف دمشق وإدلب، أيقونة “مدينة العنب”، كما يصفها ناشطو سوريا، متغنين بـ “صمود” لم تشهده مدينة أخرى.