رغم تفوق عيسى وحيازه المرتبة الثانية على مستوى محافظته إدلب، إلا أنه قرر الانضمام بصفوف المقاتلين، بعدما استنفد السبل في الالتحاق بجامعة لمتابعة دراسته.
معظم الشباب في المناطق المحررة لم يتح لهم متابعة دراستهم الجامعية أو توقفت في الجامعات السورية، لأسباب أمنية خشية الاعتقال أو خوفًا من سحبهم للخدمة الاحتياطية، ما جعل معظم الشهادات الجامعية الموجودة في هذه المناطق صادرةً بتواريخ قديمة قبل الثورة.
التقدم للثانوية العامة كان أولى العقبات التي واجهها عيسى إلا أنه أنهاها بمعدل ممتاز (93%)، فحاز بذلك المرتبة الثانية على مستوى إدلب، لكن عقبات أخرى واجهته منعته من إكمال دراسته خارج البلاد.
الدراسة خارجًا هو البديل الذي اتخذه الكثير من الطلاب لإكمال دراستهم أو متابعتها، لكن بعض الإجراءات المتخذة، والتي تعتبر باهظة التكاليف في كثير من الأحيان، حالت دون الكثير منهم، كامتحان “اليوس” في تركيا وشهادة اللغة أو ربما تطلبت الجامعة وضع مبلغ بنكي معين قد يصل إلى آلاف الدولارات.
قدم عيسى طلبات عدة لجامعات كثيرة لكن ثمة أسباب حالت دون سفره، ما جعله يثني عن إكمال دراسته والانضمام لصفوف المقاتلين، كخطة بديلة مجدية على أرض الواقع، فسجل اسمه في إحدى المجموعات المقاتلة في منطقته.
طلاب الجامعات الذين لم يكملوا دراستهم يشكلون نسبة كبيرة في صفوف المقاتلين، عمل بعضهم في مجاله، كصنع القنابل والألغام لدارسي الكيمياء، وحفر الأنفاق للمهندسين، بينما ترك البعض الآخر مجموعته بعد مدة ليغادرها تاركًا مكانه فارغًا.
فتح عيسى بريده الإلكتروني ليجد قبولًا من معهد إحدى الجامعات التي افتتحت في إدلب، التي قدم طلبًا إليها، بعد أن فقد أمله بمتابعة الدراسة، وبسبب قرب الجامعة من مدينته قرر الذهاب إليها.
وقدمت بعض الجامعات فرصًا للدراسة فيها في الداخل السوري، كجامعة “رشد الافتراضية” ومعهد “أديكسل” البريطاني، وتلقى تلك المنح إقبالًا واسعًا من الطلاب رغم المبالغ التي ستواجههم للحصول على شهادتها ورقية، التي قد تصل إلى 2500 دولار لبعض المجالات.
لا تستطيع هذه الجامعات تأمين خبراء في فروعها داخل سوريا، ولتفادي ذلك يقوم المدرسون بالتواصل مع طلابهم عبر منصات على الإنترنت، وبذلك يتم توفير أفضل الخبراء للطلاب، منهم أستاذة في جامعات رائدة كـ “كامبريدج” البريطانية.
ذهب عيسى لمقابلة حددها المعهد، فحاز على قبول مبدئي لدراسة الدبلوم، وتفاجأ بوجود فرص لدراسة مجالات مختلفة من تصميم وإدارة أعمال وبرمجة، بعضها لم يكن متوفرًا في السابق في الجامعات السورية.
ويعتبر الدبلوم شهادة “متوسطة”، ويقسم إلى نوعين: الأول فوق المتوسط، ويمكن دراسته قبل البكالوريوس، والآخر متقدم يمكن دراسته بعد إنهاء المرحلة الجامعية، ويعتبر مرحلةً مبدئيةً للدراسات العليا، وتستمر دراسته من خمس أشهر لتصل إلى سنتين تقريبًا.
بعض التجارب التعليمية السابقة تعتبر مصدر تفاؤل للطلاب، وتعد التجربة اليابانية من أكثر التجارب غرابة ونجاحًا، فالدولة الوحيدة التي استخدم فيها السلاح النووي أصبحت الآن محطّ أنظار العالم، إذ يصل تعداد المهندسين والعلماء فيها إلى 60 ألف لكل مليون نسمة، العدد الذي يفوق فرنسا وبريطانيا وألمانيا مجتمعة.
قرر عيسى إكمال دراسته عازمًا أمره على الانضمام لصفوف المقاتلين بعد إنهائها، حجته لذلك أن بناء البلد يحتاج علمًا وقوة، وأن قائمة البلد لن تقوم إلا بهذين الجناحين.